الدمام - محمد السليمان
يعد « البشت « اللبس الرسمي في دول الخليج، وهو في ذات الوقت مكمل للوجاهة، ودلالة في بعض الأحيان على الرصيد الثقافي والاجتماعي بل والمالي.
يكثر الإقبال على شراء البشوت أو المشالح في أوقات المناسبات المختلفة.
كان البشت السعودي في يوم من الأيام ذا صناعة محلية ولكن مع مرور الزمن بدأت هذه الصناعة في التراجع وبدأ أبناء هذه الصناعة يتخلون عنها إما لكبر في السن أو قلة في المردود فلم يقفُ الأبناء ماكان عليه الآباء فأخذت هذه الصناعة بالتراجع في ظل تنامي العمالة الأجنبية التي تنافس في الصناعة، واكتساب الخبرة من الآباء مما دعاهم إلى السيطرة على صناعة البشوت تحت إشراف أصحاب المهنة الأصليين.
تختلف البشوت في أنواعها فمنها الصيفي والآخر شتوي ويسمى بالوبر، ويشهد الأخير رواجا في فصل الشتاء ومع اشتداد برودة الجو يفضلون اقتناء هذا اللبس لتحقيق عدد من المكاسب منها المظهر العام، والتدفئة في آن واحد.
يقول كبير البائعين للمشالح حسن القطان للجزيرة: إن حجم المبيعات خلال السنوات الست الماضية بلغت حوالي 12 مليون ريال خلال شهر رمضان المبارك وإجازة عيد الفطر المبارك التي يكون فيها الإقبال كبيرا على المشالح الحساوية ذات النوعية العالية الجودة والمشهورة بها الأحساء.
ويضيف القطان: إن الصناعة لم تعد كسابق عهدها، حيث كانت في السابق تعتمد بنسبة 100% على صناع محليين وكانوا أكثر مصداقية في التعامل مع زبائنهم الذين يأتون من الداخل ومن الدول المجاورة ويقصدون الأحساء على وجه التحديد؛ لاشتهارها بالجودة والمتانة في هذه الصناعة لكن اليوم ومع زيادة نسبة اليد العاملة داخل سوق المشالح وصناعتها فقدت السوق الشيء الكثير من مزاياها، مبينا: إن الحلول كثيرة التي من شأنها إعادة السوق والصناعة إلى طبيعتها والتي من ضمنها تعميم السعودة تدريجيا والاستفادة من خبرات الصناع المحليين وتشجيع الصناعة من خلال تقديم التسهيلات والمساعدات على المستوى الرسمي لأصحاب المهنة لافتتاح أكثر من مصنع في أكثر من منطقة لإعطاء هذه الصناعة مجالات أكبر في التوسع والانتشار.
وأشار إلى أن المشتغلين بهذه الصناعة لم يقفوا عند حدود - رغم فقدان المحفزات - حيث أسهم بعضهم في نشر الصناعة داخل وخارج المملكة وكذلك تصدير منتجاتهم إلى مختلف الدول معتمدين على ذاتهم المتواضعة في عمليات الترويج والتصدير لتظل المملكة قاعدة هذه الصناعة العريقة مؤكدا أن ثمة توجها من بعض المستثمرين لتطوير هذه الصناعة وذلك بتوفير صناعات مساندة أو أساسية لها؛ إذ يوجد حالياً مصنع لنسيج أقمشة المشالح ينتج العديد من أنواع الأقمشة الفاخرة.
على ذات الصعيد فإن الأحساء تشتهر بصناعة البشوت وحياكتها، وهو دلالة على جودة البشت بحسب ما يعبر به كثير من حاكة البشوت في الأحساء، حيث التقت الجزيرة بهم وأكدوا بأن الأحساء تشهد إقبالا منقطع النظير في أوقات معينة في السنة إضافة إلى الطلبات التي تأتيهم من خارج المملكة.
وعن تعلم وحياكة البشت يقول عبد المعنم البراهيم: إن تعليم خياطة البشوت صعب حيث يقضي المرء في تعلمها ما بين سنة إلى سنتين كحد أدنى مع معلمه ويقوم المتعلم خلال هذه السنة أو السنتين بالجلوس ومتابعة الخياطين في مجلس الخياطة، ويتدرب على مهارات خفيفة إمعانا في تقويته لإجادة هذه الصناعة.
ويضيف بالقول: على الرغم من أننا نسمع عن الكثير من المشالح ذات الجودة والقيمة العالية إلا أننا في حقيقة الأمر لا نفرق بين الجيد ونقيضه.. كون ثقافتنا بهذه الصناعة معدومة.. منوها بضرورة زيادة الوعي بها والإعلان عنها بصورة تنفي الجهالة عنها.
وتابع قائلاً: نحن نسمع بأن المشلح الأحسائي
(البشت الحساوي) يتصدر القائمة في المبيعات والسعر وإن من أشهرها الملكي.. لكن لو جيء بأي مشلح وقيل إنه حساوي فلا نظن أن الكل قادر على الجزم بأنه مشلح حساوي.. مؤكدا أن الكثير من العمالة الوافدة تستغل هذه الثغرة لتمرير أساليبها الرخيصة في ترويج المشالح ذات الخامة الرخيصة على أنها ذات جودة عالية.
وأشار إلى أنهم يقفون مع كل المطالبين بسعودة هذا القطاع ونشد على أيديهم كونه قطاعا مهما لا ينبغي أن يترك في أيدي العمالة الأجنبية التي باتت تدير الكثير من المشاغل وتستغل كبار السن في وضعهم في المحل لإيهام الجهات المسئولة بأن هذا المشغل أو المحل لهذا المسن وهو أسلوب متبع في الكثير من المحلات التجارية والتي يساعدها في ذلك ممن ضعفت وطنيتهم وهانت عليهم مصلحة الوطن والمواطن.
وطالب المتعاملون الجهات المعنية بوضع دراسة شاملة وفتح معاهد تدريبية وتعليمية تعمل على تثبيت أصول الصناعة وإيجاد جيل من الشباب السعودي قادر على مواصلة المشوار وإعادة الهوية الوطنية لهذه الصناعة التي انطلقت في الأصل من هذه الأرض منذ قرون مضت.
من جانب آخر التقت (الجزيرة) بالمقيم عبد القادر ويعمل حائكاً للبشوت منذ 35 سنة في الأحساء يقول: تعلّمت هذه الصنعة من معلمي في الأحساء إلى أن أجدتها بشكل دقيق وأعرف كل نوع من أنواع البشوت والزري، كما أن هناك نوعين من الخياطة منها خياطة بالمكائن الحديثة للخبن وأخرى باليد وهذا ما يفضله الكثير من الزبائن ، ويضيف: يعتمد في الغالب سعر البشت على الزري التي يتم حياكته للبشت بها، حيث يعتبر هو الفارق في السعر والذي يرفع من سعر البشت ليصل إلى أسعار مرتفعة تتعدى الـ 7 آلاف ريال، أما القماش ففي الغالب يكون نفسه رغم أن أغلى قماش لا يتعدى الـ 3000 ريال (800 دولار).