Al Jazirah NewsPaper Sunday  22/08/2010 G Issue 13842
الأحد 12 رمضان 1431   العدد  13842
 
جاء القرار بعد موجة جدل صاخبة وغير مسبوقة!
سلمان بن عبد الله القباع

 

قال تعالى :

(فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ).. وقال جل شأنه: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ).

جاءت عبارات الأمر الملكي من لدن خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - الموجهة لسماحة المفتي العام للمملكة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ موضحةً وواضعة القواعد المبنية من الإفتاء ومتى وكيف ومن يبث الفتوى، هذا الأمر السامي أتى بعد الجدال والسجال من قبل أسماء معروفة وغير معروفة، أسماء وضعت الهاجس والشك لدى المواطن من إصدار فتاوى، والضحية المواطن واضعاً هاجس الشك بين مخيلته ولا يعلم حتى أصبحت النفس تأوي وتهوي لتلك الفتاوى بين الرضاعة والأغاني واختلاط وغيرها من أمور لم ولن تقدم للمجتمع ما يفيد، وليست فتاوى في الآخر تعتبر ملموسة ومطلوبة للمواطن، فقد أصبحنا بين الشك والحقيقة, شاهدنا وقرأنا السجالات والردود بين المشائخ والدعاة حول نمط الفتوى والاختلاف في مضمونها، بل إن هناك فتاوى حديثة وفتاوى قديمة ومثبتة بحرمتها، ولكن أتى من أتى ونقض تلك الفتاوى حتى عدنا إلى مراجعة الذات في الأمور الحياتية، واصبحنا في حالة شك من ذلك!

وتضمن الأمر الملكي حفظ مكانة العلماء حيث احتوى على تحذير شديد لمن انتقص من شأنهم سواء بالكلمة أو بالتدخل فيما عهد إليهم وأنيط بهم، مشدداً على أن كل من (يتجاوز هذا الترتيب فسيعرض نفسه للمحاسبة والجزاء الشرعي الرادع، كائناً من كان؛ فمصلحة الدين والوطن فوق كل اعتبار).

هنا يأتي القرار الحاسم والمفرح لمصلحة الدين الإسلامي أولاً ومصلحة المجتمع ثانياً، فنحن لم نعتد أو نذكر أن هناك فتاوى متشتتة ومتوزعة ويؤخذ بها من غير علم هيئة كبار العلماء، فأصبحت المسألة فوضى، وقد ثمنت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء الأمر الملكي الكريم الموجه من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى سماحة المفتي العام بالمملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبد العزيز آل الشيخ والجهات المعنية بقصر الفتوى على أعضاء هيئة كبار العلماء، والرفع لمن فيه الكفاية والأهلية التامة للاضطلاع بمهام الفتوى للإذن لهم بذلك.

ان الأمر الملكي قد صدر بعد أن انتشرت وتفشت مؤخراً فتاوى ومسائل كثيرة تضمنت كثيرا من الخروج عن مسلك الفتوى الصادر من قبل والخروج عن الأحكام الشرعية المعتبرة، وتتناقض وتتعارض من جوانبها مع مضمون الفتاوى الصادرة من هيئة كبار العلماء ومن المجامع والهيئات الفقهية الشرعية.

إن الأمر الملكي لهو ناضج من رجل حكيم رأى أن المسائل الدينية أصبحت متداولة على كل من رأى نفسه (مفتياً)، ورأى - حفظه الله - أن الفتاوى أصبحت مثل المأكل والمشرب يتفوه بها كل من حسب نفسه مفتياً عبر البرامج الدينية في القنوات الفضائية، ونحن على يقين بأن هيئة كبار العلماء وضعت للمسائل العامة والشرعية وموكلة بإصدار الفتاوى، فهي جهة شرعية وتنفيذية بإصدار الفتاوى ومعتمدة بعد الاجتماع للمناقشات بأي مسألة دينية وهي جهة مخولة بإصدار الفتاوى في القضايا العامة، وهي ما يجب أن تكون من اختصاص هيئة لها كفاءتها وقدرتها ومعرفتها من ذوي أهل الاختصاص ولا تكون عرضة للغط والأقوال الشاذة والانحرافات، وهذا ما ينص عليه أمر خادم الحرمين الشريفين.. وليس كل من تخرج من كلية أو قسم شرعي من إحدى الجامعات نعتبره مفتياً أو ما شابه، فقد تم توجيه السؤال لفضيلة الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله - عن ذلك وقد أجاب - رحمه الله - بأن الفتوى لها مختصون ومعتمدون من قبل المؤسسات الدينية لدينا، وليس كل من حمل الشهادة الجامعية يسمح له بأن يفتي أو نسميه مفتياً.. حفظ الله خادم الحرمين الشريفين وحفظ البلاد من الفتن.



s.a.q1972@gmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد