Al Jazirah NewsPaper Friday  17/09/2010 G Issue 13868
الجمعة 08 شوال 1431   العدد  13868
 

المسكوت عنه
حتى لا تأكل الأسماك جُثث السعوديين!
د. حمزة بن محمد السالم

 

«إحصائية قتلى الأمريكان في العراق بعد ثلاث سنوات من الحرب - وبعد التأكد من خبر وكالة الأنباء - بلغت أكثر من أربعين ألف قتيل أمريكي وغربي! لا تصدقوا أخبار أمريكا التي تزعم بأن قتلاها لا يتجاوز 2000 قتيل» «ووالله إني لأذكر مشايخ من العراق قدموا يطلبون الفتوى مني فقالوا عندنا قضية. إن قتلى الأمريكان كانوا يرمونهم في شاحنات خارج الصحراء، وبسبب كثرتهم أصبحوا يرمونهم في دجلة والفرات! فأكلت السمك من لحوم الأمريكان فسمنت! فهل يجوز أكل السمك أم لا يجوز أكل السمك؟! نعم هذا حق أيها الإخوة!!!» انتهى. هكذا قال الشيخ الأستاذ الدكتور ناصر العمر في محاضرته «الآلام محاضن الآمال» في قطر ونقلتها قناة الجزيرة مباشر.

يعلم الله أني ترددت كثيراً قبل أن أورد طرحي لهذا اليوم بهذا الوضوح، فلعل الشيخ ناصر العمر من الذين يُستسقى الغمام بوجهه، ولكن الصلاح والتقوى أمر وإفساد دنيا المسلمين عليهم - ولو بحسن نية - وبالتالي إفساد دينهم أمر آخر، وقد قال عليه السلام لأبي ذر «إنك رجل ضعيف» وقال «القضاة ثلاثة اثنان في النار» ومنهم «ورجل قضى بين الناس بالجهل فهو في النار». ووالله إننا لفي حاجة إلى مكاشفة ومصارحة واقعية منطقية لنخرج من القيود والأغلال التي وضعها المسلمون على أنفسهم بغير حق إلا اتباعاً لأشخاص - لا يدركون التغير الذي يحدث من حولهم - ولا كفاءة لهم في علوم الدنيا إلا لقب «شيخ»، قد نصبوا من أنفسهم أوصياء على الأمة فأضاعوا دين أتباعهم بتضييعهم دنياهم.

علماء الحديث لا يأخذون عن من ينقل الأكاذيب والأساطير ولو كان أتقى عباد الله وأصلحهم ويصنفونه ب» شيخ صالح» أو «شيخ تقي» أي لا يؤخذ حديثه، والمشكلة ليست في الشيخ ناصر العمر حفظه الله ولكن فيمن يزكيهم الشيخ ويشيد بهم وهم ممن دونه في العقل والصلاح والاتزان، وهم لا يقلون عنه رواية للأساطير بمختلف أنواعها ومهووسون أكثر منه بنظريات المؤامرات الصهيونية ويعتقدون بذلك أنهم هم فقهاء الواقع - وبعضهم لا يخلو من خبث الطوية - فيتسلطون على أمور الناس الدنيوية يفسدونها عليهم بتصوراتهم الخاطئة التي يحكي حال سذاجتها أسماك دجلة والفرات. فهناك مؤامرات التغريب التي يتلونها على الناس حول كل إصلاح اجتماعي أو اقتصادي، وهناك التضييق على الناس في معيشتهم بحجج التعلق بفتاوى سد الذرائع في حقب قد انقضت وتغيرت معطياتها، ولو أنهم لم يُطعموا الأسماك لحم الأمريكان لأدركوا أنهم يجادلون ليس فقط فيما ليس لهم به علم دنيوي بل ولا حتى فقه ديني فقد قال عليه السلام «نهيتكم عن زيارة القبور فزورها، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث فأمسكوا ما بدا لكم» (رواه مسلم)، فبزوال الذريعة إلى الشرك زال النهي عن زيارة القبور، وبزوال المجاعة جاز الادخار، وفينا ما زال يعيش مع ذرائع القرن الماضي.

تقييم العقول على مقدار حديث أصحابها ولذا مد أبو حنيفة رجله، وفي زماننا تُعكس الحال فتُمد الأرجل عند أبي حنيفة، ففقهاء الأسماك أصبحوا دهاة الواقع والمجددون هم دعاة تغريب. فيا من يدعي الفهم، هلا أدركت الآن عظم مصيبة المسلمين، وهلا أدركت لماذا تخلف المسلمون.

بلادنا بلاد الإسلام في أيد أمينة قوية يقودها إلى العلا والشموخ - بإذن الله - ملك مؤمن قوي أمين، فدعوها بالله عليكم إن كنتم تؤمنون بالكتاب كله، فقد قال تعالى {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} وعلوم الدنيا في العصر الحاضر لا علم لكم فيها ولا تستطيعون، فلا تعرقلوا الإصلاح بأساطير المؤامرات التغريبية وبالفتاوى البالية، فإن مما سكت عنه أن فينا كثير ممن صح فيهم معنى قولهم:

كدَعْواكِ كُلٌّ يَدّعي صِحّةَ العقلِ

وَمَن ذا الذي يدري بما فيه من جَهْلِ

لَهِنّكِ أوْلَى لائِمٍ بِمَلامَةٍ

وَأحْوَجُ ممّنْ تَعذُلِينَ إلى العَذلِ

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد