Al Jazirah NewsPaper Friday  03/09/2010 G Issue 13854
الجمعة 24 رمضان 1431   العدد  13854
 
عدسة (الجزيرة) في جولة داخل قلعة صلاح الدين الأثرية في سوريا
1188م ضمها صلاح الدين للفتوحات الإسلامية بعد خطة حربية محكمة

 

الرس - إعداد وتصوير خليفة الخليفة

انتشرت القلاع والحصون فوق سلسلة جبال الساحل السوري لتسيطر على الممرات التي تمتد ما بين الساحل غربا والداخل شرقا، وكان العالم الجغرافي الإدريسي قد أحصى عدد الحصون ما بين بيروت واللاذقية قبل قدوم الفرنجة بقليل فبلغت ستين حصنا، واليوم لم يبق منها إلا العدد اليسير بسبب الحروب والزلازل والإهمال إضافة إلى فقد أهميتها السابقة بعد اختراع البارود واستخدامه في الأسلحة النارية الحديثة، ومن هذه القلاع قلعة صلاح الدين التي تقع على بعد 33 كم شرقي مدينة اللاذقية قرب بلدة الحفة، تجثم القلعة على رأس صخري مثلث الشكل مرتبط من جهته الشرقية المجاورة ويحيط بالقرية من الجهتين الشمالية والجنوبية واديان عميقان في عمقهما مجرى مياه وهي على ارتفاع أربعمائة متر عن سطح البحر ويبلغ طولها 7440 مترا أما مساحتها فتزيد على الخمسة هكتارات وتنقسم القلعة إلى قسمين متميزين عن بعضهما البعض هما قسم شرقي مرتفع فيه أغلب التحصينات الهامة وقسم غربي ينخفض انخفاضا ظاهرا عن القسم السابق.

لمحة تاريخية

تعود أقدم الإشارات التاريخية حول قلعة صلاح الدين عند الحديث عن مدينة سيغون لدى المؤرخ اليوناني Arrien وذلك في القرن الرابع قبل الميلاد وقد وردت هذه الإشارة عنده في المقطع الذي تحدث فيه عن دخول الإسكندر الكبير إلى سوريا بعد معركة أسوس عام 133 قبل الميلاد وفي عام 975 ميلادي استولى الإمبراطور البيزنطي (جون الأول) على هذا الموقع من الحمدانيين خلال حملة قام بها، وفي أوائل القرن الثاني عشر الميلادي استولى الفرنجة على القلعة وشرعوا بإقامة تحصيناتها ولا سيما في القسم المرتفع، ومكثوا فيها ثمانين عاما حتى قدوم صلاح الدين الأيوبي عام 1188م حيث طردهم منها ووقعت في قبضته وسلمت إلى الأمير ناصر الدين منكروس والذي حكمها أربعين عاما وخلفه في حكمها ابنه ظفر الدين عثمان، وتضاءلت قيمة القلعة عسكريا بعد القضاء على الدولة البيزنطية ودخول سوريا تحت الحكم العثماني وأصبحت مركزا أمنيا محليا إلى أن حصل الصراع الأخير عام 1840 م بين إبراهيم باشا ابن محمد علي باشا حاكم مصر والعثمانيين فقصفت القلعة قصفا عنيفا لتلحق بها أضرار بالغة ثم هجرت القلعة بعد ذلك حينا من الزمن وسكنت من قبل بعض الثوار أثناء الانتداب الفرنسي على سوريا، حيث مرت القلعة بثلاثة فترات هي: البيزنطية والإفرنجية والإسلامية، حيث تضم عددا من المباني شيدها العرب داخل القلعة وهي الجامع والمئذنة والحمامات وبرج يطل على القسم المنخفض من القلعة ويرجح أن المباني العربية تعود إلى منكروس الذي استلم القلعة من صلاح الدين والذي قام بتحريرها من الفرنجة عام 1188م بطريقة حربية بعد دراسة حصونها ووضع أفضل الخطط الحربية حسب مؤلفات ابن الأثير وعماد الدين الأصفهاني والذين كانوا يرافقون جيش السلطان الأيوبي.

وتحيط بالقلعة الغابات الطبيعية إضافة إلى السدود والمزارع ذات الأشجار المثمرة.

* القلعة بألسنة المؤرخين:

هناك العديد من الجغرافيين والرحالة والمؤرخين الذين زاروا القلعة وتحدثوا عنها من العرب والأجانب حيث يقول ابن شداد: (قلعة منيعة في طرف جبل خنادقها أودية هائلة واسعة عظيمة وليس لها خندق محفور إلا من جانب واحد).

ويقول عماد الدين الأصفهاني: (هي قلعة على ذروة جبل في مجمع واديين محيطين بها من الجانبين والجانب الجبلي قطع بخندق عظيم وسور وثيق).

ويقول أبو الفداء: (قلعة حصينة لا ترام من مشاهير معاقل الشام وعلى صخر أصم).

يقول عنها الفرنسي Lawrence: (إنها من أجمل النماذج لفن العمارة العسكرية).

أقسام القلعة:

الربض: وهو ما يسمى ببيت المدينة وسكن خلال الفترة الإفرنجية والإسلامية ولم يبق منه إلا الأطلال.

الخندق: وتم حفره عميقا بالصخر ليفصل القلعة عن الربض وعمقه 30 مترا وطوله 158 مترا وعرضه 20 مترا تشكل أطرافه جروفا صخرية بشكل ينسجم مع الأبراج التي تعلوها مما يوحي بوجود مخطط هندسي مسبق لهذه المنشاة الدفاعية، وحفر في الفترة الإفرنجية واستخدمت حجارته في بناء القلعة.

في وسط الخندق من الجهة الشمالية ينتصب عمود المسلة منحوت من الصخر يرتفع 27 مترا، وفي الأعلى استكملت بمداميك حجرية ارتفاعها خمسة أمتار لدعم ممر خشبي (جسر متحرك) يصل مقر السكن بالقلعة ويؤدي إلى باب معلق بجواره أبراج نصف دائرية لرمي السهام والنبال وهذا الباب كان يشكل في الماضي الباب الرئيسي للقلعة يوصل بواسطة الجسر الذي ينصب أثناء السلم ويرفع أثناء الحصار.

الأبراج: وهي ثلاثة أبراج رئيسية بني الأول والثاني من طابقين ويستخدم أحدها الآن كمركز استعلامات لاستقبال الزوار، أما الثالث فبني من ثلاثة طوابق.

خزانات المياه الصغير يتسع لأكثر من 2000 م3 ويستخدم لسقاية الدواب ويتم تعبئته من خلال الأسطح المجاورة.

خزان المياه الكبير يتسع لأكثر من 4000م3 ويعتبر الخزان الرئيسي للقلعة.

الجامع وهو من المعالم الإسلامية ويعود إلى الفترة الأيوبية ويتسع لأكثر من 200 مصل بجانبه مئذنة بارتفاع 17 مترا.

القصر الأيوبي: بقي هذا القصر تحت اسم الحمام الأيوبي إلا أنه بعد التنقيب تبين أنه قصر أيوبي مؤلف من طابقين.

حمام قلاوون: وهو حمام مملوكي يقع شمال القصر ويدعى حمام الجنود.

قاعات كبيرة ذات أقبية سريرية لعلها مخازن مستودعات تعود للعصر الإسلامي استخدمت كمستودعات لأشياء متنوعة.

مستودعات الحبوب والزيوت وتعود للفترة البيزنطية وهي مبنية من الحجر الكلسي وتأخذ شكل جرار مغروسة في الأرض ذات سعة كبيرة.

المنارة البيزنطية تتوسط القلعة ويحيط بها سور وتستخدم لإعطاء الإشارت بالنار التي توقد أعلاها.

مجموعة من الأبنية الدينية تمثل بقايا كنيسة إضافة إلى غرف أخرى تتبع لها.

قصر البنات: يبدو هذا البرج الدفاعي وموقعه الحسن في الجهة المرتفعة وإطلالته المتميزة جعلهم يطلقون عليه قصر البنات ويستخدم حاليا كمكان لاستراحة الزوار.

برج دفاعي بيزنطي يقع بالناحية الشمالية الغربية من القلعة.

السور البيزنطي: وهو السور الذي يحيط بالقسم المنخفض من القلعة بشكل كامل بارتفاع يزيد عن خمسة أمتار وبعرض يقارب ثلاثة أمتار.

برج المراقبة: ويقع هذا البرج في رأس القسم المنخفض من القلعة ليشكل نقطة إستراتيجية لكشف عموم الوادي غربي القلعة.

المعصرة: تتألف من ثلاثة طوابق اكتشفت عام 2006 بداخلها مجموعة من الخزانات المحفورة بالصخر.

عدسة الجزيرة تجولت داخل القلعة التاريخية والتقطت عددا من الصور داخلها والتقت بالمرشدين السياحيين وتزودت بعدد من المطبوعات لأخذ معلومات وافية عن تاريخ هذه القلعة التاريخية، ولاحظت الجزيرة حرص السياح السعوديين على زيارة هذه القلعة التاريخية خلال تواجدهم هناك حيث يقضي السائح عدة ساعات متجولا على قدميه في ردهات القلعة وحصونها وقبابها وخنادقها.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد