Thursday  23/09/2010 Issue 13874

الخميس 14 شوال 1431  العدد  13874

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا     نسخة تجريبية
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

           

كان المعلم الأول، من يتحلق المريدون من طلاب العلم والفكر حول معينه، لا يتنازل عن المضامين التي يضع تحتها خطوطا حمراء، لتكون أهدافه وغاياته من أجلهم، ومنها على سبيل التمثيل لا الحصر: أن يتلقى المتعلم التدريب على ما يتعلم في أثناء تعلمه، وأن يتمثل ما يتعلم في سلوك ممارساته، فهو إن تعلم كيف تكون مخارج الحروف فإن عليه ألا ينطق الحروف على غير صواب مخارجها، وبهيئتها التي تنزلها مشبعة في المسامع، لا عوج ولا انحراف، ولا تآكل ولا لجلجة..، وعليه فقس كيف كان المعلمون يحولون أهدافهم إلى مضامين يوظفونها في حركة مريديهم، وفي لمحتهم، يحولون المعرفة لإيمان مطلق..

لذلك أتقن السابقون لغتهم، بل تعرفوا منابع معارفهم وشغفوا حبا للنهل، فتبحروا في كل علم نالوه، واقتدوا بكل صواب تلقوا جماله، وتلمسوا نسائمه،...

فتاقوا له.. وبحثوا عنه، في عبارات الأدباء، وفي كلمات الرفقاء، وفي قصائد الشعراء، وفي مواقف الصحب، وفي معاملة كل من يعبر أو يتوقف بهم..، تحولت الحياة في مفاهيمهم لقيم، وغدا السلوك بها بين أناسيها، شريعتها..

لذلك تصدر صحائفَ النفوس والعقول والدواوين والورق الناسُ بمنازل إتقانهم في تمثُلها،كما تصدروا المجالس..،

ولم تُغفل أقدار المعلمين ولا المتعلمين بعد أن غدوا علامات في عطائهم، مصادرَ في خبراتهم، وأُنْزِلوا في أمكنتهم التي تليق بهم، ولم يُقدم عليهم من جرابه خواء، وعصاته مثلومة، وفكره هامشي، وخطابه هزيل..وعلمه قليل،...

أما في هذا الزمان فالغلبة لمن يغلب بوجاهة المعرفة، أو القربى في المصلحة، أو فيمن يطبل فيلتف من حوله المرددون، أو ينفخ فتذهب بخوره للأنوف ويعود صداها..،

لأنه زمن الغلبة..، والغذاء على قارعة الطريق..

والمعلمون ليسوا وحدهم من يجلسون لدرس التعليم، بل كانوا هم المفكرون والعلماء والأدباء، من يصنعون ضمائر الأفكار، وينشدون فضائل الآمال، ويعملون على رقي الحس، ورسم الأحلام، وزرع المبادئ، وتوعية الضمائر، والسمو بالإنسان من درك الخواء وقرقعة الرحى، إلى طحين الزرع، وأرغفة الأرواح..

تبدلت القيم، فلا تعجب إن تبدل الناس، وتغيرت المنازل، فلا تعجب إن كنت من أولئك، ولم تتصدر مكانك، لأنه زمن غلبة الجعجعة، وفراغ الطاحونة..

زمن عمار الجيوب لا عمار العقول والقلوب..

اللهم فاستر..

أو كما أطلق الحكيم في زمانه: واعجبي..

 

لما هو آت
هو زمنهم لا زمنك...!
د. خيرية إبراهيم السقاف

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا خدمات الجزيرة الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة