Al Jazirah NewsPaper Friday  03/09/2010 G Issue 13854
الجمعة 24 رمضان 1431   العدد  13854
 
هيئة الاستثمار وحمزة السالم
علي بن سليمان العلولا

 

اطلعتُ على المقال الذي كتبه الدكتور حمزة السالم بتاريخ الثامن عشر من شهر رمضان المبارك، بعنوان (هيئة الاستثمار ظالم أم مظلوم)، الذي أشار فيه إلى أن (الهجمة الشرسة على الهيئة العامة للاستثمار لم تتسلح بأي حقائق سوى استغلالها للبيئة الفكرية للمواطن السعودي، التي تتهم كل مسؤول وتشكك في كل عمل طموح للوطن، وأن ما جلبته الهيئة من أموال أو ساهمت فيه يساوي أكبر ميزانية في تاريخ المملكة، وأنها سهلت على المستثمر الأجنبي دخول البلاد، وأنها لا تعلن عن مشاريعها إلا بعد ظهورها خوفاً من تكالب المستنفعين عليها وتعطيلهم للمشاريع، ونجحت في جلب نصف تريليون ريال وما تحويه من علومها وتقنيتها، إلا أن الأزمة المالية أدت إلى تأخر إنجاز المدن الاقتصادية فاستغل هذا بعضهم في التشكيك فيها).

ومع بالغ احترامي للدكتور حمزة السالم وإعجابي بكتاباته إلا أنه كتب هذا المقال ضمن الهجمات المرتدة اليائسة التي تصب في الاتجاه نحو تخفيف هجمات الغيورين الذين اكتشفوا حقيقة الاستثمار الأجنبي وأرقامه وتقاريره الوهمية، وليس كما زعم الكاتب بأنها استغلال للبيئة الفكرية للمواطن السعودي التي تتهم كل مسؤول وتشكك في كل عمل طموح، فحين صدر نظام الاستثمار الأجنبي قبل عشرة أعوام ومنح المستثمرين الأجانب المزايا والحوافز والضمانات والقروض الصناعية التي تحلم بها المنشآت الوطنية كان من أهدافه استقطاب أموال أجنبية من خارج البلاد لإقامة مصانع ومشاريع منتجة توفر فرص عمل لمواطني المملكة وتنقل إلينا تقنيات حديثة وتُنتج سلعاً أو تقدم خدمات بتكلفة مناسبة، إلا أن المستثمرين الأجانب الذين حصلوا على رخص استثمار أجنبي كانوا في غالبيتهم مقيمين يمارسون أنشطة تجارية أو صناعية أو صحية أو زراعية تحت كفالة مواطن متستر يكتفي بمبالغ مقطوعة، وقيّض الله لهم نظاماً يستطيعون الالتفاف عليه من خلال خلع كفلائهم والاستمرار في نشاطهم نفسه واستقدام أقاربهم للعمل معهم وإنهاء جميع إجراءاتهم بيُسر وسهولة من مركز خدمات شامل يحلم بمثله المواطن السعودي، وهناك مكاتب خدمات متخصصة في تسهيل حصول الأجانب المقيمين في المملكة على رخصة مستثمر أجنبي وقد منحت المقاولين والسباكين وعمال الصيانة والورش والمطاعم وغيرهم رخص استثمار أجنبي، ومنهم على سبيل المثال أحد المقيمين الذي كان يعمل في كافتيريا صغيرة مساحتها عشرة أمتار مربعة لبيع الحمص بالطحينة، وحصل على رخصة مستثمر أجنبي وخلع كفيله واستقدم أقاربه واستمر في مزاولة نشاطه الاستثماري الحمصي في المكان نفسه، وأرجو أن يبيّن لنا الدكتور حمزة الفائدة التي تحققت من منحه هذه الرخصة والاستثمارات والتقنيات والخبرات الحمصية التي قام بنقلها.

وبما أن الدكتور حمزة ذكر أن الهيئة نجحت في جلب نصف تريليون ريال، وسهّلت دخول الأجانب فإنني آمل منه حث هيئة الاستثمار على نشر أسماء جميع المستثمرين الأجانب، وأين كانوا، وما الأنشطة التي كانوا يمارسونها قبل حصولهم على رخصة الاستثمار؟

وما المشاريع التي قاموا بإنشائها بعد حصولهم على الرخصة؟ وحجم الأموال التي استثمروها فعلياً؛ ليتبيّن لنا عدد المستثمرين الأجانب الحقيقيين والمشاريع التي قاموا بإنشائها في بلادنا الغالية والمليارات التي جلبوها من الخارج.

أما ما ذكره الكاتب بأن الهيئة لا تعلن عن مشاريعها إلا بعد ظهورها خوفاً من تكالب المستنفعين عليها وتعطيلهم للمشاريع فالحقيقة على العكس من ذلك تماماً؛ وقد يحتاج الأمر من الكاتب إلى توضيح أكثر؛ حتى يمكن لنا إبداء الرأي حول ذلك، إضافة إلى أن الهيئة أعلنت مشاريعها كالمدن الاقتصادية التي نشرت صورها ومجسماتها سنوات طويلة ووعدتنا فيها بمئات المصانع وملايين الوظائف، فأرجو أن يوضح لنا الكاتب الكريم المصانع الحقيقية التي تم إنشاؤها فيها.

إن الحقيقة التي يدركها الجميع هي أن الهيئة، لم تستقطب أموالاً ومستثمرين من خارج المملكة إلا في تقاريرها، وبعد أن كنا سابقاً نعاني ظاهرة تستر مواطنين على وافدين يعملون لحسابهم الخاص مقابل مبالغ مالية أصبحنا نعاني ظاهرة تركيز الهيئة على وافدين يتمتعون بمزايا يحلم بها المواطن ويحصلون على التأشيرات التي يرغبون بها بيسر وسهولة ويتسترون على غيرهم من الوافدين، وسيطروا على غالبية أنشطة التجارة والصيانة وغيرها حتى بلغت نسبة المستثمرين الأجانب الذين يعملون في الأنشطة التجارية في مدينة جدة أكثر من تسعين في المائة، وتباهت إدارة رخص المستثمرين الأجانب في جدة بأنها أصدرت ستمائة رخصة جديدة لممارسة أنشطة صيانة سيارات وأجهزة ومطاعم وعمارة ودباغة، وهي أنشطة كانوا يمارسونها ومنحتهم الهيئة فرصة التحوُّل من مكفول صغير إلى كافل لعشرات ومئات من الوافدين حتى اضطر كثير من رجال الأعمال السعوديين الذين يعانون صعوبة الحصول على التأشيرات إلى الاتفاق مع أحد مكفوليهم على استخراج رخصة استثمار أجنبي ليتم إعفاؤهم من السعودة، ويحصلوا على التأشيرات التي يحلمون بها.

وأخيراً، أرجو من الكاتب الكريم الذي يعتقد أن المواطن السعودي يشكك في المسؤولين الناجحين والمشاريع الطموحة أن يوضح لنا هل قيام أربعة أشخاص من أسرة واحدة وعدد من أقاربهم يعملون في شركة في مدينة جدة بتولي المناصب القيادية العليا الدسمة في الهيئة برواتب شهرية ضخمة يُعتبر أمراً طبيعياً؟



Alola111@yahoo.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد