Al Jazirah NewsPaper Monday  13/09/2010 G Issue 13864
الأثنين 04 شوال 1431   العدد  13864
 
الإسراف الغذائي وحمّى الاستهلاك
د. زيد بن محمد الرماني

 

إن الإسراف مشكلة متعددة الجوانب والأشكال، في مجالات الغذاء واللباس والأثاث والسلع الكمالية.

والإسراف في الغذاء لا يقتصر على الاستهلاك، بل يمتد ليشمل بعض السلوكيات المرتبطة به.

وفي هذا الصدد تشير بعض الدراسات التي أجريت في بعض الدول الخليجية أن ما يُلقى ويتلقى من مواد غذائية ويوضع في صناديق القمامة كبير إلى الحد الذي تبلغ نسبته في بعض الحالات 45% من حجم القمامة.

وفي مدينة الرياض أظهرت دراسة أعدتها أمانة الرياض عن نفايات المدينة أن كمية النفايات اليومية لكل فرد من نفايات المواد الغذائية تبلغ أكثر من 1060 جراماً.

أما الانعكاسات المترتبة على الإسراف الغذائي من الناحية الاقتصادية، فتبرز في الأبعاد التالية:

أولاً: هناك سلوكيات اقتصادية كثيرة في المجتمع تمثل عبئاً اقتصادياً يمكن تخفيفه، وتعدُّ سلوكيات التخمة وإدمان الشراء والاستهلاك الشره والإسراف الغذائي أمثلة لتلك السلوكيات.

ثانياً: أوجه الصرف الباذخ وغير الضروري ينبغي على الأفراد والأسر والمجتمعات إعادة النظر فيها للتخلص من الأنماط البذخية والاستهلاكية المفرطة المتمثلة في مناسبات أفراح أو مآتم أو أعياد أو في ليل رمضان المشبع بكل أصناف الطعام وألوان الغذاء.

ثالثاً: من المعروف اقتصادياً أن أنسب وسيلة لتقريب القرارات الاستهلاكية للأفراد هي الرشد الاقتصادي في الشراء.

رابعاً: إن ظاهرة الإسراف الغذائي وتخمة الاستهلاك وعادة الصرف غير الموجه، من العادات الخاطئة، ساعد على انتشارها بروز العقلية الاستهلاكية في المجتمع وشيوع الثقافة الاستهلاكية بين الأفراد، إلى جانب إغراق السوق بصنوف الكماليات والإعلان عنها بطرق مثيرة، إلى جانب غياب الوعي الاستهلاكي.

وللأسف، فإن أكثر ما يشغل تفكير العقلية المستهلكة هو توفير الاحتياجات المادية واقتناء كل ما يستجد عرضه في الأسواق.

إن عالم اليوم بكافة دوله، متقدمة كانت أو نامية، يسوده ظواهر الإسراف الغذائي وحمى الاستهلاك والنهم الاستهلاكي، حيث صار الإنسان المعاصر مجرد أداة استهلاكية لا هم له إلا أن يقتل نفسه جهداً ليزيد دخله ويحصل على ما يشتري من أدوات استهلاك مادية وغير ضرورية تفرضها على تفكيره وسائل الإعلام وقنوات الإعلان، بزعم أنها مقاييس للمكانة الاجتماعية ومصادر للهناء الفردي.

وقد أدى ذلك إلى تداعي القيم الخلقية وانتشار القلق وشيوع أسلوب البذخ وأمراض التخمة والسمنة، وكل ذلك يُعدُّ تبديداً للثروة وضياعاً للفائض.

أما كيف يمكن تحقيق التوازن الغذائي أثناء الشراء سداً لباب تبديد الثروة ومنعاً لضياع الفائض فإنه من المعلوم بداهة أن من أهم مظاهر الضياع في الموارد الاستهلاكية هو الخسارة الاقتصادية الناجمة عن الجهل والخرافة في شراء الضروريات والحاجيات والكماليات.

فالعادات الشرائية تميل لأن تكون ثابتة مهما كانت خاطئة، فغالباً ما يقوم استهلاك الفرد على أساس عشوائي مرتجل لا على أساس رشيد.

إننا إذا استطعنا تعليم المستهلك الأصناف التي تعطي قيمة غذائية أفضل وبأقل نفقة، فإننا نوفر الكثير من العمل الإنتاجي.

ثم إن عملية الشراء ليست مسهلة، كما يظن بعض الناس، بل تحتاج إلى تفكير ودراية.

إن قرارات مثل: كم من النقود مع الأسرة معدة للشراء؟ وما نوعية الأطعمة التي تشترى؟ ومن أي الأماكن تشترى الاحتياجات؟ وكيف تخزّن هذه الأطعمة؟!!

إن هذه القرارات تؤثر على أفراد الأسرة، لذا لا بد من التفكير العميق والخبرة والمقارنة بين الأثمان والأنواع ليكون قرار الشراء صائباً حكيماً.

ومن ثم، فأول ما ينبغي مراعاته أثناء عملية الشراء هو عدم الشراء أكثر من الحاجة، أي شراء كميات الغذاء اللازمة فقط، لتجنب التلف لما يزيد عن الحاجة، كما ينبغي الشراء من المحلات النظيفة التي تتبع التعليمات الصحية في العرض والتغليف والبيع.

فقد أدى التقدم التقني والاجتماعي والاقتصادي إلى ظهور الأسواق المركزية التي سهلت للمشتري اختيار وشراء ما يطلبه من الأطعمة بالنوعيات التي يحتاجها وتناسب اقتصادياته.

المستشار وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية


 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد