Saturday  09/10/2010 Issue 13890

السبت 01 ذو القعدة 1431  العدد  13890

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا     نسخة تجريبية
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الاقتصادية

           

عضو جمعية الاقتصاد السعودية

ليس ممتعاً على الإطلاق أن تبدأ في مراجعة ملفاتٍ ساخنة مبعثرة تماماً كما هو الحال المتعلقة بأروقة سوقنا المالية، وإن لمْ تحبذ تسميتها «بالساخنة» فلديك «الملفات الحمراء»، يتأتى انعدام المتعة وأنتَ تقف في «اللحظة» الراهنة موقف متأمل، من رحلتك العكسية وأنت تلتفتُ بأعمقِ ما لديك من فكرٍ وتأمّل في سجلات الماضي، بل أنك تستطعم علقماً وأنت تعود بضع سنواتٍ إلى الوراء من عمر هذه السوق، يُصيبك دوارٌ وأنت تقلبُ ذات اليمين وذات الشمال في أرقامها وإحصاءاتها ودهاليزها، وإن كانتْ أرقامك كثيرة ودقيقة، والحقائق التي بين يديك عميقة جداً وموثقة؛ فلا أقل من أن تجد ضيقاً في التنفس، وتجد نفسك فجأةً في مواجهة «ماردٍ» عملاق مخيف، لم يخطر في خيالك ولو للحظة من حياتك أنكَ ستقف ذات يومٍ أمام مثل هذا المارد!

ماردٌ كنتَ ترى بعض أجزاء منه؛ مرةً ترى «يده»، وأخرى قد ترى «قدمه»، ومرةً قد ترى جزءاً من «رأسه»، وأُخريات متناثرة من بقية جسده، مؤدّى القول أنك لم تره من قبل بهذه الصورة المكتملة، فقد كنت تراه في أجزاء متجزئة بما لا يسمح لك الظرف أن تستوعب أو تفهم أن أمامك «ماردٌ عملاق». كانتْ رؤية تتم بسرعةٍ خاطفة لا تسمح لذاكرتك بالتسجيل والحفظ! فقط كل ما تتركه فيك مجرد «صدمة سرعان ما تستفيق منها وعلى وجهك دهشةً «حمقاء» عابرة، تبدأ في الخفوت شيئاً فشيئاً متزامنةً مع مشاهدتك واستماعك إلى «تراتيل» مقدمات ومقدمي برامج تحليل أداء الأسواق، وتهدأ أكثر «أو قد تثور» وأنت تستمعُ إلى محللي آخر الدهر، فمنها «قليلٌ» ما هو قريبٌ من»أنف» المارد العملاق وهو ما يعجز عن فهمه الأغلبية! ومن تلك التحليلات ما تسقط تردداته في مرمى أعيننا فتنغلق بها تصديقاً! إننا كمن مضى من أقوام البشر البائدين لا نصدّق إلا ما نرى وما نسمع، وما عدا ذلك فليس إلا تحليلات موغلة في الإبهام!

نظل لها مكذبين غير آبهين إلى أن تأتي ساعة القدر المحتوم، ساعة أن يجد أحدنا نفسه فجأة أمام (المارد العملاق)، وأنتظر يومئذ ليطبق المارد عليك بيديه العملاقتين، ويقضي الله فيك أمراً كان مقضياً.

مقدمةٌ قد تكون طويلة على هذا المقال، ولكنها كانتْ لازمة لسلسلةٍ قادمة من المقالات تستهدف جمع الأجزاء المتفرقة والمتناثرة للصورة الكاملة للمارد العملاق المذكور أعلاه، المارد المكون من عددٍ هائلٍ من المعالجات والإدخالات والتغييرات التي أُجريتْ على السوق المالية المحلية، منها ما كان موفقاً، ومنها ما كان غير موفق وعلى غير هدى، تفاقمتْ أخطاؤه لاحقاً لعددٍ من الأسباب سيأتي إيضاح كلٍّ منها حسب موضوعه. وما الفائدة أيها الكاتب لتأتي الآن بعد كل هذه السنين لتفتحُ جروحاً في الأعماق، نحسبُ أن جزءاً منها قد اندملتْ جراحاته، وننتظرُ سنين أخرى لعل في سحاباتها ماءً تروى به شقوق اليابسات من أراضينا «محافظنا الاستثمارية»؟ يقف من الأسباب وراء اعتزامي إعداد وكتابة هذه السلسلة الكثير. إن حلولاً وإجراءات قد لا تكون مُكلفة بأرقام اليوم تقبع في درج الانتظار، قد تخرج متأخرة بفاتورةٍ باهظة الثمن غداً، والعكس صحيح حلولٌ موقعها في المستقبل، تتهور القرارات لتخرجها اليوم بفاتورةٍ تستغرق عدة سنواتٍ نسددها! بمعنى أن (إدارة الأولويات) غائبةٌ، ومثال الحالتين واقعٌ في السوق؛ الحالة الأولى تشخصها (الاكتتابات) التي تأخرتْ عن وقتها كثيراً، وجاءت في الوقت الضائع، والحالة الثانية تشخصها (توقيت التداول الجديد) الذي أُستعجل في إقراره على سوقٍ لا تتجاوز نسبة نفوذ المؤسسات الاستثمارية فيه أكثر من 1.5 في المائة! في الوقت الذي كان الأفراد يشكلون من قوى تعاملاته أكثر من 94 في المائة. بين هذا وذاك؛ لم تكن الخيارات المتاحة من قبل المؤسسات الاستثمارية أمام أكثر من 3.5 مليون مستثمر سوى 26 صندوقاً استثمارياً فقط.

أتى جزءٌ كبير جداً من الإجراءات والسياسات التي اجتهدت الإدارات المتتابعة في العديد من الأجهزة المالية والاقتصادية ذات العلاقة بالسوق، أؤكد أنها أتتْ في الغالب عبر بوابة «تجربة الصواب والخطأ»، وبعض منها أُتخذ على عجل، وآخر أُتخذ متأخراً، وآخر أُتخذ وفقاً لاستقراءاتٍ خاطئة، وآخر وهو «أخطرها» ما جاء من صندوق النقد الدولي الذي شخّص الحالة رقمياً وأصدر توصياته، نُفّذتْ فوراً دون أية اعتباراتٍ أخرى، وليت «كفّ» مهاتير 1997م كان موجوداً في رواقنا الاقتصادي 2005م ليصفعها رفضاً وإنكاراً. إن مراجعة الأوراق وما جرى في الماضي بتأنٍ وموضوعية وجدية ومهنية، يمنحنا لاحقاً رؤية أوسع وأعمق تجاه مختلف المعطيات، وينقلنا لمستوى أعلى من الخبرة والمعرفة التراكمية، نقوم جميعاً في نهاية الأمر بتوظيف النتائج في جلب المصلحة العامّة، وفيما يعود على مقدراتنا بالخير والنفع، وليستْ على الإطلاق المسألة كما قد يعتقد البعض محاولة لتصيد الأخطاء، والبحث عمّن نُحمله المسؤولية؛ رغم أن هذا حدث ويحدث في العديد من الاقتصادات، لعل آخرها ما جرى في الاقتصادات المتقدمة عقب انفجار الأزمة المالية العالمية.

أمامنا ملفاتٌ ثقيلة الوزن للسوق المالية (2003-2010)؛ منها الاكتتابات تحت التأسيس (45 شركة، طُرح منها ما قيمته 43.9 مليار ريال، دفعها أكثر من 96.7 مليون مكتتب)، ومنها الاكتتابات المقترنة بعلاوة إصدار (32 شركة، طُرح منها ما قيمته 40.2 مليار ريال، بلغت علاوة الإصدار منها نحو 25.3 مليار ريال، دُفعتْ من قبل نحو 73.7 مليون مكتتب)، وسنبحث حينها هل تحققت النظرية الاقتصادية القائلة أن (السلعة الرديئة تطرد السلعة الجيدة)، فهل أُدرجتْ شركاتٍ رديئة تسببت في طرد أخرى جيدة؟! وأضفْ لما تقدّم ملفات توقيت التداول، وماذا حدث للمتعاملين في السوق لاحقاً، وتأثير كل ذلك على السيولة المحلية النشطة في أروقة السوق، وهيكلة السوق عبر تحرير المؤشر من قبضة الأسهم الجامدة، ثم تجزئة السوق من عدمها، كما سآتي على عددٍ من القضايا ذات التأثير على اتجاهات السوق كالسياسات النقدية، والائتمان المحلي، وفتح أبواب السوق أمام تدفقات الاستثمار الأجنبي، وغيرها من الملفات المهمة التي سيأتي ذكرها ومناقشتها حسب موضوعها.. فإلى الملتقى قريباً بإذن الله..

me@abdulhamid.net
 

وماذا بعد
أوراق السوق المالية (1): المراجعة والنتائج
عبدالحميد العمري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا خدمات الجزيرة الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة