Al Jazirah NewsPaper Saturday  28/08/2010 G Issue 13848
السبت 18 رمضان 1431   العدد  13848
 
لما هو آت
«ذبحوها» مضاي...!
د. خيرية إبراهيم السقاف

 

أعرفها مضاوي منذ كانت ابنتاها تدرسان في الجامعة، وهي حفية بهما، حريصة عليهما، متابعة بروح الأم، وقلبها عليهما، كانت ولا تزال تتطلع لهما ولمن بعدهما كأي أم لأن ينزل أبناؤها في مقر مقلة العين.. جاءني صوتها قبل أسبوع، تتشكى الواقع المحيط بغثه وقضيضه معاصم الوقت، والمكان والزمان حيث يتحرك الإنسان، لا يقوى مقاومته الكبير ذو الجأش فكيف بالصغير ذي النزعات.

مضاوي تقول: «غثونا الله لا يبارك فيهم ولا لهم ذبحونا بهالمبرامج والمسلسلات».. مضاوي تقول: كل الذي نزرعه في أبنائنا يجزه جزاً من أعناق الأرض هذا الهدير في الفضائيات، والتسلل لأكثر الزوايا خصوصية في وقتهم ومجلسهم ومرقدهم هذه الجوالات،،،» لا لا تقولي لي امنعيهم عنها، أو إلغي وجود أجهزة التلفاز من البيت، نحن أيضاً نريد أن يمارسوا حياتهم بشكل طبيعي، لا أود حرمانهم درءاً لكل ما يمكن أن يولده الحرمان من خلف الحماية والحرص،» صدقيني أختي خيرية إنني أعلم لست الوحيدة في هذا الصراع، لكنني قد أكون من أؤلئك القليلي الحيلة، تصوري ليل رمضان يذهب مع لقمة الإفطار في متابعة متتالية للمحطات، وعند صلاة التراويح أذهب وأعود وهم أمام الشاشة، حتى الفجر من برنامج ومسلسل لآخر» لا بارك الله فيهم ولا لهم».. وفي النهار نائمون، عجزت عجزت..».

استمعت لمضاوي، وثمة كلام كثير في الصدر... ذهبت معها نتفكر في الحلول محاولة للهيمنة على شيء من ماء الحياء أمام الله تعالى، ومحاولة أخرى اعتذاراً من حرمة هذا الشهر.. ورغبة منها في مكسب ولو زهيد يخرج به أبناؤها في هذا الشهر الفضيل.

قلت لها: الأمر يا مضاوي لا يقف عند رمضان وقتاً وفرصة وقيمة وسلوكاً..

هناك ما هو أبعد، يتعلق بتنشئة قيم العقيدة، وسلوك الطاعة، وأبجديات الإيمان والتقوى في نفوس ليس الناشئة فقط بل الفرد الموسوم بالمسلم،.. هناك من المتقين ولله الحمد الصالحين كثر، لا نزكيهم على الله، ترينهم في المساجد والخلوات المنزلية، ليلهم ونهارهم في مرضاة الله ما استطاعوا، يمرون بك هوناً، يخاطبونك أدباً، لا يهدرون وقتهم أمام هذه الشاشات، ولا أيامهم في النوم، يعلمون أن بعداً عن الجنة لمن شهد رمضان ولم يبلغه من صومه إلا الجوع والعطش.. تماماً كما يدركون أن أيامهم خارج رمضان هي عليهم إن فرغت زواداتهم، وهي لهم إن امتلأت طاعة وامتثالاً قدر ما يسعون يحصدون.

إن البدء بالنفس، وبمن يخص أول حروف في جملة إصلاح الحياة ومكافحة فسادها... فالمجتمع لا يصلح كله إن لم يصلح الفرد الواحد فيه.

مضاوي هدأت كثيراً،.. البارحة هاتفتني بأنها اقتادت جميع أبنائها معها لصلاة التراويح... والقيام معاً في البيت.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد