Al Jazirah NewsPaper Saturday  21/08/2010 G Issue 13841
السبت 11 رمضان 1431   العدد  13841
 
لَقد أودعوا قلبي الثرى
ابنتك/ الجوهرة إبراهيم العوهلي أم إبراهيم الهويش

 

الحمد لله الذي لا يحمد بحق سواه سبحانه خلق الموت والحياة وجعلنا ودائع في أرضه يستوفي وديعته متى شاء اللهم لا اعتراض على قضائك وقدرك.

فأبي هو عيني التي أرى بها وقلبي النابض في جسدي وهو وديعة وأنتَ استوفيتها.

لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش الكريم.

عام مضى وبالتحديد في نهاية شهر شعبان من العام الماضي توفي والدي الشيخ: إبراهيم بن عبد الله العوهلي

وأودعوه الثرى... اعتصر قلبي الحزن واسودت الدنيا في عيني ليس اعتراضاً على قضائه وإنما من هول ما سمعت !

ساعتان من الزمن تفصل بين خروجي من عنده وبين وفاته، نزل الخبر كالصاعقة على رأسي، فأنا أول من تلقى الخبر من بنياته أو من زهراته كما يحلو له تسميتنا، بعدها لم أشعر بشيء من حولي وفقدت وعيي فقبل سويعات كنا نتحلق حول سريره وملك الموت بيننا ليستل روح أغلى من في الوجود، بكينا وبكينا ورفضنا الخروج من عنده إلى أن سُمح لنا بالدخول عليه لتطمئن قلوبنا، فماذا رأينا ؟

رأينا وجها مشرقا كالبدر وابتسامة مودع لم يدر بخلدنا أنها الابتسامة الأخيرة.

وعند توديعه في المغسلة انبهرنا من نور وجهه ونضارته وكأنه شاب في العشرين من عمره، كيف لا ! وهو الذي كرَس حياته براً بوالدته الكفيفة ولم يتزوج حتى توفيت لكي لا يقصر في خدمتها.

كيف لا ! وهو الذي أُصيب بفقد زوجته وهي في عز شبابها وتركت له أطفالاً صغاراً لم تبلغ أصغرهم السنتين من عمرها.

كيف لا ! وهو الذي فُجع بغرق أغلى أبنائه إلى قلبه ( خالد ) وهو في مقتبل عمره ومع ذلك كان صابراً محتسباً صامداً كالجبل الشامخ في مواجهة هذه الفواجع.

دائم الابتسامة متسع الصدر متسامح لا يغضب إلا في حق، محباً للقريب وللبعيد يعطف على الصغير والكبير واصلاً لرحمه، مُصحفه لا يفارقه والآذان هو سلوته.

راوية عظيم وشاعر كبير من أفضل شعراء (القويعية).

توفيت والدتي وأنا صغيرة فكانت بالنسبة لي كالمسافر أنتظر عودتها في كل عيد ومنذُ ثلاثين عاماً وأنا أنتظر ولا زلت.

فوجدنا فيك حنان الأم المفقود فتضاعفت لوعة فقدك، عام مضى وأنت تحت الثرى لم أنسك لحظة واحدة ولم يداعب النوم أجفاني قبل أن تبتل مخدتي بالدموع التي أحرقت قلبي قبل خدي، في قلبي فراغ لن يستطيع أحد أن يملأه، أبي: مصحفك يناديك وكتب الأدب والشعر اشتاقت إليك عندما فقدتك فقدت كل شيء جميل في الحياة،

أحس بأن أحدا لم يصب مصابي في الدنيا، أحس بالوحدة من بعدك وعزائي في فقدك في كثرة المصلين والمشيعين الذين جاءوا من كل مكان.

بعدها أيقنت يقيناً تاماً بأنك تُخفي أموراً أبى الله إلا أن يظهرها في هذه الجموع المشيعة لك بعد موتك.

قد هان عليهم قلبي وأودعوه الثرى، هان عليهم أبي ودفنوه في التراب وهذه سنة الحياة وإكرامٌ للعبد بعد موته.

رحم الله والدي ووالدتي وأخي خالد رحمة واسعة وأسكنهم فسيح جناته والمسلمين أجمعين.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد