Al Jazirah NewsPaper Sunday  22/08/2010 G Issue 13842
الأحد 12 رمضان 1431   العدد  13842
 
لما هو آت
إنهم المطر والرغيف..!
د. خيرية إبراهيم السقاف

 

من طرائف الصغار بالغة الحكمة، أنهم وهم يقلدون الكبار يضيفون مشاعرهم، ورؤآهم في جمل تعبير قد تحمل معان تختلف عما يودون قوله..، ولهم حركات موحية بما لا يطرأ للكبير، ولأن الكبير المتحرك في مساحاتهم، المشارك لهم في مكانهم وهوائهم ومأكلهم ومشربهم، هو الوحيد المتاح له أن يسمع ما يقولون، ويرى ما يفعلون، فإنه الوحيد أيضا الكاسب، إن تنبَّه لهم.., والخاسر إن تغافل عنهم..

فالصغار مدرسة بريئة في فطرة التأثر والتأثير، الأخذ بلا أصباغ، والعطاء بلا تدليس، نواياهم فوق جباههم وعلى ألسنتهم، وأفكارهم في حركة أقدامهم وأيديهم بل ألسنتهم.. لذا كان من الرحمة أن تحمل الصغير الذي يعترضك في صلاتك, لأن نيَّته أن يفعل مثلك، أو أن يكون إليك، بينما من الرحمة أن تقصيه عن إناء حارق، أو هوة هالكة، لأن هناك ثمة ما لم يُبْنَ فيه من حواجز الإدراك, بوعي النتائج,

ولأن كل زمن وموسم له معطياته في الطبيعة مثلا، أو في الموقف تحديدا، فإن هناك ما يستلهم الدهشة لعفوية ردة الفعل عند الصغار, من شجار بين اثنين كأقرب صورة، أو تحية حارة كأسلم تمثيل، وفي أقرب ما يقوم الآن، من انفضاض من حول سفرة الطعام بعد الإفطار للصلاة جماعة, وبين التحلق حولها بعد أدائها...

إن في موسم التجمع بعد مدفع الإفطار في رمضان، وما يتم خلال الوقت حتى ذهاب الصغار لأسرَّتهم ليلا، فيه من المواقف العديدة التي يتخذها الصغار، ويعكسون فيها مشاعرهم وأفكارهم، بل ردود أفعالهم، ما من شأنه أن يعلِّم الكبار أشياء كثيرة، ذهب بها زمنهم، وطمستها خبراتهم فيه,.. لكنها ظلت النافذة الخضراء في حركات, ولمحات, وكلمات, ونوايا صغارهم... فلا تغفلوا ما وراء أقدامهم, هؤلاء الصغار المعلمين وهي تتحرك..., أو وجوههم وهي تتجه...إنهم المطر اللطيف الذي يغسل عن النفوس كدر الذي تراكم... وإنهم الطين الذي تصنعون به أبنية أفران تطعمكم أرغفتها تسد الجوع الذي عمَّ.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد