أُسست مراكز المسنين في بلادنا لإيواء ورعاية وعلاج كبار السن، الذين ضعفتْ قواهم البدنية وتلاشت قدراتهم الفكرية، وبدأت بوادر شيخوختهم، وعجزوا عن خدمة أنفسهم واحتاجوا إلى إخلاص حب وتقديم تواصل وبذل رعاية واستمرار خدمة لا يقدرها إلا من افتقدها من الأبناء والأحفاد والأقرباء.. فالمراكز دورهم والعاملون أبناؤهم الذين فرغوا أنفسهم لخدمة فئة غالية من الذين أجبرتهم ظروفهم على الإيواء الذي وجدوا فيه أفضل الخدمات التي قد لا يجدونها في دورهم! ففي الدور وجبات غذائية تناسب تباين أعمارهم وتوافق قدرات صحتهم، والإشراف من قبل الأطباء والفنيين والممرضين، وقاعات معيشة وغرف تمريض وصالات تمرين واستراحات تواصل، وحدائق قضاء ساعات الأصيل تحت ظلال النخيل، وتنظيم رحلات خلوية وتنقلات تسويقية وحياة تراثية ليعيشوا ماضيهم وماضي آبائهم وأجدادهم؛ إلا أنهم يحتاجون في المراكز إلى الإكرام والإحسان والتقدير بعيادتهم وصلتهم ومشاركتهم وحدتهم التي يعيشونها في المراكز يقاسون انقطاع الأهل والأقارب والجيران، وكبر السن وآلام المرض وقسوة الوحدة وغربة العزلة وانطواء الغرف وأسر الأسرة..!! ولأهمية قدر واحترام ورحمة كبار السن في الإسلام وتقدير خدماتهم الإنسانية والأسرية والوطنية؛ فإنهم يحتاجون لتقديم صلة انقطعوا منها منذ أن أُدخلوا المراكز، وهم يعيشون الغربة التي لا يحتملها الإنسان السوي بضعة ساعات، والبعض منهم على الأسرة البيضاء يعيشون مرضهم وعزلتهم منذ سنين وسنين تحت أسقف الغرف وبين حيطان أسقفها. فالمسنون في المراكز المنتشرة في المدن والمحافظات يعيشون وحدتهم ويحتاجون من قلوبنا الرحمة ومن ألسنتنا الدعاء ومن أيدينا العطاء أن نعودهم ونحسن إليهم ونتفقد طلباتهم؛ لأنهم أفنوا أعمارهم من أجل خدمة أسرهم وخدمة وطنهم وخدمة مواطنيهم، ومن الوفاء أن لا نجحد هذه الخدمات التي قدموها منذ نعومة أظافرهم. فإنه من الواجب علينا أن لا نقطع صلتهم، وأن نتفقد حاجتهم وتقديم الهدايا التي تناسب رغباتهم، ونعود البسمة إلى وجوههم ولا ندع الوحدة سبب تأزم أمراضهم النفسية التي من أكثرها خطراً عليهم الاكتئاب الذي يحدث من الوحدة وعدم الوصال. فالمسنون من الآباء والأجداد الذين يؤون المراكز يحتاجون إلى عيادة في الأعياد الدينية والأيام الوطنية، وأخص اليوم الوطني (الثمانون) الذي يوافق الرابع عشر من هذا الشهر للاحتفال بذكرى توحيد بلاد نجد والجزيرة على يد فارسها وصقرها جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل، وأن يتبنى المسؤولون في الدارة دارة الملك عبدالعزيز زيارة المسنين في مراكزهم في مختلف مدن ومحافظات بلادنا، ويتحدثوا مع المعاقين من كبار السن وتسليتهم بما يهدونه لهم من أشرطة وأسطوانات مسموعة ومرئية عن ملاحم جلالة الملك عبدالعزيز ومآثره الطيبة (طيب الله ثراه) التي يجدونها بالكلمة والصورة، وأن يعقدوا لقاءات مع القادرين وتسجيل رواياتهم عن البطل الذي وحد بلادهم وعمها بالأمن الذي افتقدوه قبل استتبابه في شبابهم، وعن المعاناة التي عاشوها وعاشها آباؤهم وأجدادهم. فالدارة من أهم المؤسسات الوطنية التي عودتنا على تواصلها مع كبار السن في منازلهم؛ إلا أن عليها مسؤولية عظيمة من أجل زيارة كبار السن في مراكزهم وتسليتهم وإفادتهم والاستفادة من رواياتهم التاريخية التي تحويها أوعية ذاكرتهم من قبل أن يفتقدوها.
بريدة - نادي القصيم الأدبي