Monday  27/09/2010 Issue 13878

الأثنين 18 شوال 1431  العدد  13878

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا     نسخة تجريبية
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

كان أحد ردود الفعل على خبر قاضي المحكمة الشرعية بالمدينة المنورة المشتبه به، أن (قاضياً في الجنة وقاضيين في النار)، وذلك كدفاع عن تهمة اشتباهه في الحصول على 200 مليون ريال من خلال وسيط هارب مقابل تسهيلات لاستخراج صكوك وحجج استحكام لأراضي بالمدينة المنورة، وبرغم استغرابي ودهشتي لاستخدام الحديث الشريف لتبربر حدوث الفساد بين بعض القضاة إلا أنني سعدت بخطوات محاربة الفساد في الأوساط التي تعد من الأكثر أهمية وحساسية في المجتمع، وذلك لإيماني الشديد أن هذا الوطن يستحق أكثر من ذلك، على أن لا يتوقف الإنجاز عند هذه الحادثة، وأن تستمر مطاردة الفساد المالي والإداري، برغم من إيماني الشديد أيضاً بأن المتهم بريء حتى تتم إدانته.

قد يكون فهمنا للحديث الشريف قاصراً، لكن معناه الظاهر وتكرار استعماله شاع في تبرير فساد بعض القضاة، فحسب الحديث ثلث القضاة فاسدون، وفي ذلك ممانعة ضد الإصلاح، وأنه مهما حاولت الجهات المسؤولة إصلاح أوضاعهم سيستمر الفساد في البعض، وستكون عدم النزاهة شعاراً لبعض القضاة الدائم.. لكن في العصر الحديث، وفي العالم المتحضر يعد القضاء ترمومتر النزاهة والإصلاح، فإن كان مستقلاً ونزيهاً ستكون نتائجه في غاية الإيجابية على الناس، والعكس صحيح، إذ سيكون في فساده خراب المجتمع ودماره، لذلك أجدني منجذباً لتفسير آخر للحديث، على أن لا يكون فساد القضاة قدراً لا مفر منه بسبب الاتكاء على ذلك الحديث، وأتمنى أن أجد الإجابة عند أحد علماء الدين المعاصرين والمجتهدين.

كذلك يدخل الفهم الظاهر لحديث (خير القرون قرني أو القرن الذي بعثت فيه ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) في نفس الإشكالية السلبية، فالقراءة الدينية تستخدم هذا الحديث لتبرير الفساد وتقادم سوء الحال في القرن التالي، على أننا في آخر الدنيا وآخر القرون حسب نبوة الحديث أسوؤها وأبعدها عن الصلاح، وإذا كان الأمر صحيحاً فلماذا إذن نطالب بإصلاح وتطوير أحوال المسلمين، فقدرهم الإلهي أن يتقدم الفساد أمورهم وتظل يده هي العليا بين الناس.. لذلك نحن أمام مفترق طرق في فهمنا للدين الحنيف.. فإما نكون في مهمة عابر السبيل أو الجالس تحت ظل شجرة ثم يمضى وتركها، أو نحن المستخلفون في عمارة الأرض وفي تحقيق صلاحها للأبد مهما تقادم الزمن، لذلك نؤيد ما يحدث في المدينة المنورة، فصلاح منسوبي سلك القضاء يجب أن يكون المهمة الأولى للدولة، وأن ترفع نسب الصلاح بينهم إلى نسب عالية، وذلك من خلال الشفافية والمراقبة، فما حدث من تحقيق في المدينة يدخل في اتجاه التفاؤل.

منذ فترة غير قصيرة تم تداول عبر الإنترنت فيلم تم ترويجه باعتباره لأحد القضاة في المملكة، وقد تضاربت الأنباء والتعليقات عن مدى صحة ما ظهر في الفيلم، وانتشرت أخباره بشكل مروع، وفيها تشهير غير مشروع، لكن الناس بمختلف مشاربهم يعشقون الفضائح، ومع ذلك لم يصدر بيان توضيحي من وزارة العدل تنفي فيه أو تثبت صحة ما تداولته العامة بينهم، فكانت النتيجة سيئة للغاية، فقد استغل في التشكيك في أخلاقيات القضاة بشكل عام، وكان من الأجدر أن يتم الرد رسمياً على ذلك الخبر الذي راج بين الخاصة وعامتهم.

في فساد القضاة فساد المجتمع، وإذا فسدوا فلن يبقى للناس مرجعية تحمي حقوقهم وتنصفهم من الظلم، لكن الحل لن يكون في إهمالهم، ولكن العمل على تطوير كوادرهم، وحمايتهم ورعايتهم ومراقبة أرصدتهم وحساباتهم البنكية، وتقديم المتجاوز للأحكام والتشريعات إلى التحقيق، القضاء.

 

بين الكلمات
قاضيان في النار
عبد العزيز السماري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا خدمات الجزيرة الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة