إنَّ الذي بَجَسَ العُيونَ عُيونا |
بَقِيَتْ عُلاه في الزَّمان عُيُونا |
لم تَدْرِ أعْيُنهم: تكونُ مَجرةً |
لمداه أم تفنى عليه شُجونا |
قامت تودعك الحياةُ وودَّعتْ |
فيك العلا، وربيعَها الميمونا |
ومشتْ بموكبك البلاد كنَغْمةٍ |
ففدتْ صداها فاستحال رَنينا |
في كل ذرَّة رملةٍ لك صورة |
تزداد منك مع الزمان كمُونا |
تتنازعانِك: أرضُها وسماؤها |
لو كانتا صُحُفاً عليك طُوينا |
يا رافع الوطن الأسيفِ جبينَه |
اليومَ عَفّر في ثراك جَبينا |
اليومَ أَلْصَق خدَّه في تربةٍ |
ودَّ الشموخُ لو اصطفتْه قرينا |
اليوم شيَّعك الوجود كأنَّه |
جَسَدٌ يودّع روحَه ليهونا |
لم يبقَ شبرٌ منه لم يُبْجِسْ دما |
أو يَذْرِ دمعاً، أو يضج حنينا |
من كان بَسْمَات الوجود وخُلْدَه |
اليوم سال به الوجود جُفونا |
إنَّ المبادئ مثّلَتْ غازي القُصَي |
بِي: فكرةً وفضيلة وفنونا |
كانت حياتك لحظةً بيضاءَ في |
ليل المدى وضحىً أغرَّ مُبينا |
سرٌّ وخبّأه الزمانُ وباحَ مِن |
ه بكلمةٍ وأعاده مكْنونا |
هو جملةٌ لا تنتهي، واستُودعتْ |
رَوْعاً على سِرّ الخلود أمينا |
مازلتَ طِلسِما تُفسّره النُّهى |
ويقينها فيه يعودُ ظُنونا |
وإذا رآك مَن اصْطُفِيتَ عليْهمو |
فلقد رأوا أَوَجَ الجَلال يقينا |
ما كنتَ من ذا العالَم الأدنى الذي |
لو يَستحِقّك عِشْتَه مليونا |
|