Saturday  25/09/2010 Issue 13876

السبت 16 شوال 1431  العدد  13876

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا     نسخة تجريبية
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأخيــرة

           

كدت أن أطير في العجة، فقد شمرت عن ذراعي لأكشف المستور عن الفساد المالي -الذي تواترت أخباره- عن مشروع قطار المشاعر فلم ألبث حتى اكتشفت أن الفساد المالي الذي تواتر بين الناس واشتهر عن قطار المشاعر ليس بفساد مالي، بل هو صمت بعض الأجهزة الحكومية عن دحض الإشاعات الكاذبة والمغرضة أو غير المسؤولة التي أنهكت مشاعر وفكر المتابعين للإعلام الإلكتروني وخلقت فيه روح الإحباط والشكوك لتغذي وتنمي روح الاتكالية البغيض المتأصل فيه أصلاً.

عشرات المنتديات والرسائل الإلكترونية تحمل المقالات والتحليلات والأدلة وتحذيرات بأن لا تقرأ إن كنت مصاباً بالأمراض وغير ذلك من أساطير محبوكة وأخرى ساذجة تؤكد عملية فساد مالي قد طُبخ بليل في مشروع قطار المشاعر وقد كشفه الأذكياء من محتسبي المنتديات. ففي التقرير السنوي للشركة الصينية المنفذة تظهر تكلفة قطار المشاعر ب1.77 مليار دولار (وقد خفيت على أصحاب المنتديات الأربعة أصفار التي يجب زيادتها على الرقم والموضحة في أعلى الجدول) أي أن القطار قد كلف فعلاً 6.63 مليارات ريال سعودي كما هو موضح في تقرير الشركة الصينية السنوي. وقارن بعضهم تكلفة مشروع قطار المشاعر بمشاريع أخرى في ليبيا والجزائر والموضح تكلفتها في تقرير الشركة نفسه وهي أقل قيمة من المشروع السعودي رغم أن المشروع السعودي أقل طولاً من حيث المسافة. ولكنهم أغفلوا نوع المشروع من كونه مجرد سكة حديد أو مشروع مترو متكامل الذي أوضحته معلومات التقرير السنوي للشركة الصينية في الجدول، كما أوضح الشركة الصينية المنفذة والتي تختلف من المشروع السعودي عن الشركات المنفذة للمشاريع الأخرى. وكل هذا أغفلته التحاليل الإنترنتية المحتسبة الأجر كما أغفلوا الشروط السعودية التي أدخلت الشركات الأوربية كمراقب والتي ستسلم هذا المشروع والمسؤولة عنه كما هو موضح في تصاريح للدكتور زين العابدين. وهذه الاختلافات الجوهرية وإن كانت لا أقدر قيمتها -كغير متخصص- لكنها كافية لإفساد قياس المشروع السعودي على المشاريع الدولية الأخرى المذكورة في التقرير السنوي للشركة الصينية كالمشروع الليبي والجزائري. ووجود معلومات تكلفة مترو دبي يجعله أقرب للقياس النسبي لأنه مشروع متكامل مشابه وقد بلغت تكلفته 28 مليار درهم كما نقلته عدة مصادر ومنها جريدة الاقتصادية في عددها 5083. وهنا تظهر أن تكلفة قطار المشاعر (6.6 مليارات ريال) معقولة، بل منخفضة بالنسبة لمترو دبي مع احتساب المسافات لكل مشروع.

ولست اليوم في موقف توضيح الملابسات لتبرئة القائمين على المشروع والدفاع عنهم، فهذا واجبهم هم، بل إنني قد اتخذت من قطار المشاعر أنموذجاً (دراسة حالة) لما يمكن أن يُحدثه تجاهل وعدم اكتراث الجهات الحكومية لما يصدر من شائعات عن وجود الفساد بين أروقتها وفي طيات مشاريعها. فلقد تصفحت تصريحات الدكتور زين العابدين فلم أجد -حسب اطلاعي- إلا مجرد ذكر للحقائق الكثيرة عن المشروع ولكن من دون أي تفنيد للإشاعات، فكأنه بذلك يقول: هذه الحقائق تفند الإشاعات إذا أخذت في الاعتبار عند المقارنة الصحيحة بالمشاريع المشابهة. وهذا منطق صحيح لو أنه موجه للعقلاء وللخبراء في مشاريع القطارات ولكن إشاعات المجالس والمنتديات لا عقل لها والعقلاء منهم لا خبرة لهم في القطارات، وهؤلاء هم غالب المجتمع وهم من تعمل المؤسسات الحكومية لأجلهم. وأنا لا ألوم الدكتور زين العابدين هنا على الإطلاق فهو لا يغرد وحده خارج سرب صمت المؤسسات الرسمية تجاه الإشاعات، بل هي ثقافة لدى مؤسساتنا الحكومية لم أر أحداً خرج عنها حسب علمي مؤخراً إلا الخدمة المدنية وهي تنفي إشاعة عنها تناقلتها المنتديات في رمضان ووزارة المالية تنفي إشاعة عن منكوبي جازان.

إن مما سكت عنه أن الفساد بنوعيه الأسطوري والحقيقي دمار لأخلاقيات المجتمع ومدعاة للإحباط العام، وبما أنه قد أصبح ثقافة متأصلة في مجتمعنا فهو لن ينتهي حتى تكون هناك جهة حكومية مستقلة تتابع أحاديث الفساد سواء في المنتديات إذا عمت وطمت وفي مقالات الكُتاب في الصحف وتحقق فيها سريعا وتنشر النتائج فتكذب أو تصدق القول، فيتحقق بذلك أهداف رئيسية ثلاثة: 1. تشجيع الصحافة والمواطن على مراقبة الفساد بمصداقية عالية. 2. تأديب الكُتاب الشعبيين بفقدان مصداقيتهم أمام الجمهور في حال نشرهم للفوضى المعلوماتية بعدم تأكدهم من المعلومات. 3. القضاء على شائعات الفساد وعلى الفساد الحقيقي بأقل التكاليف وبأعلى جودة، فالوطن كله سيصبح حينها عينا صادقة ومبصرة على الفساد.

hamzaalsalem@gmail.com
 

المسكوت عنه
قطار المشاعر والصمت!
د. حمزة بن محمد السالم

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا خدمات الجزيرة الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة