Al Jazirah NewsPaper Sunday  22/08/2010 G Issue 13842
الأحد 12 رمضان 1431   العدد  13842
 
الأمير الجليل عبدالعزيز بن أحمد السديري رحمه الله(1327-1375هـ) ذو الإمارتين وصاحب الوزارة(3-3)
نايف بن علي السنيد الشراري

 

وعن علاقة الأمير عبدالعزيز السديري بالملك عبدالعزيز رحمهما الله, فإنه يمكن القول بأنه فضلا عن علاقة القرابة التي كانت بينهما، حيث إن جد الأمير عبدالعزيز بن أحمد بن محمد السديري هو أخوٌ لوالدة الملك عبدالعزيز (سمو الأميرة سارة بنت أحمد الأول السديري رحمها الله)، وكذلك رابطة المصاهرة التي كانت بينهما, حيث تزوج الملك عبدالعزيز ب (سمو الأميرة حصة بنت أحمد السديري رحمها الله) أخت الأمير عبدالعزيز السديري رحمه الله.

نجد بأن الملك عبدالعزيز قد وثق في الأمير عبدالعزيز السديري مبكراً, وذلك عندما أوكل إليه إمارة منطقة الجوف, ثم ربط به إمارة منطقة القريات, والتي كانت قبل ذلك مرتبطة بالأمير عبدالعزيز بن مساعد رحمه الله في حائل, ثم قام بتعيينه أميراً على منطقة القريات ومسؤولا عن جميع الشريط الحدودي الشمالي الغربي للمملكة العربية السعودية، في وقت كثرت فيه الخصومات من قبل الحكومات المجاورة للمنطقة.

ولذلك نجد بأن الملك عبدالعزيز لم يتعامل معه كأي أمير عادي لأي منطقة, إنما منحه صلاحيات عالية ما كانت تمنح لغيره من أمراء المناطق, إلا لأمثاله ممن حظوا بثقة عالية جداً من الملك عبدالعزيز, يدلنا على ذلك الكثير من المراسلات التاريخية التي تمت بينهما، ومنها على سبيل المثال: البرقية التي بعث بها الملك عبدالعزيز إليه برقم (4368), والمؤرخة في يوم الخميس الثالث من جمادى الأولى 1357هـ, الموافق 30 يونيه 1938م، وذلك بعدما عُين أميراً لمنطقة القريات ومفتشية الحدود الشمالية الغربية، حيث يقول فيها: «جميع المراكز الحدودية الآن تابعة لك, ودبرتها عندك, اعزل الذي تريد, ونصب في محله الذي تريد».

كما أنه كان يستشيره في كثير من الأمور, وفي تعيين بعض أمراء المناطق الشمالية, وكانت الشعبة السياسية بديوان جلالة الملك عبدالعزيز تزود الأمير عبدالعزيز السديري بكثير من الأمور المتعلقة بالمملكة العربية السعودية, سواءً كانت ذات علاقة بالمنطقة أو ليست كذلك.

كما أننا نجد بأن الملك عبدالعزيز رحمه الله دائماً ما يوكل إليه ترؤس اللجان الخاصة بمشكلات الحدود التي كانت بين نجد وبين العراق والأردن, وفي كثير من المهام كان يوكل إليه مقابلة المعتمد البريطاني في شرق الأردن لأجل مناقشته في أمور تخص علاقات المملكة العربية السعودية مع بريطانيا.

وكان الملك عبدالعزيز حريصاً جداً على تزويده بكل ما يقوم به من أعمال واجتماعات, ولعلنا هنا نستشهد بزيارة الملك عبدالعزيز لمصر سنة 1365هـ-1946م, وهي من الزيارات المهمة في تاريخ الملك عبدالعزيز رحمه الله، حيث أرسل الملك عبدالعزيز إلى الأمير عبدالعزيز السديري برقية في يوم الجمعة 8 صفر 1365هـ، الموافق 11 يناير 1946م، يخبره فيها بوصوله إلى القاهرة, وأحداث مقابلته مع جلالة الملك فاروق هناك.

وفي البرقية رقم (467)، التي بعث بها في يوم السبت 16 صفر 1365هـ، الموافق 18 يناير 1946م، يخبره فيها بأنه سوف يتجه نحو مدينة الإسكندرية، وماهية الأمور التي ينوي فعلها هناك.ثم في البرقية رقم (571) المرسلة في يوم الأربعاء 20 صفر 1365هـ، الموافق 23 يناير 1946م، والتي يخبره فيها بانتهاء زيارته الرسمية لمصر وتحرك اليخت الملكي (القارب) نحو الحجاز.

إلى غير ذلك من الأمور التي تدل على متانة تلك العلاقة التي كانت تربط الأمير عبدالعزيز السديري بالملك عبدالعزيز رحمهما الله.

ولهذا؛ فإننا نستطيع القول بكل ثقة: إن الأمير الجليل عبدالعزيز بن أحمد السديري شارك- وبشكل فاعل- في مرحلة بناء هذا الوطن العزيز على قلوبنا بحكومته وشعبه (المملكة العربية السعودية)، خاصة في الجزء الشمالي والشمالي الغربي منه.ويبقى الأمير عبدالعزيز السديري, تلك الشخصية التي تستحق منا تخليد ذكراها العطرة, كي تعلم الأجيال القادمة من أبناء القريات حجم ما قدمه ذلك الرجل من إنجازات عظيمة لمنطقتهم, وما قدمه من خدمات جليلة لآبائهم, رغم ضعف الإمكانيات, وقلة الموارد المالية والبشرية في ذلك الوقت.

فهو -على الأقل- يستحق من أصحاب القرار في منطقة الجوف عموماً, ومحافظة القريات خصوصاً تخليد ذكراه, وذلك عن طريق إطلاق اسمه على معلم حضاري في مدينة القريات, أو على مؤسسة خيرية, أو على جائزة علمية سنوية, أو ما إلى ذلك, مما يعني الاعتراف بشيء من الوفاء لأهل الوفاء على وفائهم وإخلاصهم لما أوكل لهم من مهام ومسؤوليات, قاموا بأدائها على أكمل وجه مطلوب, وفي وقت عصيب, لا يمكن لغيره أن يؤديها لو أنيطت به تلك المهام في ذلك الوقت.

ولعل جهود أبنائه وأحفاده تتضافر للعمل على تخليد اسمه، والقيام بإنشاء جمعية خيرية أو مؤسسة تعليمية، أو جائزة تقديرية يكون مقرها (القريات).

الجدير هنا بالذكر أن الملك سعود رحمه الله أصدر أمره في سنة 1375هـ-1955م بتعيين الأمير عبدالعزيز السديري وزيراً للزراعة في المملكة العربية السعودية, خلفاً لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز متعه الله بالصحة والعافية, لكن الله اختاره فيمن عنده فتوفي رحمه الله في تلك السنة.وخلفه في إمارة منطقة القريات ومفتشية الحدود الشمالية الغربية ابنه الأمير عبدالله حفظه الله, الذي سار على نهج والده الإصلاحي, فبذل جهداً مشكوراً في تنمية المشروعات الإصلاحية التي وضع والده نواتها, وأنشأ الأمير عبدالله: (الجمعية التعاونية متعددة الأغراض) ذات الأثر القوي في انتعاش منطقة القريات والرقي بأهلها، كما ترأس وفد المملكة العربية السعودية لمفاوضات الحدود مع المملكة الأردنية الهاشمية, والتي تمخض عنها توقيع اتفاقية الحدود بين المملكة العربية السعودية والأردن.

لكنه هو الآخر غادر المنطقة بعدما عُين وكيلاً لوزير الداخلية لشؤون البلديات سنة 1385هـ، فتولى إمارة المنطقة ومفتشية الحدود الشمالية الغربية بعده أخاه الأمير سلطان بن عبدالعزيز السديري رحمه الله، وعين الأمير نايف بن عبدالعزيز السديري رحمه الله وكيلاً له حتى توفي رحمه الله سنة 1405هـ، فعين الأمير سلطان بن عبدالله بن عبدالعزيز السديري حفظه الله وكيلا لأمارة المنطقة ومفتشية الحدود، فكانوا جميعاً بحق، أبناء نجباء للأمير عبدالعزيز السديري رحمه الله، تحلوا بكثير من صفاته الكريمة، وفي مقدمتها: الحرص على رقي المنطقة، وتحقيق المصالح العامة للأهالي فيها.

أيها الإخوة، وأيتها الأخوات..

هذا غيض من فيض, وقليل من كثير عن الأمير عبدالعزيز السديري, الذي يحتاج من الباحثين والباحثات تخصيص رسالة علمية خاصة به، فهو جهد المُقل، ويبقى أن ندعو الله له بأن يحسن مثواه, فقد رحل بصمت, وترك لنا في القريات أشياء كثيرة لو استنطقناها لنطقت بعظم الإنجاز الذي أداه لها ذلك الأمير الراحل, رحمه الله رحمةً واسعة, وأسكنه فسيح جناته, وأبدله داراً خيراً من داره، وجمعه بأهله ومحبيه ممن لحقوا به في جنات النعيم، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

ولا يسعني في ختام هذه الإطلالة السريعة، إلا أن أجزل الشكر والعرفان لأولئك الذين زودوني بكثير من هذه المعلومات التي تم نشرها هنا، والذين سبقت الإشارة إليهم في الحلقة الأولى من هذه المقالة، وذلك على وقتهم الثمين الذي منحوني جزءا منه خلال إجرائي للمقابلات الشفهية معهم، رغم الظروف الصحية لدى أغلبهم، والتي ألزمتهم الفراش لأجل الراحة، وعلى الرغم من ذلك فقد تفضلوا عليَّ مشكورين باستضافتي في بيوتهم أكثر من مرة، وأجابوا عن كثير من تساؤلاتي، فأدعو الله أن يمن عليهم بالصحة والعافية، وأن يحسن لنا ولهم الخاتمة.

كما أشكر سعادة الأمير سلطان بن عبدالله بن عبدالعزيز السديري حفظه الله، على أريحيته معي وتشجيعه لي عند مراجعاتي الكثيرة له في بعض المعلومات المتعلقة بجده الأمير عبدالعزيز السديري، فله مني خالص الشكر وعظيم التقدير.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد