Al Jazirah NewsPaper Sunday  22/08/2010 G Issue 13842
الأحد 12 رمضان 1431   العدد  13842
 
د.غازي القصيبي
سلمان بن سالم الجمل

 

فُجِع الوطن برحيل قامة وطنية، وشخصية استثنائية، فهو الدبلوماسي والإداري والشاعر والروائي، هو المواطن الذي نال الثقة الملكية بدءاً من الملك فيصل، والملك خالد، والملك فهد رحمهم الله، وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله-

هو الوزير في عهود ثلاثة ملوك، وهو أول وزير يلقى ربه وهو على رأس العمل وزيراً للعمل، فمن ذا الذي لا يعرف غازي القصيبي.

ماذا عساي أن أكتب عن شخصية تبارت أقلام الأدباء في رثائها، والدبلوماسيين في نعيها، والمواطنين في حسن ذكرها، لعلي أتناول غازي القصيبي كشخصية شمولية ناجحة، فما هي مقومات هذا النجاح؟

في كتابه « حياة في الإدارة « كتب بعضاً من سيرته الإدارية وفكره الإداري، الذي يتلخص في: ترتيب الأولويات، إدارة الوقت، مهارة الاتصال، كيف تجعل الآخرين يحبونك لا يخافونك، الرفق والثواب أولاً، ثم الحزم والعقاب عندما يفشل الأسلوب الأول، الانضباط في الدوام بداية ونهاية، أسلوبه الإداري في الزيارات المفاجئة والوقوف على الخدمات كمواطن ومسئول، فكشف له كثير من الفساد الإداري الذي لا يمكن له أن يراه من خلف كرسي الوزير، وغير ذلك من الأساليب الإدارية الناجحة التي ذكرها بين دفتي كتابه الآنف الذكر، الذي تمنى عبدالرحمن السدحان أن يقرأه كل وزير وكل مدير ومن ولي مصلحة عامة وكل أستاذ وكل تلميذ، وكل خبير وكل باحث وكل مهتم بالإدارة.

لقد استطاع القصيبي أن يكسب ثقة المسئولين، بإخلاصه في عمله، ونزاهته وبما مكَّنَه الله من قدرات. لقد كسب ثقة الأمير سلطان في أول لقاء بينهما في مكتبة الجامعة، ويقول:» في لقائنا الأول تنبأ لي الأمير سلمان أنني سأصبح وزيراً ذات يوم «، انظر لأهمية اللقاء الأول.

رشحه عمران العمران لأول مهمة رسمية مهمة له كمستشار قانوني للجنة السلام لإنهاء الحرب الأهلية في اليمن دون أن يستشيره، وقال له: أنا أعرف بمصلحتك منك.. هذه فرصة قد لا تتكرر أبداً.. لقد كسب ثقة مسئوليه فكسب النجاح.

نجح في التعامل مع الإعلام، ونجح كقائد يمتلك الإقناع والتأثير، فمن منا لا يتوقف عند تصريح للقصيبي، أو مقابلة، أو قصيدة، أو رواية!

وبقي غازي الدبلوماسي، وغازي الإداري، وغازي الشاعر، وغازي الروائي، بقي ذكر من ملأ الدنيا وشغل الناس، كما هو حال محبه المتنبي، بقي ما بقي في ذاكرة الناس، ورحل غازي القصيبي إلى جوار ربه، رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه.

يقول في كتابه (حياة في الإدارة):

«كنت ولا أزال، من المؤمنين بحرية الإرادة المحكومة بقدر الله، وكنت، ولا أزال، أرى أن على المرء أن يخطط لمستقبله بكل ما يملك من قوة، وأن يعرف في الوقت نفسه أن إرادة الله، لا تخطيطه، هي التي سترسم مسار هذا المستقبل».



salmansjh@yahoo.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد