Al Jazirah NewsPaper Monday  13/09/2010 G Issue 13864
الأثنين 04 شوال 1431   العدد  13864
 
دعوة إلى الجنة في أيام العيد
د. إبراهيم بن أحمد الضبيب

 

اعتنى الإسلام باليتيم، وذكره في أكثر من ثلاثة وعشرين موضعاً في القرآن الكريم، وتوالت الأحاديث الشريفة للحث على رعايته ومساندته بوصفه أحد القرابين للجنة، وأصبح ولي الأمر مسؤولاً عنه وجوباً بالإسلام خاصة عند انقطاعه، وذلك بالتربية الصالحة لكي ينفع دينه ومليكه ووطنه.. واليتيم إنسان له حق العيش والرعاية، سواء كان يتيم الوالدين أو مجهول النسب، وولاية الدولة له لا تعفي أفراد المجتمع من القيام برعايته والعناية به؛ لأن رعاية اليتيم بين أفراد أسر المجتمع هي الوضع الطبيعي الذي ينشأ به اليتيم تنشئة اجتماعية سوية خلاف التنشئة داخل المؤسسات الإيوائية التي مهما اجتهد المختصون بها تظل مخرجاتها التربوية والاجتماعية أقل من الأسر الحاضنة التي توفر الحنان والعطف من مصدرها الطبيعي. ورغم تسابق الأسر السعودية على احتضان الأطفال الأيتام ووجود لوائح انتظار لطالبي الاحتضان شجعت الدولة برنامج الاحتضان؛ لكي تجعل لليتيم، خاصة مجهول النسب، أسرة بديلة يترعرع في كنفها ويستقي ثقافة المجتمع منها؛ حتى يتزوج سواء كان ذكراً أو أنثى. وقد سنت الدولة - رعاها الله - ممثلة بوزارة الشؤون الاجتماعية للأسر الحاضنة إعانة لكل يتيم محتضن لديها بـ(2000) ريال قبل سن المدرسة و(3000) بعد سن المدرسة، إضافة إلى (20.000) ريال مكافأة انتهاء حضانة، وتفتح معظم الأسر الحاضنة حسابات في البنوك لهؤلاء الأطفال بوصفها ادخاراً لهم في المستقبل، على الرغم من أن تلك الإعانة هي للأسرة وليست لليتيم. ومن أسباب تسابق الناس على حضانة الأيتام وعي الناس بفضل رعاية اليتيم بعد صدور فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء رقم 20711 في 24-12-1419هـ بما نصه (مجهول النسب في حكم اليتيم لفقده لوالديه، بل هو أشد حاجة للعناية والرعاية من معروفي النسب؛ لعدم معرفة قريب يلجؤون إليه عند الضرورة؛ وعلى ذلك فإن من يكفل طفلاً مجهول النسب فإنه يدخل في الأجر المترتب على كفالة اليتيم لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا»، وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً) ثم صدرت فتوى أخرى أكثر تفصيلاً رقم 21145 في 22-10-1420هـ تنص على الحث على حضانة اللقيط المجهول النسب، إضافة إلى الوازع الديني والحس الاجتماعي؛ ففي الحديث الشريف أن البيت الذي فيه يتيم يحسن إليه هو من خير البيوت، قال صلى الله عليه وسلم «خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم محسن إليه، وشر بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يُساء إليه»، وقال صلى الله عليه وسلم «من عال ثلاثة من الأيتام كان كمن قام الليل وصام نهاره وغدا وراح شاهراً سيفه في سبيل الله، وكنت أنا وهو في الجنة أخوين كهاتين أختان» ولصق إصبعيه السبابة والوسطى. ولقد شكا رجل إلى رسول الله قسوة قلبه فقال «امسح رأس اليتيم وأطعم المسكين». ولقد سبقنا في كفالة اليتيم مجموعة من الصحابة، منهم أبو بكر الصديق وعروة بن الزبير.. ومن الصحابيات عائشة بنت أبي بكر الصديق وزينب بنت معاوية رضي الله عنهم أجمعين. واحتضان الأيتام يحقق للفرد والمجتمع فوائد عدة، أهمها مرافقة المصطفى في الجنة ولين القلب والرحمة والبركة في الرزق وإشاعة ثقافة المحبة والمودة وتزكية للمال ودخول الخيرية بين أفراد ألأسرة الكافلة وحفاظ الذرية من كل شيء. ولقد حدثني كثير من أرباب الأسر الحاضنة عن التغير الإيجابي على أسرهم بعد أن احتضنوا طفلاً يتيماً حتى يراهن بعضهم بأن من يحتضن يتيماً محتسباً في ذلك وجه الله فإن حياته خلال فترة وجيزة تتغير للأحسن سواء على المستوى الاجتماعي أو الصحي أو المادي؛ من هنا يحزنني ما تدعيه الفئة الضالة بركوب سنام الإسلام «الجهاد المشروع في الإسلام» بوصفه سبيلاً للجنة وفق منهجية ضالة قائمة على ترويع المجتمعات المسلمة وتشويه صورها، وذلك بعد غسل أدمغة بعض شبابنا من قِبل أعداء الإسلام بالحصول على الجنة وحورها لتنفيذ مخططاتهم لزرع الفتنة في بلاد الإسلام باسم الجهاد، وهو منهم براء، تاركين أسهل الطرق إلى الجنة وحورها بكفالة الأيتام واحتضانهم اللذين يعبران عن مجتمع متراحم ودرجة من الإنسانية الرفيعة خصها الإسلام بالكتاب والسنة بعناية خاصة، فهل نبدأ هذه التجربة باستضافة الأيتام مع أبنائنا في أيام العيد؛ لندخل الفرحة في صدرهم بوصفها تجربة ندخل من خلالها عالم الاحتضان ذا الحس الديني والإنساني؟



drdhobaib@hotmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد