Al Jazirah NewsPaper Sunday  19/09/2010 G Issue 13870
الأحد 10 شوال 1431   العدد  13870
 
أماكن العمل.. والتحرش الجنسي!
د. سعد بن عبد القادر القويعي

 

لا أقصد الإثارة بهذا العنوان، فما يهمني هو: التأكيد، بأن التحرش أصبح آفة العصر، بعد أن تصاعدت أرقامه المفزعة في منحنى بياني واضح، رغم وجود الأنظمة الرادعة لهذه الظاهرة. ولأن للحديث صلة عن هذه الآفة،

فقد كشفت دراسة ميدانية حديثة، أجرتها شركة أبحاث عالمية، لصالح وكالة الأنباء العالمية «رويترز»، أن «16 في المئة» من النساء العاملات في السعودية، تعرضن للتحرش الجنسي من قِبل مدرائهن في العمل.

الحكاية هي أخت لحكايات كثيرة من التناقض الأخلاقي، ويبدو أن استغلال بعض النفوس الخبيثة، لحاجة بعض النساء العاملات، قد أصبح فذلكة بعد أن كان وصمة عار. ولم استطع أن أغفل عن هذه الإحصائية، وهذه المرأة العاملة تتعرض لمساومات مخلة بالشرف، ويحتال عليها بهذه الوسيلة من لم يرقب في الله إلا، ولا ذمة؛ من أجل حاجتها، فتقع فريسة له، وتنتج سلوكيات لا تحمد عقباها، وتستغل أبشع استغلال، وتهان كرامتها وإنسانيتها، ويداس على شرفها. وفي المقابل فإن من تتمسك بعفتها وطهرها، تقفل في وجهها الأبواب.

إنها قضية الفتاة العاملة، التي تزداد معاناتها بسبب ظاهرة التحرش الجنسي، ممن تعرضن لسلوك تطفلي مضمونه جنسي، يجعل المرأة مهددة في أمنها وسلامتها - بدنيًا ونفسيًا -، تحت الضغط دون رغبتها من شخص تعرفه، أو لا تعرفه.

وتتفاوت درجات التحرش، بدءًا من النظرة الجنسية الفاحصة لجسد المرأة. والتلفظ عليها بألفاظ ذات إيحاء جنسي من خلال المعاكسات الكلامية، أو الهاتفية.

وقد تنتهي بلمس جسد المرأة. وتوضح أرقام التحرش الجنسي، وهي - غير دقيقة -: أن عدد اللواتي يتجرأن على التقدم بشكوى، لا يتجاوز الـ»25 في المئة» من مجموع حالات التحرش. فكثير من ضحايا التحرش - نتيجة حساسية الموضوع -، يفضلن في نهاية المطاف التغاضي، وعدم إثارة تلك الموضوعات، وتركها تمر بسلام؛ خوفًا من الفضيحة، ومن تلويث سمعتها. إضافة إلى حاجتها لكسب لقمة العيش، فلا تتجرأ - حينئذ - عن الإبلاغ. - ولذا - فنحن بحاجة إلى إحصائيات دقيقة، توضح حجم تلك الظاهرة، التي بدأت تطل برأسها في الآونة الأخيرة.

إن الأمر يتطلب الوقوف على هذه الظاهرة، ودراستها؛ من أجل حماية المرأة من أنواع العنف - المادي والمعنوي - الموجه ضدها، عن طريق ابتكار الحلول الشرعية والنظامية التي تواجهها. وسن قوانين واضحة وصارمة ضد التحرش الجنسي، وتفعيل تلك القوانين، حتى يتخذ بحق كل من يستغل وظيفته؛ من أجل التحرش الجنسي، إجراء تعزيري صارم، ولا بأس من التشهير به، إن ثبتت جريمته. كما أن تشجيع النساء بالإبلاغ عن ظاهرة التحرش الجنسي، وعدم الخوف من الفضيحة، والعودة إلى الخلف، بل التقدم خطوة إلى الأمام، والتعاون مع الجهات الأمنية؛ لمعاقبة هؤلاء المجرمين، ومحاسبتهم، وتغليظ العقوبة في حقهم، أمور في غاية الأهمية.



drsasq@gmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد