Saturday  02/10/2010 Issue 13883

السبت 23 شوال 1431  العدد  13883

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا     نسخة تجريبية
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الاقتصادية

           

تعتمد المملكة في موازنتها على إيرادات النفط؛ ومنذ إطلاق خطة التنمية الأولى، وهي تحاول إيجاد موارد أخرى يمكن أن تُساعدها في تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على إيراداته. لم يكن الهدف مستحيلاً، إلا أن التعامل معه لم يصل بعد مرحلة الالتزام المرتبط بإستراتيجية واضحة الأهداف وبمدة زمنية محددة. على النقيض من ذلك، وضعت بعض الدول الغربية إستراتيجية للتحول من الاعتماد الكلي على النفط إلى مصادر بديلة يمكن أن توفر لها ما لا يقل عن 50 في المائة من الطاقة المستخدمة حالياً، بحلول العام 2020م.

تركز الدول الغربية على مصادر الطاقة البديلة، لضمان الاستمرارية، وتحقيق هدف حماية البيئة، وهو ما قد يؤثر مستقبلاً في حجم الطلب العالمي على النفط. الأكيد أن النفط سيبقى المصدر الرئيس للطاقة لعقود قادمة، إلا أن تطور التقنية، ووجود بدائل أخرى قد يُشكلان تهديداً حقيقياً، وإذا ما أضفنا إلى ذلك القوانين البيئية الصارمة، واستهداف الدول الغربية للدول المنتجة، ومحاولة بعض المنظمات الدولية فرض قيود تعسفية على المنتجين، تصبح العوامل المستقبلية المُهددة لصناعة النفط أكثر خطورة مما نعتقد.

الإستراتيجيات الغربية المتعارضة مع مصالح المنتجين تعتبر تهديداً مباشراً لأمننا الاقتصادي الذي يعتمد في موارده المالية على تصدير النفط الخام. منذ عقود طويلة والدول الغربية تحاول أن تجد مصادر بديلة للطاقة تغنيها عن النفط الخليجي، فالدول التي استطاعت أن تستحوذ على مقدرات العالم، وأن تكون المصدر الرئيس لمعظم المنتجات العالمية لم تنجح حتى اليوم في كسر الطوق الأخير الذي يربطها بالدول المنتجة، إلا أن الإصرار الغربي سيقود لا محالة إلى خفض الاعتماد على النفط مستقبلاً، وإيجاد بدائل أخرى للطاقة، ما قد يلحق الضرر بالمنتجين.

جرّ الدول المنتجة لقضايا عالمية بذريعة «أزمة الطاقة»، أو «التغير المناخي والإضرار بالبيئة» بات أمراً متوقعاً في ظل الهجمات الشرسة التي توجهها الدول الفاعلة في المجتمع الدولي لأعضاء أوبك على وجه الخصوص.

النفط بات وسيلة الغرب في تحقيق غاياتهم الإستراتيجية بعيدة المدى، وهدفهم الأول وهو ما يفرض على السعوديين وضع إستراتيجية مُضادة تقوم على أساس التحرر من سطوة إيرادات النفط على موازناتها، خلال فترة زمنية محددة. أمر كهذا لن يكون عسيراً، بل هو تحد من أجل البقاء. يمكن للسعودية أن تتخذ قراراً بتنحية ما يعادل 20 إلى 30 في المائة من إيراداتها النفطية السنوية ولمدة محددة، وتعيد استثمارها في قطاعات الإنتاج الصناعي والزراعي، والاستثمار المتعدد لضمان تحقيق التنمية المستدامة، والحصول على موارد مالية مستقلة تمكنها من الاستغناء عن نسبة لا يستهان بها من إيرادات النفط.

لن يكون مستقبل الأجيال القادمة مطمئناً ما لم تتضافر الجهود من أجل خلق موارد مالية مستقلة عن الموارد النفطية، فلدى السعودية الكثير من مصادر الدخل غير المفعلة، والكثير من القطاعات الاقتصادية غير المطروقة تمثل في مجملها موارد مستحدثة لموازنة الدولة؛ إضافة إلى قطاع ضخم للاستثمارات العامة يمكن من خلاله تعظيم الثروة وخلق إيرادات مالية مُجزية.

من خلال الاستثمار، الصناعة، والزراعة يمكن تحقيق التوازن المنشود في إيرادات الدولة، وتحقيق الاكتفاء، وزيادة معدلات النمو وتطوير المجتمع بأكمله، وأمثلة النجاح واضحة للعيان، نجدها في اليابان التي أسست لها قاعدة صناعية غزت من خلالها العالم وهي الدولة التي تستورد مجمل احتياجاتها النفطية، ومكونات صناعاتها الأساسية من الخارج. الأمر نفسه ينطبق على الهند، والبرازيل وغيرهما من دول العالم. دول فقيرة في مصادر الطاقة وفي مواردها المالية إلا أنها استطاعت أن تحاكي الغرب في نهضته، وأن تشق لها طريقاً منافساً في الصناعات التكنولوجية، الحربية، والمالية.

مع توافر الفوائض المالية الضخمة، يمكننا أن ننجح في تحقيق أهدافنا الإستراتيجية وتأمين حياة أفضل لأجيالنا القادمة من خلال الاستغلال الأمثل للثروات المتاحة، ومن خلال تأسيس الصناعات وتنمية القطاعات الاستثمارية التي ستعيننا، بإذن الله، على التحرر التدريجي من الاعتماد على إيرادات النفط.

الاستمرار في طرح مشروعات نفطية بمئات المليارات لزيادة الإنتاج، وإرضاء المستهلكين، قد يساعد كثيرا في طمأنة الأسواق العالمية، وضمان الإمدادات من خلال توفير طاقة إنتاجية غير مستغلة يمكن الاعتماد عليها في أوقات الأزمات؛ إلا أن ذلك قد يتعارض مع المصلحة الوطنية، التي تفرض علينا استثمار السيولة المتاحة في قطاعات إنتاج بديلة تجمع بين التنمية وتعظيم الثروة، وتحقق هدف تنويع مصادر الدخل. تحتفظ المملكة بطاقة إنتاجية غير مستغلة كلفتها مئات المليارات، وزيادة حجم تلك الطاقة الإنتاجية الاحتياطية يعني القبول بتجميد أموال إضافية ضخمة يمكن توجيهها لقطاعات الإنتاج الأخرى، ودعم الاقتصاد. غياب شفافية سوق النفط، وعدم تحقق متطلبات «أمن الطلب» يجعل من الاستثمار التوسعي في زيادة الطاقة الإنتاجية غير المُستغلة، مُكلفاً، ومحفوفاً بالمخاطر.

إعادة استثمار إيرادات النفط في المشروعات الصناعية الإنتاجية، الزراعية، والاستثمارية وفق إستراتيجية شاملة ستقود إلى تنمية الاحتياطيات المالية، زيادة حجم الإنتاج الإجمالي، تنويع مصادر الدخل، خلق قطاعات صناعية جديدة، توفير فرص وظيفية، تحقيق أسس التنمية المستدامة، وضمان موارد مالية مستقلة عن الإيرادات النفطية التي يُعتقد أنها ستتأثر بحلول العام 2020م.

(*) F.ALBUAINAIN@HOTMAIL.COM

 

من أجل الوطن في يومه المجيد 4
فضل بن سعد البوعينين (*)

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا خدمات الجزيرة الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة