قرأت ما كتبه المهندس عبدالعزيز السحيباني في العدد 13827 يوم 26-8-1431هـ تحت عنوان (رطب السكري في عهد الدولة العباسية) وفي ثنايا كلامه جزم أن البرحي والسكري (من أنواع النخيل) قد جُلبت إلى القصيم من العراق.
وأقول: إن النخيل في بلادنا ثروة وطنية بل ورمز وطني ولذلك فإن تاريخها يهم الجميع. وما ذكره المهندس نوافقه في بعضه ونخالفه في بعضه الآخر. فقوله: إن البرحي قد جُلب من العراق إلى القصيم هذا كلام صحيح فقد حدثني كبار السن في عنيزة قبل ثلاثين سنة تقريباً، حدثوني أن بعض (البسَّام) الأقدمين قد أتوا بفسائل من البرحي من العراق على ظهور الإبل. ولما كانت المسافة بعيدة فقد لفوا على عروقها قطهاً من القماش الخشن وأخذوا يرشونها بالماء بين فترة وأخرى إلى أن وصلوا إلى عنيزة وغرسوها. ومنها انتشرت إلى باقي القصيم ثم إلى مناطق أخرى من المملكة. وأما «السكري» المعروف الآن فإنها نخلة قصيمية أصلا وفصلا ولا يعني وجود «رطب السكري» في العراق قديماً أن سكريتنا عراقية، والتشابه أو التطابق في الأسماء لا يدل بالضرورة على أن الشيئين المتفقين في اسميهما شيء واحد.
فسكرية القصيم نبتت أول ما نبتت في خب (حويلان) أحد أرياف بريدة الغربية، ثم انتشرت في بقية القصيم.
قال معالي الشيخ محمد الناصر العبودي في كتابه (معجم أسر بريدة) عند حديثه عن أسرة (الجمعة): «وإليهم كانت تنسب التمرة الجيدة المسماة السكرية فكان يقال لها سكرية الجمعة إلا أنها مع كثرتها وغلبتها على غيرها من النخل التي كانت تسمى السكرية أصبحت يطلق عليها السكرية أو السكري بدون إضافة. نبتت السكرية أو ما نبتت عندهم في ملك للجمعة أي حائط النخل الذي يملكونه ويقع الآن وسط (حويلان) إلى الشمال من جامع (حويلان).
والسكرية هذه النخلة مباركة طيبة الثمرة فهي من أكثر النخل بركة في القصيم لأنها تعلق بسرعة في الأرض - أي لا تموت إذا غرست إلا نادراً أو لسبب في غرسها - ثم هي تصلح في جميع الأراضي في القصيم من الرملية إلى السبخة الملحية إلى الطينية إلى ما بين ذلك.
وإذا زاد لها صاحبها في الإكرام من الماء وتجديد ترتبها زاد طلعها كثيراً، وإذا نقص من العناية بها لم تتوقف عن الطلع المجزي والجيد» اهـ كلام الشيخ. ثم جزم الشيخ محمد أنها عُرفت في القصيم بعد عام 1196هـ ولكن لا يُعرف على وجه التحديد في أي سنة نبتت، وقد نقل لنا بعض الوثائق المؤرخة في عام 1274هـ وفي سنة 1277هـ وفيها ذكر للسكرية. وأود أن أضيف أن هناك نوعاً آخر من التمر في القصيم تُسمى (السكرية) وهي (السكرية الحمراء) وهي (سكرية المذنب) ولا أعرف عن تاريخها شيئاً، ولعل غيري أن يكون لديه معلومات مفيدة عنها. والله أعلم.
إبراهيم بن علي القيشان / عنيزة