Sunday  03/10/2010 Issue 13884

الأحد 24 شوال 1431  العدد  13884

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا     نسخة تجريبية
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

بعد مسح سريع في أقنية المعلومات على (النت)، لمعرفة عدد جمعيات المجتمع المدني ومؤسساته، لم يتبين لها عدد محدد، وفي ضوء حصر ما دون من عناوين تلك الجمعيات والمؤسسات تبين أن عددها قليل، إلا أنني آثرت أن أكون متفائلا جدا، وقدرت أن عدد مؤسسات المجتمع المدني المرخص لها من وزارة الشؤون الاجتماعية، يصل إلى حوالي ألف جمعية ومؤسسة، لكن ووفق مقولة: « من الرأس ولا من القرطاس « اتصلت بأحد المختصين وسألته عن العدد الفعلي للمؤسسات المرخص لها فقال: إن عددها الفعلي الآن (580) جمعية ومؤسسة فقط، وهذا العدد بطبيعة الحال متواضع جدا، قليل بكل المقاييس، لا يتوافق بحال مع ما يظن بأهل هذه البلاد الكريمة، ولا مع ما يعرفون به من حب للخير، والسعي فيه والحماسة له، ودعمه ماليا ومعنويا، ولا مع الحاجات المجتمعية المتنوعة التي يتطلب الوفاء بها المزيد والمزيد من مؤسسات المجتمع المدني الخيرية.

ولكي ندرك حجم الفجوة المفجعة في العمل الخيري عندنا، يقال إن عدد المنظمات التطوعية في الكيان الصهيوني حوالي (40000) أربعين ألف جمعية خيرية، 10% منها مرجعيتها دينية، دخلها السنوي 13 مليارا، يعمل فيها بدوام كامل 235000 ألف موظف، يقدر ناتجها بحوالي 13.3 % من الناتج المحلي الصهيوني.

إن مما يتميز به المجتمع المسلم عامة، والمجتمع السعودي خاصة، الحرص على التكافل الاجتماعي، ومعاونة المحتاجين، وتلبية حاجاتهم مهما تنوعت مجالاتها، وكثرت أعدادها، فهذا العمل والجهد محبب إلى النفوس، تسعد به، وتتلذذ فيه، وتشتاق إلى التواصل معه والسعي فيه، وتبذل كل ما تستطيع من جهد ومال في سبيل خدمته.

والمؤلم أنك عندما تقارن بين هذا الحب الأصيل العارم المتجدد الثابت لكل عمل خيري، وبين المحاضن والمؤسسات التي تحتضنه وتفعله، تعنى به وتهتم به وله، توجهه وترعاه، تجد العجب العجاب، تجد فجوة لا مسوغ لها، وبون شاسع بين الرغبة في العمل الخيري والواقع الفعلي له، وهنا تحتار العقول، وتضطرب النفوس، لأنك عندما تبحث عن مسوغ واحد لهذه الفجوة، لا تجد سوى الخوف والهواجس والظنون، مخاوف لا أصل لها ولا أساس، وتعميم لأخطاء بسيطة أو ربما كبيرة حصلت هنا وهناك، يفترض أن ينظر إليها باعتبارها استثناء ونشازا وخروجا على أصل العمل الخيري وأصوله وغاياته.

إن واقع الحال في الترخيص لمؤسسات المجتمع المدني يعمل وفق مقولة: « الباب الذي تأتيك منه الريح سده واستريح « هذا لسان الحال، وهذا واقع الممارسات التي خضعت للهواجس والمخاوف واستسلمت لها، وإلا كيف يسوغ هذا العدد القليل جدا جدا من مؤسسات المجتمع المدني؟ إن الحائل دون التوسع فيها، هو الخوف منها، ومن القائمين عليها، وتسيير أعمالها، وضبط أوجه نشاطها، والاستسلام للخوف مطية الضعفاء، وعباءة يتدثر بها قليلو الحيلة والشجاعة في مواجهة المواقف الطارئة والصعبة والناشزة.

وحتى لا يقال إن في هذا تجن على الجهة التي تعنى بالجمعيات والمؤسسات الخيرية، أذكر موقفين للبرهنة والتدليل، الأول: عندما تنادى نفر من المتطوعين لافتتاح جمعية خيرية في مدينتهم، وفق إجراءات وزارة الشؤون الاجتماعية، لكنهم فوجئوا برفض الطلب، وكان المسوغ وجود جمعيتين خيريين في مدينتين لا تبعدان عن المدينة التي يطالب أهلها بافتتاح جمعية خيرية سوى ستة أكيال، وعلى المطالبين مراجعة أي من هاتين الجمعيتين، طلبوا مني الشفاعة، راجعت وزارة الشؤون الاجتماعية، وبعد بيان وإيضاح لقيمة مثل هذه المؤسسات ووجوب التوسع فيها، وأنه يفترض أن يكون في مثل هذه المدن أكثر من جمعية، طالما أن هناك نظاما معتمدا يسير أعمالها ويضبطها وأناسا متحمسين متطوعين بجهودهم وأوقاتهم، تمت الموافقة والآن هذه الجمعية تعمل بجد وتنمو وتخدم فئة كريمة وفق التعليمات والأنظمة المعتمدة للجمعيات الخيرية.

الموقف الثاني: حين تنادى عدد من المختصين للعمل التطوعي في مجال التربية، وهو مجال حيوي يعد من ركائز التنمية المجتمعية، لكنهم فوجئوا كالعادة بعدم تمكنهم من الترخيص فكل جهة تقول هذا ليس من اختصاصي، وما زالوا ينتظرون الفرج. يقال: « هاك خير، قال: ما معي له ماعون «. فهل من متبنٍ للعمل الخيري التطوعي يوسع مجالاته، ويذلل عقباته؟

 

أما بعد
فوبيا القطاع الثالث 2 - 2
د. عبد الله المعيلي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا خدمات الجزيرة الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة