Al Jazirah NewsPaper Tuesday  21/09/2010 G Issue 13872
الثلاثاء 12 شوال 1431   العدد  13872
 
المنشود
صندوق الدم الوطني!!
رقية سليمان الهويريني

 

تحتفل كل دولة في العالم بيومها الوطني بطريقتها الخاصة، والعديد من الدول ترى أنه عيد؛ حيث يبدو إظهار الفرح بالاستقلال وإبداء السرور برفاهية المواطن والأمن الذي تعيشه بلدانهم. ولأن دستورنا الإسلام الذي يقصر الأعياد على يومي الفطر والأضحى؛ فإننا نسميه يومًا وطنيًّا مجيدًا نحتفل به بطريقتنا الخاصة أيضًا، وليس كباقي الدول التي لديها عيد السلام والاستقلال، بينما الذي لدينا هو يوم التوحيد والاستقرار.

والواقع أن الملك عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - حين وحَّد البلاد المترامية الأطراف، المتعددة المشارب والمذاهب، المختلفة العادات والتقاليد الاجتماعية وحتى القناعات والثقافات بنوع الملبس والمأكل، نجح في جمعها على الشريعة أولاً؛ حيث يظهر الاتفاق والتجانس. ولا شك أنه واجه الاختلاف في العادات والتقاليد، وتعامل معها بما تقتضيه المصلحة الوطنية، دون تدخل مباشر طالما أنه لا يتنافى مع الشريعة، ولا يتقاطع مع المصالح العامة لباقي المواطنين، ولا يتجاوز حرياتهم الشخصية في حدودها. وقد نجح إلى حد بعيد في بناء اللحمة الوطنية حينما تشكَّلت الوزارات بأبناء الوطن من أغلب المناطق الإدارية دون اعتبارات قبائلية أو إقليمية، وتلتها بقية الإدارات الحكومية والشركات والمؤسسات الحكومية والخاصة؛ هذه العدالة خففت الاحتقان المعتاد الذي يحصل بين أبناء المناطق والقبائل، إلا ما تفعله بعض الفئات الجاهلة من تجاوزات شخصية حين تنحاز لأبناء المنطقة وتفضلهم على غيرهم دون نظر للكفاءة والمهارة، كما أن هناك فئة أخرى تجعل القبائلية فوق كل اعتبار.

وبرغم هذا فإن الحكومة الرشيدة تسبر الوضع، وتحاول تخفيف سلبية نفوذ المناطقية وسطوة القبلية، وتسعى للتجانس الاجتماعي بين أبناء المناطق بتوحيد الإجراءات وتوزيع الفرص وإتاحتها للجميع؛ لأن الوطن للجميع فعلاً وليس قولاً؛ وهو ما يدعو أن يكون حب الوطن استشعارًا، وليس شعارات تُردَّد في كل احتفال أو تُكتب في موضوعات الإنشاء دون روح!

ولئن كانت تلك القبائلية قد ترجمت الانتماء للقبيلة وزرعته في النفوس بإنشاء صندوق العائلة أو القبيلة، يتم من خلاله جمع مبالغ مالية لسد احتياجات أبناء القبيلة أو العائلة أو بعض الأسر، وقضاء ديونهم أو تزويج شبابهم أو رعاية الأيتام والأرامل؛ فلعله من الجميل أن يكون لدينا صندوق وطني للدم على غرار صندوق العائلة، يتم التبرع به سنويًّا في اليوم الوطني، بحيث يستفيد منه الجميع؛ فأجد دمي يجري في عروق يتيم بريء في جيزان، أو رجل شهم في المدينة المنورة، أو شيخ حنون في عنيزة. وحين يحتاج أحد أبنائي فإني لن أشقى؛ لأنَّ دم شاب نبيل في الجوف أو دم سيدة كريمة من شرورة أو فتاة لطيفة في الأحساء يمكنه أن يسري في عروقه؛ فينتقل له الكرم والوطنية المركزة مع ذلك الدم؛ فأدعو لهم وأشكرهم على إنقاذ نفس عزيزة؛ وعندها لن نحتاج إلى دم وافد من الخارج!

إنَّ إرساء هذا المشروع، الذي من شأنه تأصيل المواطنة الحقيقية، وصهر المواطنين في بوتقة التجانس، يتطلب محبة صادقة لهذه الأرض الطاهرة، وانتماء لترابها، وولاء لرموزها المخلصة.

وهي مناسبة لأهدي هذا المشروع لخادم الحرمين الشريفين بحيث يكون اسمه (صندوق الملك عبدالله للدم الوطني)؛ لينضم إلى الصناديق المباركة التي تدعم المواطنين، وينال المتبرع شهادة عند كل تبرع، ويتم جمعها، ومن ثم ينال عليها وسام استحقاق وطنيًّا رفيعًا؛ لكي لا يكون يومنا الوطني يوم إجازة ومظاهر فرح واحتفالات فحسب -برغم جمالها - بل يكون يوم التعاون والعطاء والتفاني والتضحية لمواطن آخر من حقه أن يعيش معنا الفرح وهو سليم معافى محب لوطنه، وراضٍ عن مواطنيه. وكل يوم وطني ووطننا بأمن ورخاء وخير..

فاصلة

بعد إجازة قصيرة.. سيعود المنشود ليصافح قراءه يومي الثلاثاء والخميس، إضافة إلى الأحد.

www.rogaia.net




rogaia143@hotmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد