Al Jazirah NewsPaper Tuesday  24/08/2010 G Issue 13844
الثلاثاء 14 رمضان 1431   العدد  13844
 
رحل رجل المواقف الحاسمة
طلال محمد نور عطار

 

فقد الوطن رجل المواقف الوطنية الشجاعة الذي لم يتردد البتة في اتخاذ القرار الصائب الناجح بمجرد اتضاح أنه يتفق مع الواقع والمنطق إلى جانب ما يتميز به من عاطفة جياشة نحو المعوقين الذين بادر إلى إنشاء جمعية وطنية لهم ترعى شؤونهم وشجونهم، وقد أبدع معالي الدكتور غازي بن عبدالرحمن القصيبي في كل مجال ومقام فمن شواهد مواقفه -رحمه الله- التي لا تنسى ما يحضرني الآن في وزارة الكهرباء: حل مجلس إدارة..

.. شركة كهرباء الرياض وإنهاء مشكلة انقطاع الكهرباء بين الحين والآخر.

وفي وزارة الصحة قضى على البيروقراطية وعلى اللامبالاة حتى أصبحت المستشفيات -آنذاك- ترضي روادها من المرضى.

وفي وزارة المياه أنشئ الشركة الوطنية للمياه فقضى على مشكلة معاناة المواطنين من المياه.

وفي الجبيل وينبع تمكن بفضل الله ثم بفضل دعم ولاة الأمر، في هذا الوطن الغالي إنشاء شركة (سابك) العملاقة التي خاطبها في كتابه: (حياة في الإدارة) بابنته المفضلة - بعد ابنته الحقيقية- (سابك) الشركة الوطنية للصناعات الأساسية: كل الكيانات التي عاصرتها قريبة من قلبي، والكيانات التي نشأت بمبادرة مني قريبة إلى قلبي أكثر، ولكن (سابك) تحتل موقعاً خاصاً لا ينافسها فيه منافس.. من ناحية بدأت (سابك) معي، ولم تكن هناك قبلي بدايات من أي نوع.. ومن ناحية ثانية عاصرت ولادة (سابك) ثانية فثانية: كتبت المسودة الأولى لنظامها بخط يدي، وراجعت (المسودة) النهائية مع الصديق الدكتور مطلب النفيسة رئيس هيئة الخبراء كلمة كلمة.. ومن ناحية ثالثة لم تعكس أي مؤسسة فلسفتي في الإدارة مثلما عكستها (سابك) حتى الاسم كان من اختياري).

وفي وزارة العمل خاض حرب ضروسة ضد مافيا الاستقدام، واستطاع أن يثبت مفهوم (السعودة) أولا في أذهان المارقين الذين لا هم لهم سوى زيادة أرصدتهم في المصارف، وتعبئة جيوبهم بالأموال الطائلة التي لا تعود بالنفع ولا الفائدة على الوطن والمواطن، واستطاع الحد من البطالة بين المواطنين الذين يحملون المؤهلات الجامعية.

وعلى الرغم من مشاغله في وزارة العمل كان يهتم بقراءة أغلب ما يكتب عن العمل والعمالة التي تنشر في الدوريات المحلية، ومن ضمنها مقالاتي التي نشرت تباعاً في جريدة البلاد عن الاستقدام والسعودة، منها: العمالة الوافدة، وظاهرة العمالة السائبة، والعمالة الأجنبية، وعن العمالة الهاربة، والعمالة العربية، والعمالة الآسيوية، ومقالي المنشور بالعدد: (17702) بعنوان (وزارة تنمية الموارد البشرية) كبديل لمسمى وزارة العمل بدمج الجانب المتعلق بالعمل والعمال إلى جانب تدريبهم وتأهيلهم لسوق العمل.

وقد نالت إعجابه حتى داعبني بقوله: يفترض أن تنقل خدماتك إلى وزارة العمل، فما تكتبه عن العمالة واقع ملموس، وحسك الوطني يدفعك إلى المطالبة بالسعودة في كل القطاعات، فهل توافق على النقل إلى وزارة العمل لكن -أظن- إغراءات الوظيفة الدبلوماسية والفترة التي قضيتها تقف عائقاً في اتخاذ القرار، على أية حال، مكانك شاغر في هذه الوزارة! لم أستطع أن أعلق لأنه أجاب -رحمه الله- على تساؤله إجابة وافية، شكرته على هذه الأريحية، وشعرت بارتياح لموافقته على كل ما جاء في مقاليي المنشورين في جريدة البلاد بالعدد: (19226) بعنوان: عرش اليونسكو (2-2) والمقال الثاني بعنوان: معركة اليونسكو (2-2) المنشور بالعدد (19295) في جريدة البلاد على التوالي.

ذكرت في صدر مقالي الأول: (نسى (العرب) أو تناسوا معركة ترشيح الدكتور غازي عبدالرحمن القصيبي لشغل منصب الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) إبان ترشيح الفنان فاروق عبدالعزيز حسني وزير الثقافة في جمهورية مصر العربية لنفس المنصب في الانتخابات التي جرت خلال شهر سبتمبر( أيلول) 2009م وحصل على (22) صوتاً من أصل (58) صوتاً!) ومقالي الثاني الذي اختلفت معه -رحمه الله- في بعض ما طرحه من آراء مع إيضاح موجز ما يجب على المرشح (العربي) أن يأخذه دائماً في الحسبان في أي انتخابات في أية منظمة (هيئة) دولية مقبلة، وهو التركيز على فهم قواعد الانتخابات فهماً جيداً مع معرفة أسرار اللعبة الدولية.

لقد نال -رحمه الله رحمة واسعة- ثقة وتشجيع ولاة الأمر في هذا الوطن الغالي لنزاهته وإخلاصه وتفانيه في خدمة الوطن.

تغمد الله الفقيد الغالي معالي الدكتور غازي عبدالرحمن القصيبي برحمته وأسكنه فسيح جناته وألهم أسرته وذويه ومحبيه الصبر والسلوان (إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ).



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد