Al Jazirah NewsPaper Wednesday  25/08/2010 G Issue 13845
الاربعاء 15 رمضان 1431   العدد  13845
 

يوميات خير الصائمين
علي بن جده منقري *

 

قال ربنا جلَّ وعلا: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ). فذكر الله جلَّ وعلا الدعاء في وسط آيات الصيام دلالة على أن له من المزايا الخاصة في الصيام وعند الفطر وعند السحر ما ليس لغيره من الأوقات.

والله تبارك وتعالى يجيب دعاء العبد في كل آن إذا حقق شروط الدعاء وأتى بها، {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}.... وقال الله تعالى في آيات الصيام: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}.

فالله يدعونا إلى دعائه تكرماً منه وتفضلاً، بل ويغضب ممن يستكبر عن عبادته.

عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «من لم يدعُ الله يغضب عليه» وفي رواية «من لم يسأل الله غضب عليه».

الله يغضب إن تركت سؤاله

وبني آدم حين يُسأل يغضب

لقد كان الرسول (صلى الله عليه وسلم) يذكر ربه في كل وقت وعلى كل حال، وإن أكثر وقته ذكراً لله تبارك وتعالى في رمضان، فإذا رأى الهلال قال: «الله أكبر، الله أكبر، اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، والتوفيق لما تحب وترضى ربنا وربك الله».

وكان خير الصائمين -صلى الله عليه وسلم- خير الصائمين إذا أفطر قال: « ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله».

وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: « قلت يارسول الله إن علمت ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: قولي اللهم إنك عفوُّ تحب العفو فاعفُ عني.

وحض الصائمين على الدعاء فقال (صلى الله عليه وسلم): «ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم).

وفي وقتنا الحاضر تشاغل الناس - إلا من رحم ربك - تشاغلوا بالطعام عن التفرغ للدعاء، وخاصة النساء، فمعظم الوقت لإعداد الطعام، ونسوا أو تناسوا أن للصائم دعوة لا ترد حتى يفطر.

نسأل الله أن يهدينا ويهديهم إلى اغتنام الأوقات الفاضلة.

وأما هدي خير الصائمين - عليه الصلاة والسلام - فقد جاء في صحيح مسلم في حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه عن النبي (صلى الله عليه وسلم) فيما يرويه عن ربه عزَّ وجلَّ أنه قال: «ياعبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عارٍ إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر لكم الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنّكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا على صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه».

واعلم أخي، واعلمي أختي أن الله تعالى قد أمر بالدعاء وتكفل بالإجابة، وقد يدعو الإنسان ولا يستجاب له ويدمن بإلحاح ولا تقضى حاجته، وهذا إنما أوتي من قبل نفسه..

أخي الصائم ومن الحجب المانعة من قبول الدعاء أمور منها:

أكل الحرام ولباسه فإن هذا يمنع قبول الدعاء، كما في حديث صاحب السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يقول يا رب يا رب و مأكله حرام وشربه حرام وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له».

وقال (صلى الله عليه وسلم) لسعد حين قال: يا رسول الله ادع الله لي أن يجعلني مستجاب الدعوة، فقال يا سعد أطب مطعمك تكون مستجاب الدعوة، والذي نفس محمد بيده، إن العبد ليقذف باللقمة من الحرام في جوفه ما يتقبل الله منه عملاً أربعين يوماً، و أيما عبد نبت لحمه من سحت فالنار أولى به.

ومن الحجب المانعة من استجابة الدعاء غفلة القلب أن يدعو الله وقلبه غافل فقال (صلى الله عليه وسلم): «أيها الناس ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لايستجيب دعوة من قلب غافل لاهٍ».

ومنها أن يدعو بإثم وقطيعة رحم، ومنها أيضا أن يستعجل الإجابة ويتحسر ويقول: دعوت ودعوت فلم أره يستجاب لي، وقد يختار الله له ما هو خير له، وأدلة ذلك كثيرة.

وللدعاء آداب وللإجابة أسباب؛ من آداب الدعاء:

- أن يرصد به الأوقات الفضيلة كليالي رمضان ووقت السحر وآخر ساعة من يوم الجمعة

- أن يثني على الله في أوله ويصلي على نبيه في آخر الدعاء في السجود فإن العبد أقرب ما يكون من ربه وهو ساجد.

- إظهار الخضوع والخشوع والتذلل والمسكنة بين يدي الملك الأعلى ويدعوه راجيا قبول دعواه خائفاً من شؤم ذنبه.

* رئيس محاكم منطقة جازان

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد