Al Jazirah NewsPaper Monday  23/08/2010 G Issue 13843
الأثنين 13 رمضان 1431   العدد  13843
 

غازي... يا كل العناوين
تركي الخليوي

 

لن يقف نزيف الحبر الهادر على صفحات إعلامنا الورقي إلى حين..، قد يهدأ بعدها لكنه سيستمر بوتيرة أكثر عمقاً، دراسةً وتحليلاً ونقداً وتشبيهاً وتذكيراً.. نعم سنتذكر هذه القامة كلما (أُحبطنا) بمسئول (أو صُدمنا) بوزارة، وكثيراً (ما نُصدم، ونُحبط)... هذا العَلم الكبير الذي فقده الوطن كأحد أعظم وأبرز مسئول تفقده دولتنا حتى الآن (وفي المنظور القريب). لعلنا نترك إبداعه الأدبي وألمعيته الشعرية والنثرية لأهلها فهم أقدر منا بعرضها والحديث عنها باعتباره نتاجاً تعدى الحدود أفقاً وإبداعاً وحساً، وسنتجه صوب وطنيته وإخلاصه ونزاهته وهو ما يمسنا كمواطنين كما هي (صفات المؤمن الحق) بعيداً عن حذلقات الجاهلين...

مورست ضد هذه الظاهرة حروباً شعواء عدة لمحاولة النيل منه، ولم يستطع محاربوه أن يجدوا عليه نقطة سوداء أو حتى رمادية لينفذوا منها إلى سمعته سوى نعته بأنه علماني رددها خلفهم صبية إمعات لا يدركون معناها وقلنا جميعاً حينها بوركت العلمانية إن كان رجالها في حجم سيرة وعمل ووطنية وخلق فقيدنا الكبير.. فما كان منهم إلا أن أوقفوا حملاتهم عندما رأوا أن حبه وشعبيته تتضاعف مع كل سهم من سهامهم المسمومة.

سأورد بعض المواقف والمحطات لفقيدنا الأكبر مفتخراً بها كغيري، ولو كانت هذه المواقف مع غيره لما كانت مبعث فخر.

1 - عندما كنت عضواً في مجلس إدارة الجمعية الخيرية بالرس كان يصلنا تبرعه سنوياً وبوقت محدد دون مخاطبة منا أو تذكير، وهو الوحيد في هذا النهج.

2 - هاتفته يوم كان سفيراً في البحرين واعتذر مدير مكتبه لتأخر وصوله وأخذ هاتفي وبعد نصف ساعة اتصل بي يرحمه الله وقال أنا غازي القصيبي وبادرني (آسف للتأخير) فقد كنت أودّع ضيفاً في المطار، وتحدثت معه حول طباعة كتابه (حتى لا تكون فتنة) وقال بل طبعته أعطني عنوانك، وما هي إلا ثلاثة أيام والكتاب يصلني مع ثلاث نسخ بإهدائه، وباتت كتبه تصلني تباعاً بإهدائه أيضاً دون طلب مني ولكنه الحس والتنظيم والتواضع.

3 - اتصلت به يوم ظهرت شائعة وفاته أو اغتياله عندما كان سفيراً في لندن فقال لي يا أخ تركي (عمر الشقي بقي) ولكن هذه المشاعر منك وأمثالك وقودي لخدمة وطني وقرائي، وقد زرت السفارة وشاهدتها في عهده وكيف كانت قبل مجيئه.

4 - زرته حال مرضه وقبل أن يسافر وكتبت له بيتين قالهما الجواهري في الملك حسين وهذه الأبيات استشهد بها لمن يستحق من الرجال، فقال لي يا أخ تركي قد تكون (الجواهري) ولكني لست (الملك حسين)... ولهذه المقولة معانٍ عديدة ولعل أقلها تقدير المقابل ومشاعر الحب رغم المعاناة.

يا حاملي الترب مهلاً إنكم أبداً

لن تدفنوا البحر إن البحر موار

هذا الذي بين أيديكم خبازته

بدرٌ.. وبحرٌ.. وإبداع.. وأفكار

هذا الذي بين أيديكم جنازته

نوءٌ.. وضوء.. وأشعار.. وأسرار

هذا الذي بين أيديكم جنازته

علم.. وحلم.. وإقدام.. وإصرار

هذا الذي بين أيديكم جنازته

مجاهد.. مخلص.. حر.. ومغوار

رحمك الله أبا يارا رحمة واسعة وأنزلكم ووالدي في عليين إنه جواد كريم.

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد