Al Jazirah NewsPaper Sunday  19/09/2010 G Issue 13870
الأحد 10 شوال 1431   العدد  13870
 
الرياض (غير)..؟!
حمّاد بن حامد السالمي

 

نفذت مدينة الرياض في عيدها هذا العام، ما أعتقد أنه أكبر وأضخم تظاهرة فرحية في تاريخها، بل في تاريخ المدن السعودية كافة. حاولت أن أختصر جدول (مئتي فعالية فرحية)، جرى تنفيذها على مدى ثلاثة أيام في أربعين موقعاً

داخل العاصمة، وشهدها (مليونا رجل وامرأة وطفل)، فخرجت بهذه الكبسولة المضغوطة جداً: (عروض يومية للفرق الشعبية - ألعاب نارية - 14 مسرحية - تلي ماتش - مهرجان زهور - ألعاب إلكترونية - طائرات شراعية - سيارات معدلة - مهرجان نسائي - عروض للأطفال - مسابقات وجوائز)، إلى غير ذلك.

لعل هذا هو العيد الثالث الذي تتميّز فيه مدينة الرياض عن كل المدن. استطاعت العاصمة الرياض، أن تسخّر بناها وإمكانياتها الجميلة والكثيرة، من متنزهات وحدائق ومراكز ثقافية ومسارح، لصالح الفرحة التي ينتظرها كبار الناس، ويحلم بها صغارهم. الأكثر من هذا، فإن الرياض العاصمة بقيادة إمارتها وأمانتها، تمكنت من تحطيم الصورة الذهنية القديمة عن وسط البلاد، صورة الانغلاق والتشدّد. .

كانت للعيد في بلادنا كافة - وبخاصة عيد الفطر السعيد - مظاهره الجميلة، ومباهجه السارة، فالاحتفال بالعيد، سلوك اجتماعي أصيل، وفرصة شعبية عظيمة، لاستذكار فنون الناس، وتجديد تراثهم، ووضع الأجيال اللاحقة، في صورة أسلافهم القدامى، الذين لم يفرّطوا في مآثرهم، حتى ظلت البسمة مزروعة على شفاههم طيلة حياتهم.

لقد كنا ننتظر أيام عيد الفطر بشغف كبير، من أجل أن نمرح ونفرح، ونلهو ونلعب، ونرى السرور يغمر كل الذين من حولنا، وهذا هو الذي تفعله الرياض في سنواتها الأخيرة. إنها تأخذ زمام المبادرة، في خوض تجربة الترفيه الأسري البناء، وتحقيق الانفتاح الاجتماعي، الذي لا يتيسر بشكل فردي، ولكن المجتمع الذي يخرج من خلف الجدران والأبواب المغلقة إلى النور، ليلتئم في مهرجانات عامة كهذه، هو الذي يستطيع أن يكتشف نفسه، ويستطيع أن يكتشف مدنه وقراه، ويستطيع أن يعرف أن في محيطه وفي هذا العالم كله، من يفرح كفرحه، ويحزن كحزنه، ويبتسم للحياة، لأنها بحق، تستحق أن نبتسم لها، ولو في أيام العيد.

كنت أتابع بعضاً من فقرات فعاليات عيد الرياض، الذي هو عيدنا جميعاً في كل المدن، فأردد مع نفسي: (شكراً لإمارة الرياض وسلمان الرياض، وشكراً لأمانة الرياض وأمينها الأمير الدكتور عبد العزيز العياف). شكراً للرياض، لأنها بهذه الاحتفالية العيدية السنوية الرائعة، تظهر حنكتها، وتبلور حكمتها، وتهدي هذه الحكمة البديعة، لمن يستحقها في مدن أخرى كبيرة، كانت في سنوات خلت - ما قبل جريمة اختطاف البسمة من أفواهنا - رائدة في الاستجابة لمطالب الناس وحاجتهم للفرح والسرور. يوم كانت قرانا تفرح بالبارود والطار والرقص الشعبي، على أنغام المجرور والعرضة، وكانت أحياؤنا الشعبية كافة، تتنافس في إقامة زينات الفرح، واستقبال وفود المهنئين، والسمر حتى الصباح، على أنغام العود والكمنجة والمزمار.

لتسمح لي عروس البحر الأحمر التي أحبها جداً - جُدة - إن كنت أخذت أو استعرت منها شعارها الذي رفعته قبل ثلاث سنوات: (جُدة غير)، المعذرة يا جُدة، لأني لم أجد فيك لا هذا العام ولا العام السابق، ما يحقق التميز الذي يعنيه هذا الشعار.

الرياض (غير) وبس.



assahm@maktoob.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد