Al Jazirah NewsPaper Sunday  22/08/2010 G Issue 13842
الأحد 12 رمضان 1431   العدد  13842
 
رحل الوزير والأديب والمفكر
عبدالعزيز بن صالح الصالح

 

الحمد لله القائل في محكم كتابه: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} والقائل: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَاباً مُّؤَجَّلاً}، والقائل تبارك وتعالى: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}.

ففي يوم الأحد الماضي 5-9-1431هـ الموافق 15-8-2010م ودعت البلاد شخصية مرموقة من رجالات الدولة المخلصين الأوفياء الذين خدموا دينهم ومليكهم ووطنهم بكل تفانٍ وإخلاص منقطع النظير لسنوات طويلة ؛ فقد ودع أهله ووطنه ومواطنيه وكافة مسؤولياته الجسام التي يديرها بكل أمانة وإخلاص، نظيف اليد واللسان، نحسبه كذلك والله حسيبه.

فالحديث عن هذه الشخصية العملاقة يحتاج منا إلى صفحات عدة؛ لكي نعطي هذا الرجل حقه من الإنصاف والعدل جراء ما قدمه لوطنه من أعمال كبيرة في عدة قطاعات حكومية كبيرة، وقد برز ونجح بعد توفيق الله في هذه القطاعات التي تسلم مسؤولياتها، لا أحد يستطيع أن يتجاهل أعماله وأفعاله وإنجازاته الكبيرة التي قام بها بالدعم اللامحدود والتشجيع المستمر من قبل الحكومة الرشيدة والقيادة الحكيمة.

ويعمل بجد وهمة ونشاط وأمانة وإخلاص منقطع النظير وصبر وحماس وحكمة واقتدار وكان يواجه الصعاب والصدمات بكل أريحية عالية، ودون تضجر أو ملل أو عنف، فقد اتسم رحمه الله بسعة الصدر وطول البال والقدرة على التجاوب مع الرأي الآخر واحترامه لكافة منتقديه ويمتاز بروحه المرحة ومرونته في تلك اللقاءات مع كافة المواطنين الكرام صاحب مساهمات إنسانية كبيرة ومبادرات سريعة.

كان يتمتع بروح عالية وشفافة، صاحب دعابة محبا للحياة وللآخرين، إذا سألته أجابك بلطف وعن علم ومعرفة ودراية وتجربة وفهم منقطع النظير، وإذا سمعت له لقاء إذاعياً أو شاهدت له لقاء متلفزاً فإنك تسمع له بإنصات وإذا قرأت له حواراً صحفياً فإنك تتأمل ماذا يقول سواء كانت أدبية أو سياسية أو روائية أو قصصية أو اجتماعية فإنك تسمع كلمات لغوية راقية وأسلوباً يمتاز بالرقة والسلاسة وسهولة العبارات، دون تشدق أو تملق أو تصنع أو تقعر في اللفظ، يطرح المعلومة بغزارة، ويثري اللقاء دون ملل أو كلل تسمع نبرات صوته الجميل. وإذا طلبت منه مشورة أو استفساراً في أمر من أمور الحياة أعطاك من فيض خبرته وعلمه وتجاربه في هذه الحياة.

يتمتع بأفق واسع؛ حيث إنه يعتبر في تلك الحالة طاقة غير محدودة وقاموسا متحركا، وفوق هذا وذاك متواضعا بشوشاً حليماً حكيماً صاحب طموحات كبيرة وتطلعات عالية في هذه الحياة، كان عظيم الجهد والتفاني، كان ينحت من الصخر وبجهد لا يتوقف ولا ينفد..

رحم الله الفقيد الدكتور غازي بن عبدالرحمن القصيبي، الأكاديمي، الوزير، الشاعر، الأديب، الروائي والمفكر والمثقف رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته وكافة أموات المسلمين عامة؛ فقد أحسن وأعطى وربى وأرشد ونصح..

ونسأل الله تعالى أن يرزق أبناءه من بعده حسن الاتباع، وأن يجعلهم خير خلف لخير سلف حتى يسيروا سيرة عطرة ويكونوا امتداداً طيباً لأبيهم.. ينطبق عليهم قول الله عز وجل: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ}.

أسأل الله له المغفرة والرحمة والفردوس الأعلى من الجنة، ولأبنائه الصبر والثبات.. والله الموفق والمعين.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد