Al Jazirah NewsPaper Sunday  05/09/2010 G Issue 13856
الأحد 26 رمضان 1431   العدد  13856
 
ذكرياتي معهم
إبراهيم بن سعد الماجد

 

من الله علي في فترة من فترات عملي مسؤولا عن تحرير جريدة (المسلمون) الدولية والتي توقفت منذ سنوات، من الله علي بالتواصل مع نخبة من العلماء الكبار وتعلمت منهم دروسا حية في كثير من مناحي الحياة،

وأي دروس عندما تكون تأتيك هكذا عفوية وبدون أي تكلف أو تصنع، ولعلي أعرض هنا بعض هذه المواقف وبأشكالها المختلفة والتي منحتني وأرجو أن تمنحكم دروسا تستفيد منها في حياتنا وتكون في مخيلتنا دوما، لما لها من أثر بالغ لمن يعي الدرس ويفقه الفقه، ويبحث وهذا هو الأهم عما يفيده في حياته وبعد مماته، هذه الدروس لم تكن كما يقال جثوا على الركب وإنما جاءت هبة من الله وفي اعتقادي أن الدروس الفعلية لا تقل أثراً من الدروس العلمية.

1 - مع الشيخ ابن باز:

سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز -رحمه الله- لا يمكن أن نحصر المواقف المضيئة معه في موقف معين فكل حياته مواقف وكلها دروس فإن أردت معرفة الأخلاق الحسنة فهو مدرسة فيها وأن أردت الكرم فحدث ولا حرج وأن أردت التواضع فقل ولن تكذب وإن أردت التقوى الحقيقية لله والحرص على الناس فهو سيد الموقف لا يمكن أن يسلم عليه أي إنسان دون أن يسأله من هو ويسأله عن حاله ويدعوه إن كان قريبا من منزله للتفضل فمنزله كان يضم في غالب الأوقات جنسيات عديدة، والجميع يلقى من الشيخ المعاملة المتساوية وقد تشرفت ذات مساء بالجلوس معه على مائدة العشاء التي كانت بسيطة جداً وكانت لجميع الحاضرين فقراء وأغنياء بسطاء وعلماء، أورد هنا موقفا واحداً فقط من مواقفه الكثيرة.

في يوم جميل كنت على موعد مع سماحته -رحمه الله- بعد صلاة العشاء وحضرت في الوقت المحدد واستقبلني الشيخ محمد الموسى وأخبرني بأن الشيخ ولظرف طارئ خرج ويعتذر منك ويطلب منك الانتظار، وكان لسماحته ما أراد فانتظرته قرابة الساعتين أو الثلاث ولما جاء أبدى أشد أسفه لتأخره نظراً لأنه خرج في أمر هام وصحبني معه للعشاء وبعد الخروج من صالة الطعام استأذنت الشيخ في المغادرة نظراً لتأخر الوقت فأصر على أن يجلس معي قائلاً: لا يمكن أن تأتي وتخرج دون أن تقضي الأمر الذي أتيت من أجله حاولت معه مبينا معرفتي بوقت نومه وأننا الآن متأخرون جداً فرفض وفعلا قضى الأمر الذي جئت من أجله بكل رحابة صدر وأبوة حانية، على الرغم من الإجهاد الذي كان يبدو عليه، رحمه الله.

موقف لا أنساه مع سماحته -رحمه الله- وهو درس في التواضع وحسن التعامل وتقدير للوقت، خرجت من عنده وأنا في غاية التأثر لسببين الأول إنني أجهدت سماحته والثاني هذا الدرس الذي تعلمته منه وتمنيت أن الكثير من المسؤولين يتعلمونه.

2 - مع الشيخ ابن جبرين:

هذا الشيخ -رحمه الله- حدث ولا حرج عن دماثة خلقه وحيائه الكبير حتى مع من هم أقل منه علماً وأصغر سنا.

الحديث عن الشيخ عبدالله بن جبرين -رحمه الله- كبير ومتشعب ولكني أختصر ذلك في موقفه عندما آتيه عارضاً عليه أسئلة القراء فأجده في بعض الأحيان يلتفت يمنة ويسره ويأخذ الأوراق ويضعها وكأنه يريد أن يقول شيئاً وعندما أقول له: إن رأيت يا شيخ أن أترك الأسئلة عندك وأعود فيما بعد فإذا بوجهه يتغير فرحاً مسروراً وداعياً لي بالتوفيق..!! درس أيضاً في حسن التعامل وتقدير الأوقات والشعور بالمسئولية تجاه هؤلاء القراء الذين ينتظرون الإجابة على أسئلتهم والأمر الآخر أنه -رحمه الله- لما أعود إليه بعد يومين أو ثلاثة أجده مجيباً على جميع الأسئلة رغم كثرتها وإذا حدث وإن كانت الإجابة على بعضها تجده في غاية الحرج ويبدي شديد الأسف، مكتبه في دار الإفتاء يعج بالسائلين من ثقافات وجنسيات مختلفة ومع ذلك يجد الجميع منه نفس الاهتمام ولم يحدث أن وجدت باب مكتبه مغلقاً أبداً.

3 - مع الشيخ بن عقيل:

الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز العقيل -حفظه الله- رجل متميز في سماحته ورحابة صدره فأتذكر أنني عندما أقوم بزيارته في منزله عارضاً عليه أسئلة القراء أجده متجاوباً ولكنه يصر على أن أبقى معه أكبر وقت ممكن ويناقشني في بعض القضايا الصحفية بكل أبوة وفي جو حواري ممتع لا يخلو من الطرفة.

4 - مع الشيخ ابن فوزان:

زياراتي لفضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان تأتي أحياناً في منزله بعد صلاة العصر وعندما أريد أن أتكلم معه يقول أولاً (نتقهوى) ولما تحضر لنا وأريد أن أقوم بتقديمها يصر على أن يقدمها هو لي ولا تجدي المحاولات معه ويوقعني في حرج كبير كيف لمثلي أن يقبل هذا الوضع من رجل في مثل مقام فضيلته، ولكنه تواضع العلماء وأخلاق العلماء، لم يحدث وأن اعتذر عن طلب إجابة على سؤال أو حوار في أي زمان ومكان كل وقته للناس ولقضاء حوائجهم.

5 - مع الشيخ المطلق:

وهذه المعلومة التي أسجلها هنا أستميح الشيخ عبدالله المطلق في كشفها مع علمي بعدم رغبة الشيخ أن أذكر ذلك ولكني والله على ذلك شهيد أريد من ذكر هذا بيان باب من أبواب الخير والتي تعد بسيطة في فكرتها ولكنها كبيرة في أثرها لدى من تصله، لقد كان الشيخ يحصل على مكافأة من الجريدة لقاء كتابته زاوية أسبوعية وكان يحرص على الحضور لاستلامها نهاية الشهر لأكتشف سر هذا الحرص حيث كان الشيخ يأخذ هذه المكافأة ليسلمها لأسرة محتاجة تنتظرها كل شهر، ولتوضيح الأمر فقد كان المكافأة المقدمة نظاماً تسير عليه الجريدة وليس بطلب من الشيخ.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد