Al Jazirah NewsPaper Sunday  22/08/2010 G Issue 13842
الأحد 12 رمضان 1431   العدد  13842
 

الوطن يبكيه.. والأماكن تفتقده.. والقلوب تتساءل: وينه؟
مشاعر وقصص لم ترو عن غازي القصيبي

 

حائل - عبدالعزيز العيادة

أجمع عدد كبير من المسؤولين وأهالي منطقة حائل على فقد الوطن لأحد أهم أبنائه المخلصين برحيل معالي الدكتور غازي القصيبي وزير العمل سابقاً مؤكدين أن بصمات الفقيد وأعماله الخالدة في معظم المناطق والمجالات الإبداعية الأخرى هي أجمل تذكار باقي يذكر كل الأجيال بأن غازي القصيبي قد مر من هنا وأبدع وكان لنا هذه الوقفات مع البعض من المسؤولين والأهالي الذين عبروا عن حزنهم الكبير برحيل الفقيد مستعرضين جوانب من أعماله وخصوصا فيما يتعلق في المنطقة والتي تبادله الوفاء بالوفاء وفيما يلي التفاصيل:

أضحية للقصيبي بحائل!!

وهذه قصة يحدثنا بها أحد أعضاء مجلس منطقة حائل سابقاً أشار فيها أن القصيبي رحمه الله وخلال آخر زيارة له للمنطقة كان في اجتماع مع بعض المسؤولين في مجلس المنطقة فقال له عضو مجلس المنطقة إن هناك رجلاً لا تعرفه يا غازي وفي إحدى القرى بحائل (نذر) بأن يضحي لك في كل عيد أضحية نظراً لأنك أسهمت بدعم من القيادة الحكيمة إبان عملك وزيراً للصناعة والكهرباء بوصول الكهرباء إلى قريته الصغيرة، وقال عضو مجلس المنطقة: وفي منتصف اجتماعنا كأن إضاءة مقر الاجتماع خفتت قليلاً ثم أضاءت فنسينا جميعاً ما قلته للفقيد غازي رحمه الله إلا أنه هو بادر وقال بعد أن التفت إليّ قائلاً: (أظن صاحبك سيتراجع عن أضحيته) وقالها باسماً وبتواضع الكبار ووسط إعجاب الحضور!!

رجل حق مدهش!!

وفي أول تعيينه وزيراً وفي ثاني يوم تصدر الصحف معالي الدكتور غازي القصيبي موقعاً عقود إنشاء محطات كهرباء بالمدينة المنورة فما كان من زميلنا الكاتب القدير عبدالله العجلان إلا ويكتب إشادة بهمة الوزير وسرعة توقيعه العقود من أجل التطوير وخدمة المواطنين فماذا تتوقعون من غازي القصيبي إلا أن قام من ثاني يوم بالتعقيب على الزميل العجلان مؤكداً أن لا دخل له بهذه المشاريع وإنما هي عمل من قبله وهو فقط أتمه وفي هذا دلالات كبيرة لوعي وثقة الراحل رحمه الله وحفظه حقوق من سبقوه!!

تأثر وحزن برحيله!!

وقد كان للكثير من أبناء حائل ككل المناطق وككل أبناء الدول الشقيقة مشاعر حزن كبيرة وتأثر واضح، فعبر نائب رئيس مجلس الغرف السعودية ورئيس الغرفة التجارية الصناعية بحائل خالد بن علي السيف عن حزنه العميق بفقد الوطن لأحد أهم أبنائه المخلصين، وقال: معالي الدكتور غازي القصيبي لن يرحل عن الذاكرة وإن رحل جسداً فهو رجل استثنائي بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، سائلا الله له الرحمة. فيما ذكر أحد أبناء حائل أن قريبه من كبار السن كان قبل سنوات قد أصر على نقله إلى البحرين للعلاج في أحد المستشفيات هناك لمرض يعانيه وقال لأبنائه لا أريد أي مستشفى إلا في البحرين وعندما وصلوا هناك ذهب إلى السفارة وبحث عن مكتب أو منزل الدكتور غازي وعندما قابله قال له إنه جاء من حائل لكي يشكره من أعماق قلبه لإخلاصه في العمل وتفانيه من أجل الوطن وهو الشخص الذي لا يعرفه من قبل وليس بينهما علاقة شخصية، وقد سر معالي الدكتور غازي رحمه الله بالرجل الذي قال لأبنائه لقد شفيت بمقابلة هذا الرجل النزيه فأعيدوني إلى حائل والابتسامة تعلو وجوه الجميع.

فيما أشار عدد من المواطنين في حائل أن الخسارة للوطن مضاعفة فتحدث المواطن صالح الناطوري قائلاً: إن حزن الوطن والناس على غازي القصيبي أكد لنا أن الرجل النزيه والمتواضع والمخلص في عمله كغازي لا يموت وإن رحل بجسده عن هذه الدنيا الفانية. فيما قال سامي الصانع: أن تنزل دمعتك بكاء على شخص مات وأنت لم تقابله من قبل فهي بالتأكيد وفات لرجل استثنائي من النادر أن يتكرر!!

وفاء بعد رحيله لحائل!!

وكأن غازي القصيبي الشاعر والأديب كعادته بفكره الذي كان يسبق زمانه قد استشعر محبة أهل الجبلين العفوية له وبدون مصالح ليهديهم أبياته وقصيدته الخالدة (يا حائل المجد.. مجدي أن أكون هنا) لتكون رسالة حب ووفاء مع الحائليين على مشاعرهم وحزنهم على رحيل فقيد الوطن غازي القصيبي رحمه الله وفي هذا المقام نقلب الذكريات مع تلك الأبيات الرائعة للفقيد والتي عبر فيها عن مشاعره ومحبته لكل تراب الوطن من جنوبه إلى شماله ومن شرقه إلى غربه ولا عجب وهو القائل:

نحن الحجاز ونحن نجد

هنا مجد لنا وهناك مجد

فكان أن صور نفسه بالعاشق المشتاق والضيف الممتطي صهوة الإبداع قائلاً:

أتيت أعبر من بحر الهوى لججا

حتى لقيتك طلق الروح مبتهجا

لثمت جبهتك السمراء أعرفها

للكبر منطلقا للعز منعرجا

ليحلق في الجميع نحو فضاءات رائعة بخياله الخصب وإبداعه الفريد ويقول:

سرحت عيني في وجه ملامحها

السحر فيها وحلو الهيبة امتزجا

يا حائل المجد كم مجد شمخت به

تندى الشواهق من تذكاره أرجا

ثم يأتي غازي القصيبي المبدع ليجيب عن السؤال لماذا كان بذلك الإبداع فتأتي الأبيات مجيبة ومعبرة عن مشاعره وتصويره السهل الممتنع بالإضافة إلى ثقافته الواسعة ومعرفته لأدق الأشياء في كل جزء من الوطن ويقول:

مازلت تبتكرين المجد ملحمة

إن شاعر هزجا أو فارس لهجا

مازال حاتم يقري الضيف ما تركت

نيران حاتم في ليل الضيوف دجى

سيف البطولات لم يصدأ ولا تعبت

أكف من علموه الضرب والوهجا

لتأتي الخاتمة إبداع كما بدأ وكأنه يقول ها أنا أيها الوطن الغالي وهذا المنطقة الغالية (حائل) أبادلكم الحب بالحب والوفاء بالوفاء حتى وهو تحت الثراء رحمه الله فما أجمل هذه الأبيات الخالدة من رجل الاستثناء والإبداع:

يا حائل المجد مجدي إن أكون هنا

أنيخ قلبي في سلمى الرؤى وأجا

هديتي بضع أبيات ولو سمحت

لنا الأماني لأهدينا لك المهجا

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد