Al Jazirah NewsPaper Sunday  05/09/2010 G Issue 13856
الأحد 26 رمضان 1431   العدد  13856
 
إلى جنة الخلد
غازي القرشي

 

(وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ)

الحمد لله على قضاء الله وقدره قبل أيام معدودة رحلت عنا يا أبي من دار الفناء إلى دار القرار، شهر كامل منذ مرضك في المستشفى ونحن نفتقدك لم نتعود غيابك عن المنزل، ملابسك وعصاك وأحذيتك ذكرى جميلة لك حتى غرفتك بكت على فراقك، كنت أتمنى أن أكون مكانك على فراش المرض لأحمل آلامك. كان أنينك سهام في القلب تضاعف أحزاننا، لن أنسى ماحييت نظراتك لي ولأخوتي وقد أعياك المرض وأنهك جسدك الطاهر، لن أنسى ماحييت دمعة ذرفتها عينك وأنت على فراش المرض وكأنك تقول وداعا ياأحبتي .. مشاعرنا وكل إحساس ينبض كانت معك أتلمس بيدي جسدك الطاهر، كنت أبكي في داخلي بكاء الأطفال وأنا أشاهد الأجهزة الطبية تساعدك على التنفس بعد أن أعياك المرض وغاب وعيك عن الدنيا، عندها شرد ذهني لمناسبة عظيمة إسلامية على قلوبنا وهي شهر رمضان الكريم بعد رحيلك ياحبيبي عن الدنيا، ماذا عسانا نفعل؟ كيف ستمر أيام وليالي هذا الشهر الكريم ومكانك على مائدة الإفطار خال؟ يشهد الله أن دموعي تسبق إفطاري، كيف نستقبل عيد الفطر؟ وكيف لنا أن ننسى احتفالك بهذه المناسبة وأنت تتقدمنا لصلاة العيد وملابسك الزاهية تزين جسدك الطاهر ووالدتي حفظها الله تقدم لك مبخرة العود حول ملابسك؟ أي عيد يحلو بعدك ياحبيبي؟ لقد أحببت الحياة معك لطيب أبوتك الحانية وعطفك وتسامحك مع الجميع، لن أنسى في طفولتي حينما تعود من عملك في أعمال البناء بثيابك الرثة وأنت منهك القوى لتوفر لنا لقمة عيش.

حقا علينا يا أبي أن نظهر وفاءك وتأديتك لرسالتك في الحياة بأنها مثال للعطف والرحمة والتسامح، وحقا علينا أيضا أن نقول إننا افتقدناك وافتقدك أصدقاؤك وقبلهم شريكة عمرك وأبناؤك، افتقدك المصلين في جامع المهاجرين، الكل يذكرك بخير ويدعو لك.

حبيبيي ووالدي وأبي، كنت كل شيء في حياتي، لن تفلح كلماتي ولا آهاتي ولا دموعي، فأنت تعيش في قلبي وذهني وثنايا صدري، ولن أسلم عهدتي ووثائق أسراري لأنجو من حزني بل سأعيشه عمراً إن مايخصني قد رحل وأدركه الموت ولا شيء ينسيني إلا موتي، رحمك الله يا أبي رحمك الله رحمة واسعة، وأسكنك فسيح جناته ونسأل الله العظيم أن يلهمنا الصبر(إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ).



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد