Al Jazirah NewsPaper Sunday  19/09/2010 G Issue 13870
الأحد 10 شوال 1431   العدد  13870
 
لن يُحب النبي إلا من تَرضَى عن أزواجه وأصحابه

 

اطلعت في عدد الجزيرة رقم (13862) ليوم السبت 2-10-1431هـ على ما كتبه الأستاذ فهد الحوشاني تحت عنوان (أيها المسلمون ذبوا عن رسولكم وصحابته وزوجاته)، الذي أشار فيه إلى ما قام به المدعو ياسر الحبيب من شتم لزوج النبي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وما تلا ذلك من غضب شعبي ونيابي في دولة الكويت استنكاراً لهذا الفعل الشنيع.

وقد أجاد الأخ فهد الحوشاني وأفاد في تلكم المقالة ذباً عن عرض النبي صلى الله عليه وسلم وآله وصحابته؛ حيث وجّه مجموعة من الأسئلة التقريرية لمن يدعون حُب النبي وآل بيته قال فيها: (كيف لرسولنا الكريم أن يُصاحب أشخاصاً يجوز لعنهم؟ وكيف له أن يصطفي زوجات يأتي من يتعبد بشتمهن؟ وكيف لنا أن نُصدق أنهم يُحبون الرسول وآل البيت وهم ينتهكون حرمة أهل البيت دون اعتبار لصاحب البيت؟ كيف يمكن أن أحبك ثم أقيم مناسبات اللطم والشتم لألعن زوجتك وأصحابك الذين تحبهم؟!!).

إن القول بكفر من يتجرؤون على سب صحابة النبي صلى الله عليه وسلم ويقدحون في عدالتهم ليس من التعصب المذهبي في شيء، فلو أن أحداً من أهل السنة قال بمثل هذا القول فهو لا يختلف عن غيره في الحكم؛ لأن الطعن في الصحابة - رضوان الله عليهم - يقتضي الشك في صحة ما نقلوه من دين الله عز وجل للأمة، ويتعارض مع صريح القرآن الكريم والسنة النبوية في إثبات الرضا عنهم وتأكيد أفضليتهم، قال تعالى: (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)، وقال تعالى:

(لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً)، وقال تعالى: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ)، وقال تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً).

ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم: (خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، ثم يجيء قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته)، وقوله عليه الصلاة والسلام: (لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أُحد ذهباً ما أدرك مد أحدهم ولا نصفيه)، قال العلامة ابن باز - رحمه الله - في إجابة عن سؤال بهذا الخصوص: (سب الصحابة من المنكرات العظيمة، بل ردة عن الإسلام، من سبهم وأبغضهم فهو مرتد عن الإسلام؛ لأنهم هم نقلة الشريعة، هم نقلوا لنا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته، وهم نقلة الوحي، نقلوا القرآن الكريم، فمن سبهم وأبغضهم أو اعتقد فسقهم فهو كافر نسأل الله العافية). انتهى.

إنه ليتملكك العجب من أولئك الذين يتظاهرون بحب آل البيت ونصرتهم وهم يتسابقون إلى الطعن فيهم ولعنهم على المنابر، ثم أي دين هذا الذي لا يقوم إلا على اللعن والسباب وقول الزور والبهتان!؟ وأي ثواب سينالونه بهذا الفعل القبيح والعمل المذموم؟! كلا.. إنها (دموع التماسيح) وبكاء المستأجرات من النائحات، ولن يُحب النبي صلى الله عليه وسلم بصدق وإخلاص إلا من تخلق بأخلاقه، واتبع سنته، وترضى عن أزواجه وأصحابه، وهذه هي العلامة الفارقة بين من يبكي ومن يتباكى، ومن يعبد الله على علم ومن يتبع الهوى والخرافات.

والله المستعان.

أحمد بن صالح الخنيني الزلفي


 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد