Al Jazirah NewsPaper Friday  17/09/2010 G Issue 13868
الجمعة 08 شوال 1431   العدد  13868
 
أنموذج من عطاء رجال هذا الوطن العزيز
د. عبد المجيد بن محمد الجَّلال

 

الوطن رمز ومعنى يتجاوز مداه المساحة الجغرافية، والتضاريس والحدود الطبيعية، ليتصل بتراثه التاريخي والثقافي، والذي تتشكَّل به ومعه الهوية الثقافية لمجتمع هذا الوطن بأدواتها ومكوناتها المختلفة.

والهوية الثقافية هي بمثابة خارطة طريق ترسم أهدافه، وآماله، وآفاق مستقبله، ومنهجيته في البناء الفكري والتنموي، وأنماطه المعيشية والاجتماعية.

وإذا كان الوطن كذلك، فإنَّ المواطن، هو العنصر الحاسم في القيادة والحراك، والتنمية والبناء، واستثمار الموارد، والدفع به نحو المكانة الرفيعة بين أمم وأوطان المنظومة الكونية قاطبة.

وهذا الوطن العزيز بإيمانه وقِيمه العالية، زاخرٌ بعطاء رجاله ونسائه، في رحلة البحث عن مجدٍ، ونهوضٍ حضاري، يحفظ لهذا الوطن تألقه الدائم، بين الأمم، عالياً فوق هام السحب.

نماذج هذا العطاء بأوزانها المتفاوتة، وثرائها المتنوع، تعكس إيماناً صادقاً، وإرادة صُلُبة، لإثراء مسيرة العمل الوطني الخلاَّق، وتدوين ذلك في سجلات الوطن المشرقة.

والحديث عن نماذج أو أنموذج من عطاء رجال هذا الوطن العزيز، إنما هو حديث عن تجارب حياة مفعمة بالعمل والنضال، والنجاح والإخفاق، والألم والسعادة، والدروس والعِبر، بما يجعلها مادة شيقة لأجيال قادمة في بحثها عن ذاتها وأحلامها وتطّلعاتها.

ولكنَّ الحديث عن ذلك سيكون بالتأكيد أكثر صدقاً ومصداقية، وإحساساً ووجداناً، حين ينبع من واقع التعايش مع عطاء أنموذجٍ من رجال هذا الوطن فكراً وعملاً وإبداعاً.

فإذن ليسمح لي القارئ الكريم بالحديث عن شخصية محلية، اقتربت منها كثيراً، وأوعبْتُ شيئاً من فكرها المتجدد، وانتمائها الصادق لتراب هذا الوطن، وإسهامها الفعَّال في ملحمة البناء والتنمية الوطنية.

هذه الشخصية، ماثلةٌ في معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر الشيخ عبد العزيز بن حِمين الحِّمين.

ربما لا يسعفني القلم والمقام للإحاطة بكل أو حتى بعض جوانب شخصية معاليه، لكن، ومن منطلق ما لا يُدرك جُّله لا يُترك كله دعونا نفتح النافذة قليلاً، قدر الاستطاعة، في إطلالة سريعةٍ على شخصيته، بأبعادها الإنسانية والفكرية والإبداعية، من خلال الأبعاد التالية:

* البعد الإنساني: تتسم شخصية معاليه بقدر فائق من السمات والخصائص النبيلة، امتلك بها حضوراً فعَّالاً، وتأثيراً قوياً، وإمتاعاً جلياً، ومن أبرز هذه السمات: التواضع الجِّم، واللطف والبشاشة، والخلق الكريم، ورحابة الصدر إزاء كل رأي وفكرة، وسؤال وشكوى.

* البعد الفكري: وهو ركن أساسٌ في شخصية معاليه، نابعُ من رؤيته الثاقبة لأهمية إعمال الفكر لتوليد الطاقات والإبداعات الإنسانية، في شتى مناحي الحياة، فالعمل أو المشروع القائم، منبعه فكرة أو أفكار اجتمعت فتلاقحت فأثمرت. ومن ثمَّ، ووفق رؤية معاليه، فإنَّ العمل المؤسسي والتنظيمي لن تتحقق فعاليته، إذا لم يسبقه فكر مستنير يُحدّد الأهداف والتطلعات، بأساليب علمية، ومؤشرات كمية واضحة.

ومن منطلقه الفكري هذا، ولدعم رؤيته التطويرية، وترجمتها إلى واقعٍ مادي محسوس اعتمد معاليه سياسات جذب القوى الفكرية والكفاءات الوطنية في مجالات التخطيط والتطوير والأنظمة والإعلام والبحوث والدراسات. وتبني منهجية التخطيط وتنمية الموارد البشرية للرفع من قدرات ومهارات منسوبي الهيئات.

البعد الإبداعي: انطلاقاً من مظلتي البعدين: الإنساني والفكري، في شخصية معاليه، وفي فترة زمنية قياسية، أخذت رؤية معاليه بعداً إبداعياً، في مجال نشر وتوطين ثقافة التخطيط والتطوير، داخل المنظومة الإدارية والتنظيمية لجهاز الهيئة، وكان من أبرز ملامحها إنجاز مشروع الخطة الإستراتيجية للرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (1430-1450هـ) والذي استهدف إحداث نقلات نوعية وهيكلية في مجال ميكنة العمل، وتوظيف الموارد، وتحقيق المزيد من الكفاءة في الأداء وأساليب العمل، ومعايير الجودة، بما تحتويه هذه الخطة من برامج ومشاريع، وفق جداول زمنية، ومؤشرات لقياس جودة الأداء، وآليات تنفيذ وفق الأسس العلمية الحديثة. وفي السياق نفسه تحققت مؤشرات إنجاز كمية ونوعية في مجال ورش التدريب ببرامجها وحقائبها المُحكَّمة، التي تُعنى بتقديم المادة العلمية المناسبة، ذات التأصيل الشرعي، والعلمي الصحيح، وتشتمل في الأغلب على برامج فقه الحِسْبة، والأنظمة، ومهارات التفكير والتخطيط، والاتصال والحوار، والعلاقات الإنسانية، والإرشاد والتوعية والتوجيه. ونحوها من البرامج المتخصصة، التي تستهدف تطوير قدرات منسوبي الجهاز، ومهاراتهم، بما يلبي احتياجاتهم، ويُعَّززُ من كفاءة الأداء والإنتاجية. وذلك وفق بوابة الشراكة التدريبية، والتعاون، وتبادل الخبرات، مع الجهات المتخصصة العامة منها والخاصة. وتتعدد قنوات هذا الحراك لتشمل كذلك الابتعاث، والإيفاد إلى العديد من المراكز والمؤسسات والجامعات المتخصصة في الداخل والخارج.

وتتواصل جهود معاليه لتعزيز الشراكة المجتمعية مع مؤسسات المجتمع الفاعلة (الجامعات والمؤسسات الإعلامية ومركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، وهيئة حقوق الإنسان.. إلخ) فضلاً عن إنشاء الكراسي العلمية التي تُعنى بإعداد البحوث والدراسات ذات الصلة بشعيرة الحِسْبة وتأصيلها، وتطوير مخرجاتها، وتطبيقاتها المجتمعية، وفق رؤية شرعية معاصرة.

وبعد، فهذا غيضٌ من فيض، فالمبادرات الخيِّرة لمعالي الشيخ الحِميِّن يصعب أن يستوعبها مقال، فهي تتميز بطابع الاستمرارية، والتَّجدد، والابتكار، في إطار مسيرة تطوير شاملة، بدأت تؤتي أُكُلها. والمتتبع والراصد لكل آفاق ومجريات الحراك والتطوير داخل جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، سيجد جهازاً يسابق الزمن في الأخذ بمنتجات وأساليب التقنية الحديثة، ومناهج التخطيط المتطورة.

من مأثور الحِكم: لا خَيْرَ في قَوْلٍ بِلا عَمَلٍ، والرَّجُلُ الرَّجُلُ مَنْ إِذَا قالَ فَعَلَ.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد