Friday  01/10/2010 Issue 13882

الجمعة 22 شوال 1431  العدد  13882

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا     نسخة تجريبية
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

كتبت وسأكتب وسأظل أكتب عما ابتلي به الناس من تعليق ما قد يصيبهم أو يصيب قريباً أو حبيباً لديهم من مرض أو سوء طالع في أمور دنيوية أو أخروية، بثلاثي الهوس: العين والسحر والجن، وأصبح عدد غير قليل من المجتمع يصرف ما يصيبه من نوائب الدهر إلى هذا الثلاثي العجيب. وبعض ممن لا يصيبهم أذى يتوهمون الإصابة، فيعيشون في وهم ربما يطال أسرتهم فتبتلي الأسرة جلها بهذا الوسواس الخناس الذي يوسوس في الصدور وينساق بعده المرء في أوهام لا نهاية لها.

أوهام طغت على عدد غير يسير من المجتمع، مصاب بمشكلة وغير مصاب، فالمصاب أيقن بهذا الوهم وأخذ في البحث عن مصادر العلاج، وغير المصاب تراه في وجل ينتظر ساعة الإصابة.

هذه البلوى كان لها زارع وساق وراع، فالزارع ثقافة تولدت عبر القرون عندما كان الإيمان غير موجود وأساليب التشخيص والعلاج الحديثة غير متاحة، فأحال الناس جل ما يصيبهم إلى هذا الثلاثي العجيب، العين والسحر والجن. وجاء الإسلام ليصحح هذه الثقافة، ويبين للناس أن هناك خالقاً يدبر الأمر ويقدر، ويزنها بميزان بديع، ويأمرنا بالتفكر في الأنفس البشرية وفي مخلوقاته من حيوان ونبات، وأرض وسماوات. وبهذا التفكر والتعلم والتدقيق استطاع الإنسان غير المسلم في أغلب الأحوال أن يصل إلى عجائب عظيمة لم تخطر على بال بشر من قبل. فظهرت النظريات العلمية، وتمت تجربتها فأصبحت حقائق استفاد منها الإنسان استفادة لم تخطر حتى في خيال أجيال مضت، فأصبح الإنسان بإرادة الله قادراً على أن يجعل الحديد يسير، ويطير، ويغرد، ويسلي، ويفعل الكثير.

الإسلام الذي جاء بالنور والهدى والحق أضاء الطريق لمن رغب الهداية وربط شؤونه بربه، فمن ظن بالله خيراً أعطاه الله على قدر ظنه، وهذا وعد وعده الله عباده.

والساقي أحلام عاشها ويعيشها بعض أفراد المجتمع، ونتمنى أن يكون ذلك البعض قليلاً، وهو الكسل والاتكالية والرغبة الجامحة في الوصول إلى المبتغى بأيسر السبل وأسهلها وأسرعها، ودون إعطاء الأمر وقتاً كافياً تتاح فيه الفرصة وتنجلي الغمة.

والراعي مجموعة من الذين جعلوا أنفسهم قائمين على علاج ثلاثي الهوس من عين وسحر وجن، فتفننوا في امتصاص أموال أولئك المتوهمين من جيوبهم، وزرع الأوهام في نفوسهم، وكأن المرء يشتري بلاءه بماله، حمانا الله وإياكم من سوء الحال والمآل.

لا يكاد يمر يوم دون أن يطلب أحد من الناس إنجاده لأنه مسحور أو معيون أو به جنة، فينبري عدد غير قليل من رعاة الوهم طالبين تقديم خدماتهم بأثمان مجزية، وهناك من القصص ما لا يعد ولا يحصى.

ويتفنن أولئك الرعاة للوهم، فمنهم من يجعل قراءة القرآن الكريم سلماً لنيل مراده، وفي القرآن الكريم من الآيات ما ينافي ذلك الفعل ويحرمه.

ومن أولئك الرعاة للوهم من يستخدم أدوات غريبة عجيبة سخيفة، ويوهم ذلك المبتلى المسكين بأن تلك الصرائر والخرق والوريقات ستحل المعجزات وتغني عن المعرفة الحقة والعلم المبني على الحقائق وليس الأوهام.

أحدهم ذكر لي أنه خرجت منه أوراق وصرة وبعض القطع الغريبة بفضل رجل ساعده في إخراجها بقراءات غريبة. وكانت تلك من صناعة أحد العاملين معه. وآخر ذكر لي أن زوجته لا ترغب في مضاجعته وأكد أنه مسحور ولابد من البحث عن رجل يفك ذلك السحر ولم يجرب النظر في نفسه فلعله لا يغتسل جيداً، أو أنه لا يستخدم السواك أو الفرشاة أو أنه لا يحسن التقرب من قلب زوجته، أو أنها مصابة بأحد الأمراض النفسية، أو أن لها مآرب أخرى. والقصص في هذا المنحى تطول، كفانا الله وإياكم شرار الخلق، وحمانا بلطفه وعلمنا تدبر كتابه، ورزقنا الاتكال عليه، إنه سميع مجيب.

 

نوازع
جنون في جنون
د. محمد بن عبد الرحمن البشر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا خدمات الجزيرة الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة