Al Jazirah NewsPaper Monday  23/08/2010 G Issue 13843
الأثنين 13 رمضان 1431   العدد  13843
 
تتضافر في تنفيذه جهود جهات متعددة :
برنامج تطوير الدرعية يسير وفق مراحل مدروسة تراعي البعد الثقافي والتراثي والعمراني

 

الرياض - الجزيرة :

قدمت الدرعية إبان ازدهارها نموذجاً متميزاً من الأداء الحضاري الذي يقوم على سمو الفكرة ونبل السلوك وصفاء المعتقد والتوازن الدقيق بين قدرات المكان وطموح الإنسان. وهي مؤهلة عبر برنامج تطويرها لإعادة هذا التوازن وفق صيغ معاصرة، تجدد قيمة المكان وتوظف موارده وإمكاناته ورصيده التاريخي، وتعيد الدرعية إلى دائرة الضوء والاهتمام والمشاركة الحضارية الفاعلة على المستوى المحلي والدولي.

تمثل الدرعية رمزاً وطنياً بارزاً في تاريخ المملكة العربية السعودية، فقد ارتبط ذكرها بالدولة السعودية الأولى، وشكلت منعطفاً تاريخياً في الجزيرة العربية، بعد أن ناصر الإمام محمد بن سعود الدعوة الإصلاحية التي نادى بها الشيخ محمد بن عبد الوهاب عام 1157، فأصبحت الدرعية قاعدة الدولة ومقر الحكم والعلم، واستمرت كذلك إلى أن اختار الإمام تركي بن عبد الله الرياض مقراً جديداً للحكم وذلك عام 1240هـ.

نشأت الدرعية على ضفاف وادي حنيفة وارتبطت به حضارياً وبيئياً مما أوجد نوعاً من التفاعل الإيجابي بين الإنسان والبيئة أثر بدوره على النشاط الإنساني والوضع الاجتماعي للمنطقة، فأضحت الدرعية نموذجاً لمجتمع الواحات في البيئات الصحراوية، ولقد جسدت الدرعية - من خلال ذلك التفاعل - الهوية الثقافية للمنطقة فكانت رمز أصالتها وعنوان حضارتها.

برنامج التطوير

تتمتع الدرعية بقيمة تاريخية كبرى، وتحفل بقدر وافر من المواقع التاريخية والأثرية، تتمثل في عدد من المباني التاريخية ذات القيمة العالية والأحياء القديمة والتراثية والمزارع ذات النمط الفريد، وقد صدر الأمر السامي الكريم رقم 528- م وتاريخ 17-6-1419هـ بالموافقة على البرنامج المقترح لتطوير الدرعية التاريخية وتشكيل لجنة تنفيذية عليا برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز وعضوية مسؤولين من الجهات ذات العلاقة، وأن تتولى الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض مسؤولية تنفيذ هذا البرنامج.

إثر ذلك تم اتخاذ مجموعة من الإجراءات ونفذت مجموعة من الدراسات المتخصصة ووضعت التصاميم المتنوعة وفقاً لأهداف التطوير، ومن أبرز تلك الإجراءات إقرار الخطة التنفيذية النهائية لتطوير الدرعية التي اشتملت على مجموعة من البرامج والمشروعات التي تتولى الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض تنفيذها بالتعاون مع الهيئة العامة للسياحة والآثار وبالتنسيق مع محافظة وبلدية الدرعية والجهات ذات العلاقة؛ بهدف إعادة إعمار الدرعية التاريخية وتحويلها إلى مركز ثقافي وسياحي على المستوى الوطني في إطار عصري، وبذلك سيتم نقل الدرعية من وضعها الحالي إلى مصاف المدن التراثية العالمية التي تستند إلى مقومات تاريخية وبيئية، لتأهيلها للتسجيل على قائمة التراث العالمي. ويتضمن برنامج تطوير الدرعية عدداً كبيراً من المشروعات التطويرية الثقافية والتراثية والعمرانية والاجتماعية والاقتصادية التي تندرج ضمن خطة تنفيذية تمثل المرحلة الأساسية من برنامج التطوير التي بموجب تنفيذها ستصبح الدرعية التاريخية مؤهلة لإطلاق برامج التطوير الاقتصادية والسياحية والتجارية واستكمال إنشاء المؤسسات الثقافية المتعددة.

وتشتمل الخطة التنفيذية على ثلاث مراحل يشترك في تنفيذها، إلى جانب اللجنة التنفيذية، كل من القطاع الخاص والأهالي وبعض الجهات الحكومية.

المرحلة الأولى: من المقرر أن يكتمل تنفيذ المرحلة الأولى من برنامج تطوير الدرعية في نهاية عام 1430هـ. وسيتم خلالها تنفيذ شبكات الطرق والمرافق العامة والساحات والميادين وتنسيق المواقع، وإنشاء متحف الدرعية، وترميم جامع الإمام محمد بن سعود، وإنشاء مؤسسة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وميدان الصوت والضوء الذي سيقام في ساحة متحف الدرعية، وترميم البيوت الطينية لتكون متحفاً تاريخياً للحياة الاجتماعية في الدرعية، ومركز توثيق تاريخ الدرعية والمحال التجارية التقليدية، ومجمع الدوائر الحكومية، ومركز الإرشاد السياحي ومركز الزوار، وساحات للاحتفالات والزوار، وحدائق عامة، ومحال تجارية تقليدية.

كما تضم المشروعات الاستثمارية لهذه المرحلة فندق الطريف التراثي، وفندق البجيري التراثي، والعربات المتحركة للوجبات السريعة، وقطار الطريف، وشارع المقاهي، والمطعم السعودي التقليدي، والنادي الصحي، والشقق السكنية، والمحال التجارية التقليدية، ومكتب السياحة التجارية، وسوق المنتجات الزراعية.

أما المرحلتان الثانية والثالثة فستبدآن بعد اكتمال المرحلة الأولى، وستضمان إنشاء متاحف وأسواق تقليدية، وترميم المساجد والبيوت التاريخية، وتأسيس مركز للأبحاث والتعليم في مجال التراث الثقافي، ومركز للمؤتمرات والمعارض، وإقامة منتجعات وفنادق ومساكن وحدائق ومراكز معلومات سياحية وإرشادية.

مشروعات الدرعية

تنقسم المشروعات التي يتضمنها برنامج تطوير الدرعية إلى ثلاثة أقسام رئيسية هي مشروعات حي الطريف ومشروعات حي البجيري ومشروعات الطرق وشبكات المرافق العامة.

مشروعات حي الطريف

يعتبر حي الطريف التاريخي من أهم معالم الدرعية لاحتضانه أهم المباني الأثرية والقصور والمعالم التاريخية حيث ضم معظم المباني الإدارية في عهد الدولة السعودية الأولى كقصر سلوى الذي ارتبط إنشاؤه بمؤسس الدولة السعودية الأولى الإمام محمد بن سعود في منتصف القرن الثاني عشر الهجري وكانت تدار منه شؤون الدولة السعودية وأصبح بذلك مقراً دائماً لأمراء وأئمة آل سعود.

ومن أبرز معالم الحي قصر سعد بن سعود وقصر ناصر بن سعود وقصر الضيافة التقليدي الذي يحتوي على حمام الطريف وجامع الإمام محمد بن سعود الذي كان يلقي فيه الشيخ محمد بن عبد الوهاب دروسه، ويحيط بحي الطريف سور كبير وأبراج كانت تستخدم لأغراض المراقبة والدفاع عن المدينة ويمتاز حي الطريف عن بقية أحياء الدرعية بارتفاعه مما يكسبه إطلاله مميزة على وادي حنيفة.

مشروع التوثيق

البصري والمساحي

يشمل الرفع المساحي والتوثيق البصري لكل العناصر المعمارية والمنشآت القائمة في حي الطريف.

الطرق وشبكات المرافق العامة

يتضمن رصف الطرق والممرات المنتشرة عبر أرجاء حي الطريف، إضافة إلى تزويد الحي بشبكة متكاملة من المرافق العامة تشمل المياه والصرف الصحي وتصريف السيول والكهرباء وشبكة لإنارة الطرق والممرات وعناصر الحي المختلفة وشبكة من اللوحات الإرشادية والخرائط التوضيحية.

التوثيق الآثاري

ويشمل الرفع المساحي للمباني الأثرية، وإزالة الرديم منها، والتوثيق الأثري لعناصرها المعمارية، وما تحتوي عليه من آثار، وذلك ضمن ثلاث مراحل:

المرحلة الأولى: جامع الإمام محمد بن سعود، وقصر سلوى.

المرحلة الثانية: قصر إبراهيم بن سعود، وقصر فهد بن سعود.

المرحلة الثالثة: قصر فرحان بن سعود، وقصر مشاري بن سعود، وقصر تركي بن سعود، وقوع الشريعة (الساحة الشرقية لقصر سلوى).

الترميم الآثاري

يتضمن تهيئة المنشآت المعمارية تمهيداً لتوظيفها ضمن أنشطة ثقافية تراثية ملائمة، أو إبقائها كمعالم معمارية ضمن العرض المتحفي. ويجري ترميم مباني حي الطريف ضمن أربعة مستويات، وذلك حسب حالة المبنى وأهميته التاريخية والوظيفة التي سيقوم بها ضمن الخطة.

متحف الدرعية بقصر سلوى

يتخصَّص موضوع المتحف في تاريخ الدولة السعودية الأولى، وتاريخ قصر سلوى حيث سيتم عرض أطلال قصر سلوى لتحكي تاريخ القصر وسيتاح للزوار التجول بين الأطلال عبر ممر مخصص لذلك، كما سيتم عرض تاريخ الدولة السعودية الأولى من خلال الوحدتين الخامسة والسادسة من القصر وذلك عبر منظومة متكاملة من اللوحات والأفلام الوثائقية والمعروضات التراثية والقطع المتحفية والمجسمات والرسوم التوضيحية.

مسجد الطريف

يعد أهم المساجد القائمة في حي الطريف، وقد أوضحت أعمال التنقيب الأثري التي أجريت على الجامع أبعاده الأصلية التي سيكون لها انعكاس مباشر على أعمال التصميم.

عرض الصوت والضوء

سيتم توظيف الأطلال الخارجية لقصر سلوى في عرض دراما قصصية تحكي قصة الدولة السعودية الأولى باستخدام وسائط العرض البصرية والصوتية على أطلال القصر وستكون تلك الأطلال جزءاً من العرض.

مركز استقبال الزوار

مبنى حديث يقام في مدخل حي الطريف، بهدف استقبال الزوار، وتقديم خدمات الإرشاد السياحي، والتعريف الثقافي بعناصر الحي وبرامجه الثقافية والسياحية، إضافة إلى وظيفته في توفير أماكن المشاهدة لعرض الصوت والضوء.

المتاحف

سيتم عرض جوانب الحياة اليومية في فترة الدولة السعودية الأولى ضمن مجموعة من المباني الأثرية التي بدأ ترميمها في حي الطريف، بعد تأهيلها لاستيعاب العروض المتحفية الحديثة، حيث سيتم إنشاء أربعة متاحف متخصصة في حي الطريف وتشمل هذه المتاحف ما يلي:

متحف الحياة الاجتماعية: يعرض جوانب الحياة اليومية والعادات والتقاليد والأدوات المستخدمة في فترة ازدهار الدولة السعودية الأولى وسيقام المتحف في قصر عمر بن سعود والمباني المجاورة له.

المتحف العسكري: يعرض الجوانب الحربية في تاريخ الدرعية كأدوات الحرب والمعارك الحربية وسيقام المتحف في المباني المجاورة لقصر ثنيان بن سعود، كما سيخصص عرض متحفي مستقل في قصر ثنيان بن سعود يعرض قصة الدفاع عن الدرعية في أواخر عهدها.

متحف الخيل: نظراً لأهمية الخيل العربية الأصيلة في تاريخ الدرعية سيتم تخصيص عرض متحفي لموضوع الخيل العربية الأصيلة في المباني المجاورة لقصر ثنيان بن سعود إضافة إلى المباني المجاورة لقصر الإمام عبد الله بن سعود.

متحف بيت المال: يعرض الازدهار الاقتصادي الذي شهدته الدرعية ومعالم التجارة والعملات والموازيين والأوقاف، وسيقام المتحف في مبنى بيت المال وسبالة موضي.

العروض التقليدية

سيتم تأهيل مجموعة من المباني التراثية المطلّة على أحد الممرات الرئيسة بحي الطريف لتشكِّل عروض التراث الشعبي والحرف والمصنوعات التقليدية.

مركز توثيق تاريخ الدرعية

سيتم ترميم قصر إبراهيم بن سعود في حي الطريف ليكون مقراً للمركز، وستتولى دارة الملك عبد العزيز من خلاله أعمال التوثيق التاريخي، والدراسات التاريخية المتعلقة بحي الطريف خصوصاً والدرعية عموماً.

إدارة حي الطريف

سيخصَّص قصر فهد بن سعود بعد ترميمه وتأهيله ليكون مقراً لإدارة حي الطريف الذي ستتولاَّه الهيئة العامة للسياحة والآثار.

مشروعات حي البجيري

يتمتع حي البجيري بأهمية علمية حيث يعد الجامعة الأولى في نجد التي خرجت الأجيال من علماء الدعوة السلفية. ويقع الحي على الضفة الشرقية من وادي حنيفة وبه مسجد الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - ويضم الحي إلى جانب هذا الجامع عدداً من المساجد والكتاتيب التي أسهمت في الثراء العلمي وانتشار العلم في الدرعية وفي نجد والجزيرة العربية بشكل عام. ولهذه الأهمية التاريخية للحي فسيتم تنفيذ مجموعة من المشروعات التطويرية تهدف إلى إبراز قيمته الثقافية، وتوظيف موقعه المتميز في خدمة الأهداف التطويرية الأخرى للخطة التنفيذية. ويجري حالياً تنفيذ المشروعات التالية بحي البجيري:

مؤسسة الشيخ

محمد بن عبد الوهاب

هيئة علمية معنية بتقديم تراث الشيخ العلمي والفكري، والعناية بمدرسته الفكرية، والاهتمام بالدراسات العقدية والدعوية المتخصصة، وخدمة الباحثين في مجالها، وتحمل المؤسسة أبعاداً ثقافية عالمية في التواصل الفكري والاهتمام بالدعوة، وتم في هذا المجال تحديد طبيعة المؤسسة من حيث الاسم والأهداف ومجال العمل إضافة إلى لسياسات وبرامج العمل واللوائح والتنظيمات.

المنطقة المركزية

تشغل معظم الأجزاء المتبقية من حي البجيري، وسيتم من خلال عناصرها الوظيفية تقديم الخدمات المختلفة لزوار الدرعية، لتكون بمثابة نقطة انطلاق لزوار الدرعية التاريخية عموماً، وتشتمل المنطقة المركزية على عدد من العناصر العمرانية، التي يتناسب تصميمها مع الطابع التراثي التاريخي للدرعية، وتكوين حي البجيري، والخدمات التي سيقدمها للزوار، وتشمل هذه العناصر:

الساحة الرئيسة: تمثل ميداناً لتوزيع الحركة بين عناصر حي البجيري إضافة إلى استخدامها كساحة وميدان للعروض الفلكلورية والفعاليات الموسمية.

مركز الإرشاد السياحي: يمثل بوابة استقبال زوار الدرعية التاريخية عموماً وسيقام المركز ضمن عدد من البيوت التراثية في حي البجيري، حيث يقدم عرضاً موجزاً عن الدرعية التاريخية وعناصرها المتحفية والسياحية من خلال اللوحات والأفلام والمطبوعات وتنظيم الجولات الإرشادية السياحية المنطلقة منه.

متنزه الدرعية: يشمل المتنزه الجزء المنحدر من حافة البجيري المطلة على الوادي وأجزاء من الوادي الواقعة بين حي البجيري وحي الطريف وسيمثل المتنزه عنصر ربط بين حي البجيري وحي الطريف وسيقدم الخدمات المتكاملة للمتنزهين والزوار. وسيوفر المتنزه التكوينات الصخرية والغطاء النباتي والطرق والممرات وخدمات الزوار وسيكون تصميمه ذا طابع تقليدي يلائم القيمة التراثية للموقع وأهداف الخطة التنفيذية.

مسجد الظويهرة: يهدف ترميم المسجد إلى تأهيله وفق المنهج العلمي المتبع في ترميم المنشآت الأثرية، وتهيئته لإقامة الصلوات فيه. ويجري الآن العمل على خطة الإدارة والتشغيل التي اتفق عليها بحيث تتولى الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض أعمال التخطيط والتنفيذ والتشغيل والصيانة فيما تتولى الهيئة العامة للسياحة والآثار تشغيل وإدارة حي الطريف واستقطاب الاستثمارات الاقتصادي ة والسياحية لكامل الدرعية التاريخية.

كما أعلنت لجنة التراث العالمي عن موافقتها على تسجيل حي الطريف في الدرعية التاريخية في قائمة التراث العالمي التابعة لليونسكو، وذلك خلال اجتماع لجنة التراث العالمي باليونسكو في دورتها الرابعة والثلاثين التي عقدت في مدينة برازيليا بالبرازيل يوم الجمعة 17 شعبان 1431هـ الموافق 29 يوليو 2010م ويعد حي الطريف في الدرعية التاريخية الموقع السعودي الثاني الذي يتم تسجيله في قائمة التراث العالمي بعد اعتماد تسجيل موقع الحجر (مدائن صالح) للقائمة بتاريخ (الاثنين 4-7-1429هـ الموافق 7-7-2008م). وهما موقعان ضمن المواقع الثلاثة التي صدرت الموافقة السامية الكريمة عام 1427 هـ على أن تتولى الهيئة العامة للسياحة والآثار استكمال إجراءات تسجيلها في قائمة التراث العمراني وهي: مدائن صالح الذي تم تسجيله في عام 2008م، وحي الطريف بالدرعية، وجدة التاريخية الذي تم تقديم ملف ترشيحها لليونسكو وفي انتظار النظر فيه في الدورة القادمة للجنة التراث العالمي.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد