Friday  08/10/2010 Issue 13889

الجمعة 29 شوال 1431  العدد  13889

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا     نسخة تجريبية
   
     

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الريـاضيـة

 

عميد مؤرخي الحركة الرياضية الدكتور (أمين ساعاتي) يواصل حديثه الخاص لـ(الجزيرة) عن تاريخ نادي الوحدة:
النادي المكي عاش عصراً ذهبياً في عهد (العريف).. وبيت الصبان قدم للوحدة أبرز رجالاته
الحلقة 3

رجوع

 

مازال تاريخ الحركة الرياضية بالمنطقة الغربية يكتنفه مزيد من الغموض وأجواء تسودها الضبابية.. حول أحقية النادي الأول نشأة وقياماً.. ممن يستحق الهرولة في مضمار الريادة والفوز بلقب أول ناد تأسس بالمملكة, فالوحداويون الذين طرزوا شعارهم الحالي بالرقم (1) إشارة إلى أقدميته وأحقيته بالريادة التأسيسية على صعيد الأندية المحلية, وبالمقابل يصر الاتحاديون على أن عميدهم هو الأحق والأجدر بهذا اللقب التاريخي وهو أول ناد تأسس بالمملكة عام 1347هـ, وفي ظل الخلاف الدائر في فلك الناديين والجدل البيزنطي حول لقب الزعامة والعمادة والفوز باللقب التاريخي.. اتجهت بوصلة (الجزيرة) إلى غرب المملكة في ضيافة عميد مؤرخي الحركة الرياضية.. صاحب أكبر موسوعة رياضية قدمها للمملكة الدكتور (أمين ساعاتي) المعروف بحجته القوية.. المدعومة بالوثائق المثبتة والحقائق الدامغة والصور التاريخية النادرة.. ليكشف لنا أوراقاً عن حقيقة تأسيس ناديي الوحدة والاتحاد معززاً أقواله ومدعماً حديثه بالوثائق التاريخية والصور النادرة تنشر لأول مرة.

واليوم وعبر «الحلقة الثالثة».. يواصل المؤرخ الكبير الدكتور (أمين ساعاتي) حديثه عن تاريخ نادي الوحدة المخضرم:

إعداد: خالد الدوس

جيل الجعيد الذهبي

انتقل عبد الرحمن الجعيد من النادي الأهلي (الثغر) بجدة إلى الوحدة بمكة في عام 1379هـ وقاد مجموعة من أبرز اللاعبين الذين انتقلوا من جدة إلى مكة وسجلوا أسماءهم في الوحدة وأعلنوا بداية مرحلة جديدة في تاريخ الوحدة.

يقول عبد الرحمن الجعيد عن قصة انضمامه إلى الوحدة: كنت أدرس في القاهرة وأتمرن في النادي الأهلي المصري.. وفي القاهرة قابلت عبد الرزاق متبولي رئيس نادي الاتحاد آنذاك وطلب مني الانضمام للاتحاد فقلت تلك أمنيتي. فقال متبولي: سأعود إلى جدة يوم السبت وأتصل بك فقال جعيد لك ثلاثة أيام بعد وصولك وبعدها سأكون في حل من وعدي.

ويقول: بعد أن عدت إلى جدة وفي بيتي بالكندرة دخل إلى البيت: العم حسين أبو الريش والعم كامل أزهر يرحمهما الله، وطلبا من جعيد الانضمام للوحدة. ويقول الجعيد أنا أعرف معنى أن يأتي إلى المنزل أي إنسان وتجيب طلبه من منطلق الواجب وأخلاق أهل الحارة.. ولكن مع ذلك: يقول جعيد: إنني اعتذرت لهم لأنني وعدت نادي الاتحاد وأعطيتهم مهلة ثلاثة أيام وأنتم لا ترضون أن أكون كذاباً وقال لهم: أمهلوني الأيام الثلاثة وبعدها سأكون بين أيديكم فردا عليه: نستمهلك الثلاثة أيام ولا نهملك بعد الأيام الثلاثة. ويقول الجعيد قلت لهم ماذا تقصدون؟. فقالا سنسكن في دارك الأيام الثلاثة.. فإن وصلك مبعوث الاتحاد نعود إلى مكة.. وإذا لم يصلك نعود نحن الثلاثة (معهم جعيد) إلى مكة لتسجل للوحدة.

ويستطرد الجعيد: عشت بالفعل سعيداً بهما في بيتي ضيفين عزيزين.. نذبح ذبيحة كل يوم وبوجودهما كنا نسبح في الخير.. ووصف الأيام الثلاثة بأنها كانت مليئة بالطيبة والخير..

وبعد الأيام الثلاثة: قال لهم أين كشف التسجيل. فقالا للجعيد: في مكة، فقال الجعيد لهما: موعدنا الوحدة، وبذلك سجلت للوحدة.

وكان الجعيد يتمتع بأخلاق تفرض حبها على الجميع ليس على لاعبي الوحدة فقط بل وزملاء الملاعب في كل أندية المملكة. وبدأت بذلك مرحلة الجعيد في نادي الوحدة وقاد الفريق للصمود والصعود والاستمرار.

مربع الكبار في الوسطى يسحب البساط من مثلث الغربية!!

وواضح من تاريخ الأندية السعودية أنه منذ أن بدأت ظاهرة عدم الاستقرار مع استمرار الأزمات المالية في الثلاثة الكبار في المنطقة الغربية الاتحاد والأهلي والوحدة.. بدأت هذه الأندية تفقد المراكز الأولى في مسابقات كرة القدم، وتتراجع خلف أندية المنطقة الوسطى الهلال والنصر والشباب والرياض.. التي أخذت تتقدم بقوة وتسحب معظم بطولات كرة القدم من أندية الغربية..

وأكثر من هذا فإن نادي الوحدة - كما سنرى - تعرض للهبوط إلى مصاف أندية الدرجة الأولى ثلاث مرات، كما أن النادي الأهلي كاد أن يتعرض للهبوط إلى الدرجة الأولى في موسم 1413هـ. أما نادي الاتحاد فإنه ظل مواسم عديدة يحصر منافساته مع مجموعة منطقة الوسط بعيداً عن المربع الذهبي.

حسن دوش بين الوحدة والاتحاد

يعتبر حسن دوش ظاهرة من الظواهر الرياضية التي رأت النور في نادي الوحدة العريق. ولكن كانت الخلافات بين أعضاء مجلس الإدارة تؤثر على انتقال اللاعبين من ناد إلى آخر. وبالذات إذا كان الانتقال من ناد عنيد ومنافس قوى، وكما ذكرنا فإن المنافسة على قمة الدوري في بداية تاريخ مسابقة كأس الملك كانت شديدة بين الاتحاد والوحدة. إلا أن اللاعب حسن دوش لعب للاثنين (للفريقين).

قال العم كامل أزهر عن قصة انتقال الدوش من الوحدة إلى الاتحاد أنه اختلف مع بعض أعضاء مجلس الإدارة في نادي الوحدة في عام 1380هـ وأن هذا البعض تحدوه فأراد أن يعاقب هذا البعض فسحب نجم الوحدة يومذاك حسن دوش وقدمه هدية لنادي الاتحاد منافس الوحدة العنيد في ذلك الوقت.. واشترط على رئيس النادي عبد الرزاق متبولي أن يتعهد لكامل أزهر بالاستغناء عن دوش حالما يريد كامل أزهر. وفعلاً تعهد المتبولي للأزهر بذلك.

ولعب الدوش مع الاتحاد في ظل ظروف شاذة تقريباً فالنجم الوحداوي يستحيل في ذلك الوقت أن يلعب مع الاتحاد.

ويقول العم كامل أزهر: لقد مر موسم كامل والدوش يلعب في صفوف الاتحاديين. وبعد مرور العام عادت المياه إلى مجاريها في الوحدة. فتقدمت إلى الاتحاد بطلب الوفاء بالعهد والاستغناء عن الدوش. ولكن الاتحاد أخذ يراوغ ويحنث بالعهد الذي قطعه على نفسه ودخل كامل أزهر على الاتحاديين بالموجب والحقوق.. فخسر الاتحاديون أمام الموجب والحقوق واستسلموا لطلب الأزهر، وقدموا إليه التنازل عن نجم الفريقين حسن دوش الذي عاد أدراجه إلى فريقه الأصيل الوحدة.

ثقافة الوحدة والاتحاد

رتب الزميل الإعلامي فريد مخلص زيارة للعم كامل أزهر أحد مؤسسي نادي الوحدة بمكة المكرمة، وقال إن أبناء العم كامل يزمعون إعداد كتاب عن مسيرة والدهم الرياضية وإنهم سيكونون في استقبالك في نفس المكان ( المجلس ) الذي شهد توقيع وثيقة تاريخ تأسيس نادي الوحدة التي وقعها مؤسسو نادي الوحدة وأجمعوا فيها على أن نادي الوحدة تأسس في عام 1366هـ، وسوف يتناول الجميع طعام العشاء احتفاء بهذه الزيارة.

وطبعاً باركت الفكرة وفي مساء يوم الثلاثاء 22 رجب 1425هـ توجهت ومعي الزميل غازي كيال إلى مكة المكرمة حتى بلغنا المكان الذي كنت أزوره قبل خمسة وثلاثين عاماً وقبل أن أدخل مجلس العم كامل أزهر وقفت أتأمل الباب وقرأت السلام عليه وقلت للباب ها نحن نلتقي بعد مرور خمسة وثلاثين عاماً (ومسير الحي يتلاقى.. كما يقولون.. إنها عبقرية المكان). ثم سميت باسم الله وقفزت فوق العتبة وتجاوزت حلق الباب ثم وجدت نفسي في جوف المقعد، ورمقت العم كامل وهو يجلس على كرسي وثير في صدر المجلس ومن حوله أبنائه يجلسون جلسة أرضية فوق طوالة ترتفع بنحو 10سم عن الأرض وخلفها مساند يستند إليها الجالسون في المجلس، إنها الجلسة العربية المعروفة عند أهل الحجاز.

وقرأت السلام بصوت مرتفع ثم وقفت وكررت السلام بصوت أكثر ارتفاعاً لأنني أحسست بأن السلام يجب أن يصافح أذن كل واحد من هؤلاء الأحبة وكل واحد يجب أن يعرف أنني كنت أخصه بالسلام حتى المكان فإنني أقصده بالسلام، إنه اللقاء الحميمي الذي نجتزه من الماضي من التاريخ المعطر بأيام زمان العبقة.. ودخلت وقبلت رأس الرجل الكبير العم كامل أزهر ثم جلست بجوار العم كامل وسألته عن الصحة.. فقال: تعبان.. فقلت: بعد هذا اللقاء الحميمي أنت تعبان يا عم كامل!! فأدرك الرجل الذكي وقال بسرعة: أبداً أنا سعيد بكم هذا يوم من الأيام العزيزة على نفسي أن نلتقي مرة أخرى، ولكن أنا كبرت.. فقلت له بصوت منخفض: يعني تعديت التسعين!! فابتسم وقال: السر في بير.. وقلت: يا سلام يا عم كامل.. حتى الكلمات هي كلمات أيام زمان.. ثم قلت: يا عم كامل أنت لم تكبر بعد فأنا أذكرك بأيام الشباب.. وأخرجت ظرفاً بداخله مجموعة من الصور التقطت في هذا المقعد قبل أكثر من خمسة وثلاثي عاماً وفيها العم كامل أزهر يجلس ومعه العم محمد سالم غلام رئيس الوحدة الأسبق وحولهما مجموعة من لاعبي الوحدة ولاعبي الاتحاد حينما كان التنافس شديداً بين الوحدة والاتحاد وحينما كان التنافس لا يفسد للود قضية.. وطالع العم كامل الصور وهو يبتسم وتنفرد أساريره أكثر وأكثر وهو يعدد الأشخاص ثم يقدمها لأبنائه، وهو يقول: هكذا كنا تجمعنا دائماً المحبة والأخوة والزمالة.. وأشار بيده اليمنى.. هاهنا دعوت نادي الاتحاد ( وأنا وحداوي حتى النخاع ) بمناسبة حصول الاتحاد على خمسة كؤوس، ثم أشار بإصبعه على الأرض وقال: هاهنا وضعنا الكؤوس الخمسة.

إنه الاحتفال بالفوز.. وفوز الشباب السعودي هو فوز لنا جميعاً سواء شباب جدة أو شباب مكة أو شباب الرياض أو شباب أي مكان في المملكة..

وبعد ذلك تناوب الجميع الحديث عن ذكريات الاتحاد والوحدة كل كان يدلي بدلوه وكل كان يتحدث عن خاطرة أو ذكرى مرت عليه.. إنه التاريخ الذي يتكلم عن نفسه في الزمان والمكان.. الجميل الذي لاحظته هو أن أبناء العم كامل أزهر المهندس جمال كامل أزهر بالتحديد يهتم كثيراً بشئون لاعبي الوحدة القدامى الذين كانوا يرتادون مجلس والده، فإذا تعرض أحدهم لعارض صحي أو مشكلة فإنه يبادر لعلاجها، ويرى أن ذلك واجب الأواصر والتكافل والعشرة..

ونحن في مجلس العم كامل جاءنا خبر توعك النجم حسن دوش ولاحظت من المهندس جمال قلقاً غير عادي على صحة حسن دوش، وقال سبق أن أدخلناه المستشفى التخصصي ولكن حسن الله يهديه لا يحرص على تعاطي الدواء والآن سوف نسعى إلى سمو الأمير سلطان لعله يصدر أمراً بإعادته إلى مستشفى الملك فيصل التخصصي بجدة.. وفعلاً جرى الاتصال وحلت مشكلة حسن دوش.

وبعد ذلك كان للمكان نصيب من الأحاديث فقال أحدهم هاهنا أخذت الصور، فرد عليه ثان لا الصور أخذت في الصالة الداخلية، ورأينا الصالة وأحسسنا أنها تبتسم وكأنها تتحدث إلينا وتقول: نعم هنا في حضني أخذت الصور وهنا كان يجلس سعيد لبان وهناك حسن دوش وبعدهما حسني باز وفي الصدر كان يجلس العم كامل.

وبعد هذا المجلس التاريخي الجميل الذي ضمنا استأذنت من العم كامل أن ننصرف ونعود إلى جدة ولكن العم كامل أومأ إيماءة سريعة لأبنائه، وإذا بموائد الأكل توضع وإذا بالمندى يملأ المكان الذي سبق أن امتلأ بكؤوس الاتحاد الخمسة.

وبعد العشاء احتسينا الشاهي ثم سمح لنا بمغادرة المجلس. هذا الاجتماع التاريخي بمثابة (ورشة عمل) موضوعها العلاقات الحميمة بين الرياضيين السعوديين بعيداً عن التعصب الأعمى.. إنها ثقافة الاتحاد والوحدة.. الثقافة السعودية الرياضية الجميلة.

الوحدة بين الممتاز والدرجة الأولى

أشرنا من قبل إلى أن الأندية قسمت إلى أندية ممتازة وأندية درجة أولى عقب دورة تصنيفية في كرة القدم أقيمت في موسم 94-95هـ. ولقد كان فريق الوحدة أحد الأندية المصنفة ضمن أندية الممتاز ولكن بعد ثلاثة مواسم أي في موسم 1399-1400هـ هبط فريق الوحدة إلى أندية الدرجة الأولى. ولقد كان هذا الهبوط انكساراً كبيراً لهذا الفريق العريق الذي يعد من أحد قادة الأندية السعودية لفترة طويلة من الزمن.

وظل فريق الوحدة العريق غائباً عن الدوري الممتاز لثلاثة مواسم، وفي موسم 1403-1404هـ عاد الوحدة إلى الدوري الممتاز واستطاع بالفعل في موسم 1405-1406هـ أن يستعيد أمجاده ويهزم بطل الدوري وبطل الكأس ويلحق الهزائم بأعتى الأندية حتى استطاع أن يحتل المركز الرابع ويثبت أقدامه في الممتاز ولكن فريق الوحدة ما لبث أن هبط إلى مصاف أندية الدرجة الأولى مع نهاية موسم 1415هـ.

الجيل الثاني يتقدم إلى إدارة نادي الوحدة

في موسم 1408هـ (1988م) تشكلت إدارة نادي الوحدة من الجيل الثاني حيث دخل الدكتور محمد بصنوي رئيساً، وكان من أبرز أعضاء مجلس الإدارة المهندس جمال كامل أزهر وأكد الأزهر في حديث نشرته جريدة البلاد في عددها 8803 وتاريخ 8 رجب 1408هـ أن نادي الوحدة تأسس في عام 1366هـ (1948م) كما روى له والده الذي كان مؤسساً وقائداً لنادي الوحدة المشهور. وبعد ذلك رئيساً من رؤساء النادي الذين حققوا الكثير من البطولات للنادي. ويقول المهندس جمال كامل أزهر: إن نادي الوحدة أول فريق يستقدم فرقاً رياضية من الخارج، وكان ذلك في عام 1375هـ حين استقدم فريق وزارة الصحة المصري الذي كان يضم حينذاك أبرز نجوم الكرة المصرية ومن بينهم: الضظوي ومكاوي والجندي وحنفي بسطان وسعيد أبو النور.

عبد الرحمن فقيه.. ناجح جداً إلاّ مع الوحدة

كلما وقعت عيني على قائمة أعضاء الشرف لنادي الوحدة بمكة ينتابني الفزع وأكاد لا أصدق أن هذه الرموز جميعها لا تستطيع أن تدعم نادياً واحداً في مكة المكرمة!!

هل يمكن أن تصدق أن الشيخ عبد الرحمن فقيه الذي أنشأ العديد من إمبراطوريات الاقتصاد وأسس الكثير من منشآت المال والأعمال الناجحة.. هذا الرجل الذي يملك يداً مبروكة.. هل يمكن أن نتصور أنه لا يستطيع أن يعيد إلى ناد عريق عراقته وتقدمه؟!

إنني أكاد لا أصدق.. بأن هذا الذي يحدث لنادي الوحدة.. هو الذي يحدث وهو بين يدي مجموعة من الكفاءات الوطنية التي تستطيع أن تفعل المستحيل.

ودعوني أذكر لكم اثنين مع عبد الرحمن فقيه من أعضاء شرف نادي الوحدة هما معالي الدكتور محمد عبده يماني وسعادة الوجيه عبد المقصود خوجة، ثم لنتصور أن ثلاثتهم كلفوا بتأسيس أعتى المشاريع الوطنية، فماذا ننتظر منهم أن يفعلوا؟ لا أبالغ إذا قلت أن هؤلاء الثلاثة لو كلفوا بتلميع وجه «جنرال موتورز» لما أخفقوا في مهمة إعادة الأمجاد والرواج لمنتجات جنرال موتورز..

إن أبناء مكة البررة يعشقون البناء، ولهم لمسات في كل المدن السعودية التي استضاءت بمواهبهم واستنارت بطموحاتهم، ولا أحسب أنهم مقصرون تجاه نادينا العريق.. نادي الوحدة..

إن الذي يحدث للوحدة الآن مجرد ملمات، وإن هذه الملمات تحتاج إلى أيد حانية تبيض وجهها وتتفرغ لها كي تعطي النادي وجهه التاريخي الأبيض..

وإذا كنت أتمنى من العم عبد الرحمن أن ينسى نفسه هنيهة ويتذكر الوحدة، فإنني أعاتب بشدة لاعبي الوحدة وجمهور الوحدة الذين لم يغتنموا فرصة وجود العم عبد الرحمن والدكتور اليماني والوجيه خوجة بينهم، لأن وجود الرجال أهم بكثير من وجود المال. إنني أطالبهم بألا يضيعوا الفرصة الثمينة ويتركوا هذه الكفاءات النادرة التي تستطيع أن تقيم الدنيا وتقعدها دون أن يستغلوا وجودها بينهم.. وإذا كنت أتمنى أن أوجه رسالة -بهذه المناسبة- إلى أخوين وحداويين، فإنني أوجهها إلى الزميلين الصديقين الأستاذين زاهد قدسي ومحمد عبد الرحمن رمضان، إنني مثلهما أحمل بين ضلوعي حباً للوحدة، فلقد كانت تربطني زمالات وصداقات مع كثير من إدارييهم ولاعبيهم، كنت أسافر من جدة إلى مكة أقصد ديوان رئيس الوحدة العم كامل أزهر وعبد الرحمن سجيني وحسين بوقس وحمزة بصنوي وعبد السلام الساسي.. كانوا خبراء في الرياضة والتربية، وكان يأتي إلى الديوان من اللاعبين حسن دوش وسعيد لبان ولطفي لبان وحسني باز وأمين هرساني وسعيد لمفون ومحمد لمفون والمعلم.. لذلك كله فإن اهتمامي بأخبار الوحدة ونتائج فرقها لم يأت من فراغ.. بل يأتي من خلال صداقات عميقة طبعت في نفسي تلك الصورة الجميلة المبدعة التي ظلت محفورة في نفسي وفي قلبي حتى اليوم. إن الإنسان الذي يلوعه التاريخ.. هو الإنسان الذي يخاف من سقوط الأندية الكبيرة.. إن نادي الرياض (الأهلي) ما زال يترك في نفس كل رياضي حسرة وألماً شديدين، لأن سقوط الكبير يذبح التاريخ، أما الصغير فإنها سقطة عابرة لا تلبث أن تندمل..

والتاريخ الذي كتبته بيدي وعشته بحبي وعاصرته بصدقي لا يقبل منا أن نشاهد سقطة الكبير ونحن نتثاءب كالحيارى المكلوبين.. اللهم مكن العم عبد الرحمن فقيه وزملاءه الأفاضل من نادي الوحدة وأتح أمامهم فرص إعادة الوحدة إلى سابق أمجادها، فتاريخ الاقتصاد الوطني الذي يذكر لهم منجزاتهم العتيدة.. لن ينساهم حينما يعيدون بناء نادي الوحدة الذي يشكل ركناً هاماً في تاريخنا الرياضي العريق..

هبوط الوحدة إلى الدرجة الأولى

في موسم 1414هـ - 1415هـ (1994- 1995م) تعرض نادي الوحدة لهزات عنيفة وخلافات إدارية وفنية متعددة هبط على أثرها فريق كرة القدم بالنادي إلى مصاف أندية الدرجة الأولى.. بعد أن أصبحت شباكه مفتوحة أمام جميع الأندية نتيجة التخبط الذي عاشه الفريق، وكان ذلك في ظل رئاسة الدكتور هاشم حريري الذي ترأس النادي بعد الصبان.. فقد تولى الحريري في عام1414هـ حتى شهر ذي القعدة 1415هـ.

وقد كانت هزيمة الوحدة أمام نادي الاتفاق في عام 1414هـ- 1415هـ في الدوري الممتاز بثمانية أهداف مقابل لا شيء بمثابة ضربة وصدمة كبيرة لكرة القدم في الوحدة.. وهي هزيمة تكررت أمام الاتحاد فيما بعد.. وتوالت الهزائم بعد ذلك ولم يستطع المدرب (دوليزار) أن يفعل شيئاً في ظل الإحباط الذي خيم على لاعبي الفريق وبخاصة بعد أن تم استبعاد خمسة لاعبين هم: خالد عبده وبكر فلاتة ومنصور حسين وخالد منسي وعيسى مختار، واستقالة مدير الفريق إلياس كنتاب وإداري الفريق محمد بن فهد الجوازين.

مجلس إدارة مؤقت في عام 1415هـ

وحرصاً من الأمير فيصل بن فهد -رحمه الله- الرئيس العام لرعاية الشباب على ضرورة إعادة تنظيم النادي، فقد أصدر قراراً بتشكيل مجلس إدارة مؤقت لإدارة وتسيير شئون النادي لمدة عام واحد اعتباراً من 28 ذي القعدة عام 1415هـ (27 إبريل 1995م).. ويأتي هذا القرار في أعقاب هبوط الوحدة إلى مصاف أندية الدرجة الأولى، ويتكون المجلس المؤقت من رئيس وخمسة أعضاء على النحو التالي:

عبد الوهاب عوض صبان - رئيساً

منصور محمد نور أبو منصور- عضواً

عادل عبد الله كعكي- عضواً

رائد حسين عرب - عضواً

طلال عبد الرحمن فقيه - عضواً

بهجت عبد الجبار - عضواً

الاحتفال باليوبيل

الذهبي للوحدة

وإقراراً لما أثبتناه بالأدلة القاطعة والقرائن الموضوعية، وبعد مرور خمسين عاماً على إنشاء نادي الوحدة وفي التاريخ الذي جرى الإجماع عليه (1366هـ -1416هـ)، فقد قرر مجلس إدارة النادي برئاسة الأستاذ عبد الوهاب صبان الاحتفال باليوبيل الذهبي في 25 محرم 1417هـ (11 يونيو 1996م) بمقر النادي بمكة المكرمة.. ولا شك أن الاحتفال رسمياً باليوبيل الذهبي لنادي الوحدة الذي حضره المؤسسون والجمهور واللاعبون والإداريون.. يعتبر إقراراً وتصديقاً بالإجماع من كل الأعضاء والمنتمين رسمياً لنادي الوحدة على صحة تأسيس نادي الوحدة في عام 1366هـ.

وقد تضمن الاحتفال تكريم الرواد الرياضيين كما تضمن الحفل تكريم رؤساء وأعيان ومشجعي ولاعبي النادي الذين حضروا ليؤكدوا ويباركوا على صحة تأسيس الوحدة في العام 1366هـ.

وهكذا اجتمع برلمان نادي الوحدة في اليوبيل الذهبي الذي حضره المؤسسون والجمهور واللاعبون والإداريون.. ليصادقوا بالإجماع على صحة تأسيس نادي الوحدة في عام 1366هـ.

أسباب تراجع الفريق الوحداوي

إن تراجع مستوى فريق كرة القدم الوحداوي بدأ عقب اعتزال مجموعة من اللاعبين الكبار أمثال الجعيد وسعيد لبان وكريم وأبو يمن وأبو زيد والزرد والمسفر ولمفون والبصيري مع نهاية الثمانينيات الهجرية واستقطاب المدربين أصحاب الإمكانات الضعيفة على نقيض ما فعلته أندية أخرى كالهلال والاتحاد والأهلي والنصر علاوة على افتقار النادي للشخصية القيادية الأولى عبد الله عريف.. رحمه الله.

وتراجع الفريق الوحداوي أكثر حينما فقد أجيال عام 1399هـ: 1400هـ وهبط إلى مصاف أندية الدرجة الأولى في ظل وجود المدرب على شرف، ولم يستطع العودة للممتاز وظل عامًا كاملاً إلى أن جاء عبد الوهاب صبان الذي ترأس النادي في تلك الفترة ونسق ثلاثة أرباع اللاعبين وهم ما تبقى من جيل الفدعق والنيفاوى وحسن داود، واستقدم المدرب المصري طه إسماعيل، ثم تعاقد مع المدرب التونسي عبد المجيد الشتالي لكنه لم ينجح مع الفريق وعاد إلى مسلسل الصعود والهبوط وظل سنوات على هذه الحال بعد أن كان حقلاً لتجارب المدربين، باستثناء العام الأول الذي نجح فيه أبو رجيلة في إيصال الفريق إلى مركز متقدم وتخطى الفريق فيه أندية الوسط بعد أن التحق به معتمد خوجلى لاعب الأهلي الأسبق.

توالت السنوات وظل الفريق لم يتغير وجاء جيرزينهو وميمي عبد الحميد ثم محسن صالح الذي احتفظ للفريق بمركز الوسط بفارق مركزين عن الأندية الهابطة للدرجة الأولى ولكن الفريق الوحداوي ما لبث أن تراجع مستواه وساءت الأوضاع داخل أسوار نادي الوحدة العريق مما دعا إلى تدخل الرئاسة العامة لرعاية الشباب التي بادرت وأصدرت عددًا من القرارات الخاصة بترتيب أوضاع نادي الوحدة.وعقب نهاية مباراة الاتحاد والوحدة التي هبط الوحدة بسببها وقعت بعض المخالفات، فأصدر الأمير فيصل بن فهد الرئيس العام لرعاية الشباب قراره بشطب اللاعب ياسر سروجي حارس مرمى نادي الوحدة من سجلات الرئاسة العامة لرعاية الشباب واتحاد كرة القدم.

وجاء هذا القرار بعد أن أثبتت التحقيقات اعتداء اللاعب بالكرسي على مدربه دوليزار أثناء مباراة فريق نادي الوحدة مع نادي الاتحاد التي أقيمت على ملعب رعاية الشباب في الرابع عشر من ذي القعدة 1415هـ التي كانت نتيجتها سببًا في هبوط فريق كرة القدم الوحداوي.

كما أصدر سموه قرارًا بإيقاف لاعب الوحدة حاتم خيمي لمدة سنة من تاريخ المباراة لسوء السلوك، كما تضمن أيضًا القرار إيقاف لاعب الاتحاد جاري القرني لمدة عام من تاريخ المباراة، ومازال فريق الوحدة لكرة القدم يصارع للبقاء ضمن أندية الممتاز.

المؤرخ الرياضي د. أمين ساعاتي

 

رجوع

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا خدمات الجزيرة الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة