Wednesday  06/10/2010 Issue 13887

الاربعاء 27 شوال 1431  العدد  13887

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا     نسخة تجريبية
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

           

الوطن رمز ومعنى يتجاوز مداه المساحة الجغرافية، والتضاريس والحدود الطبيعية، ليتصل بتراثه التاريخي والثقافي، والذي تتشكَّل به ومعه الهوية الثقافية لمجتمع هذا الوطن بأدواتها ومكوناتها المختلفة.

والهوية الثقافية هي بمثابة خارطة طريق ترسم أهدافه، وآماله، وآفاق مستقبله، ومنهجيته في البناء الفكري والتنموي، وأنماطه المعيشية والاجتماعية.

وإذا كان الوطن كذلك، فإنَّ المواطن، هو العنصر الحاسم في القيادة والحراك، والتنمية والبناء، واستثمار الموارد، والدفع به نحو المكانة الرفيعة بين أمم وأوطان المنظومة الكونية قاطبة. وهذا الوطن العزيز بإيمانه وقِيمه العالية، زاخرٌ بعطاء رجاله ونسائه، في رحلة البحث عن مجدٍ، ونهوضٍ حضاري، يحفظ لهذا الوطن تألقه الدائم، بين الأمم، عالياً فوق هام السحب.

نماذج هذا العطاء بأوزانها المتفاوتة، وثرائها المتنوع، تعكس إيماناً صادقاً، وإرادة صُلُبة، لإثراء مسيرة العمل الوطني الخلاَّق، وتدوين ذلك في سجلات الوطن المشرقة.

في كل عام يحتفل أبناء وبنات هذا الوطن العزيز بيوم الوطن .. يوم التوحيد والتأسيس، في إطلالة على عبق ماضٍ مجيد، وملحمة جهادية استثنائية قادها فارس الجزيرة الملك عبد العزيز رحمه الله، ومعه أبناء شعبه، تحت راية التوحيد والديِّن الحنيف، حوَّلت هذه الملحمة شتات الجزيرة العربية، وصراعاتها المريرة، وأوضاعها الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية المتردِّية، إلى وطن وكيان واحد متماسك، بقبائله وأفراده، وطوائفه وفئاته، وإلى مجتمعٍ للعلم والمعرفة، والنمو والتنمية، وإلى دارٍ للسلم الاجتماعي، والمحبة، والتسامح، والاعتدال، والوسطية. وقد كان العامل الحاسم في نجاح هذه الملحمة الجهادية يرجع أساساً إلى الإدارة السياسية والعسكرية الفذة للقائد المؤسس، إضافة إلى همة وبأس هذا الشعب العظيم.

وفي يوم الوطن تتداعى آمال وطموحات المواطن، في وطن يتفيأ الجميع بظلاله الوارفة، وتحكمه قِيم العدل والمساواة، واحترام الحقوق والواجبات، خاصَّة ونحن في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله.. عهد التطوير والإصلاح المؤسسي والهيكلي.

وفي تقديري أنَّ محتوى هذه الآمال والطموحات يتركز في عِدَّة عناصر، من أبرزها:

- الحياة المعيشية الكريمة، في إطار مبادئ العدل والمساواة وتكافؤ الفرص، وهذه القِيم النبيلة، تستلزم بالضرورة تبني مشروع مجتمعي لنشر هذه الثقافة الإيجابية، داخل المنظومة الإدارية والخدمية والإنتاجية في القطاعين العام والخاص، وخاصَّة بين المسؤولين والمدراء التنفيذيين، وينبغي رفده بمعايير للمراقبة والمحاسبة الدقيقة لكشف الاختراقات المحتملة لمتطلبات هذه الثقافة، بفعل أدوات المحسوبية والانتهازية الضيقة، والممارسات التي تعبث بمصالح المجتمع وحقوقه المادية والمعنوية.

- انتهاج سياسات اقتصادية أكثر عدالة تسمح بتسويق المزيد من فرص العمل في القطاعين العام والخاص. وتُعززُ من مبادئ المفاضلة الوظيفية وفقاً لاعتبارات الكفاءة والقدرات والمهارات الذاتية. وتسمح كذلك بتوسيع منظومة الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية، خاصَّة في المدن والمحافظات والمراكز الأقل نمواً.

- تفعيل برامج حماية النزاهة ومكافحة الفساد. وقد يكون من المفيد تخصيص هذا العام الوطني الجديد ليكون عاماً للنزاهة ومكافحة الفساد، يتم من خلاله تفعيل مهام « الهيئة الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد» للمضي قدماً نحو تطبيق بنود الإستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد، بكل منطلقاتها، وأهدافها، ووسائلها، وآلياتها، في سبيل وقف الهدر والتبديد النسبي للمال العام والموارد المتاحة، سواء عبر الوسائط غير المشروعة ( إساءة استخدام الوظيفة العامة لتحقيق مكاسب خاصة )، أو عبر آليات الإنفاق غير الرشيد، وبما يُعد في الأدب الإنمائي أحد أبرز معوقات التنمية المستدامة. ولعلَّ من أبرز البنود الواردة في الإستراتيجية، والتي تحتاج إلى العناية والرعاية، والمعالجة بأسرع وقتٍ ممكن، وباستخدام كل الأساليب والأدوات الممكنة:

أولاً: المادة رقم (2) من (ثالثاً - الوسائل)، وتحديداً الفقرات التالية:

(ز):» اختيار المسؤولين في الإدارات التنفيذية التي لها علاقة بالجمهور من ذوي الكفايات، والتعامل الحميد مع المراجعين، والتأكيد على مديري الإدارات بإنهاء إجراءات معاملات المواطنين، ومراقبة الموظفين حتى لا يضعوا العقبات أمام تلك المعاملات».

(ح):» التأكيد على عدم التمييز في التعامل، وعدم النظر إلى المركز الوظيفي أو الاجتماعي للشخص».

(ط):» العمل بمبدأ المساءلة لكل مسؤول مهما كان موقعه، وفقاً للأنظمة».

ثانياً: المادة رقم (3) من (ثالثاً - الوسائل): إقرار مبدأ الوضوح (الشفافية) وتعزيزه داخل مؤسسات الدولة». وتحديداً الفقرة(أ): ونصها: « التأكيد على مسؤولي الدولة بأن الوضوح وسيلة فاعلة للوقاية من الفساد، وإنَّ اعتماده كممارسة وتوجه أخلاقي يضفي على العمل الحكومي المصداقية والاحترام.

ثالثاً: المادة رقم (6) من (ثالثاً- الوسائل): تحسين أوضاع المواطنين الأُسرية والوظيفية والمعيشية, وتحديداً الفقرات التالية:

(أ) التأكيد على مبدأ تحسين أوضاع المواطنين الأُسرية والوظيفية والمعيشية، وبخاصة ذوو الدخل المحدود، وتوفير الخدمات الأساسية لهم.

(ب) إيجاد الفرص الوظيفية في القطاعين العام والخاص، بما يتناسب مع الزيادة المطردة لعدد السكان والخريجين، والاهتمام بتأهيلهم طبقاً لاحتياجات سوق العمل.

(ج) الحد من استقدام العنصر الأجنبي

(د) تحسين مستوى رواتب الموظفين والعاملين، وبخاصة المراتب الدنيا.

الكلمة الأخيرة:

في يوم الوطن تزدان المشاعر والعواطف، ويرتفع سقف الآمال والطموحات، بغدٍ أكثر عدلاً وإشراقاً، وأكثر طمأنينة وازدهارا.

من مأثور الحِكم:

ولي وطن آلَيتُ ألاّ أبيعَه

وألاّ أرى غيري له الدهرَ مالكا

عَهِدتُ به شرخَ الشَّباب ونعمةً

كنعمة قوم أصبحوا في ظلالكا

فقد ألفتْه النفس حتى كأنه

لها جسد إن مات غودرتُ هالكا

وحبَّبَ أوطانَ الرِّجال إليهمُ

مآربُ قَضّاها الشَّبابُ هنالكا

إذا ذكروا أوطانَهمْ ذكَّرتْهُمُ

عهودَ الصِّبا فيها فحنّوا لذلكا

(ابن الرومي)

 

طموحات وآمال في يوم الوطن
د. عبد المجيد بن محمد الجلاَّل

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا خدمات الجزيرة الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة