Sunday  03/10/2010 Issue 13884

الأحد 24 شوال 1431  العدد  13884

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا     نسخة تجريبية
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

حركة التطور بين الوطن والإنسان
حسن اليمني

رجوع

 

لكل قضية أو مشكلة أسباب ومبررات، والأسباب في الغالب هي نتائج طبيعية للحركة والتغيّر، والمبررات في الغالب تكون نتيجة احتياجات وضرورات, وإدراك هذه الحقيقة البديهية ومدى أهميتها هو المهم والأس الصحيح الذي يعيدنا إلى نقاط البدء متى أردنا، لنتمكّن من تتبع مساراتها وتلمس مكامن الأوجاع وتحديد أماكنها، ومن ثم البدء من نقاط جديدة ولكن للعلاج هذه المرة. إلى عام 1975م، لم تكن لدينا مشكلة بطالة أو إسكان وحتى الفقر كان في نسبه الطبيعية، وفي اعتقادي أن ثلاثة مسارات تنموية بدأت بالظهور منذ ذلك التاريخ أحدثت تحولاً هائلاً وتغيّراً شاملاً على الوطن والمواطنين، ولا شك أن هناك العديد من العوامل الأخرى، إلا أنها كانت نتائج وأدوات لهذا الثلاثي المحول وهي كالتالي:

المسار الأول: إثراء المواطنين، عن طريق مضاعفة الرواتب الحكومية وتقديم المنح وتثمين بعض العقارات وكذلك قروض الزراعة والصناعة والعقار.

المسار الثاني: التصنيع الأساسي وإنشاء المدن الصناعية.

المسار الثالث: مشاريع مقاولات البنى التحتية وتطويرها وتوسيعها.

وكان ذلك رغبة في الاستفادة من إيرادات النفط التي ارتفعت أسعاره في تلك الفترة، وقوبل برفع الإنتاج لاستغلال الفرصة واختصار الوقت، فكانت هذه المسارات مجتمعة تمثّل نقلة هائلة وقفزة طموحة للغاية، أحدثت إرباكاً و تحولاً وتغيّراً في وعي وثقافة وطبيعة المجتمع، نقلته من حال إلى حال، دون أن يلتفت أحد إلى أثر هذا التحول وأهميته وحتى خطورته إن ترك دون متابعة ومراقبة وتصويب، مما جعل آثار هذا التحول السريع يعطي في جانبه الاجتماعي ثقافة التميّز والخصوصية الوهمية، وصارت تنمو وتتصاعد هذه الثقافة في وجدان الفرد، حتى فاجأته تبعاتها اليوم المتمثلة في استحقاق الوطن للوفاء والإنتاج، ومع هذا ما زلنا حتى اليوم نتجاهل حاجتنا الماسة (لفلترة) وترقية الوعي والثقافة الاجتماعية، للرفع بالفرد الوطني في وعيه واستيعابه وثقافته إلى مستوى الأهداف المنشودة، ليتواكب وهذا التحول والتغيّر الذي طرأ ولم يحدث صدفة، في خطط تنموية طموحة، اعتمدت بشكل قوي على الفهم العلمي على حساب الوجدان الاجتماعي، وإن لم يُغفل، إلا أن حركة التحول والتغيّر الاجتماعي لم تواكب حركة النهضة المادية، فظهرت البطالة والفقر وعجز الإسكان، وكلها قضايا اجتماعية، نتيجة العجز عن مواكبة التحول والتطور في نمو الدولة عبر المنجزات التي يضاهي بعضها مثيلها العالمي. إن الإحساس بالتميز والخصوصية الوهمية المبنية على كرم الدولة أو الأسرة أو حتى علاقات الانتفاع، لا يمكن أن يبني تميزاً وخصوصية حقيقية، بل إن نتائجه ستكون عكسية على من تأخر وعيه وفهمه عن مواكبة نمو وتطور وطنه، فيصبح معيقاً أو مربكاً، ولن أقول عالة، على مسار النمو الوطني وصعوده وتقدمه، وإذا كنا لجأنا في بداية التحول والتغيّر إلى استقدام الأيادي والعقول لسد النقص وإيفاء الاحتياجات، فإن تأخر بعض أفراد المجتمع عن مواكبة مسار الوطن المتقدم للأمام بالتقاعس أو الانتفاع، أبقى على هؤلاء الوافدين وحولهم إلى ضرورة قد تكون مستمرة، ولكن على حساب مزيد من القضايا الاجتماعية وتعميقاً لما هو قائم حالياً.

الحاجة إذن تدعونا إلى الالتفات إلى البعد الاجتماعي وهندسة وعيه وثقافته والارتقاء بها إلى مستوى الطموحات التي تنشدها الحكومة، في خططها التنموية «لعصرنة» الوطن ورفعه إلى مصاف الدول المتقدمة، ولن يكون ذلك حسبما أعتقد، إلا بتوافر قاعدتين اثنتين، الأولى: بناء الشخصية الوطنية جنباً إلى جنب مع شخصية الوطن المرسومة في خطط التنمية، وبمعنى أن ألا يكون الإنجاز المادي على حساب الإنسان وقيمته، حتى وإن كان هذا الإنجاز إنما يتم لرفاهية هذا الإنسان، إلا أن قيمته الحقيقية تكمن في وعيه وثقافته وبالتالي إنتاجه، والثانية تفعيل الأنظمة والإجراءات التي تتابع وتراقب وتحاسب، وهذا ما يؤكّده خادم الحرمين الشريفين في كل توجيهاته بالحرص على أهمية هاتين النقطتين في مختصرها المفيد وهو العدل والإنسان.

Hassan-alyemni@hotmail.com
 

رجوع

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا خدمات الجزيرة الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة