Saturday  09/10/2010 Issue 13890

السبت 01 ذو القعدة 1431  العدد  13890

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا     نسخة تجريبية
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

حقوق المرأة كفلها الشرع.. ولكن!!
مي عبدالعزيز عبدالله السديري

رجوع

 

استناداً إلى الآيات الكريمات التي تتحدث عن المرأة في القرآن الكريم قام المشرعون ووضعوا النصوص التي تؤكد وتكفل حقوق المرأة والدليل الأبرز على تلك الحقوق أن الله عزَّ وجلَّ قد خصص للمرأة سورة في القرآن وهي سورة النساء التي توضح ما للمرأة من حقوق وما عليها من واجبات، إلا أن بعض الرجال لا ينفذون أوامر الله ويخالفون النصوص الشرعية.

إن مصدر الحقوق والواجبات المتبادلة بين البشر هو الله جلّ وعلا، وأن إرادة الله تفرض علينا التمسك بأوامره ونواهيه لكي نتمكن من العيش الكريم في مجتمع خير، ولكن لسوء الحظ نجد أن جنس الذكورة يعتمد في حياته على معتقدات بالية مستنداً في ذلك إلى كبريائه واعتزازه بقوته الجسدية، ويميل دائماً إلى نسيان الدور المهم الذي تقوم به المرأة في وجوده ذاته، وكذلك في العلاقات الاجتماعية التي تنشأ في حياتنا الجماعية وعليه فإن تلك الأم التي حملتنا ينبغي أن تنال منا الاحترام الدائم وتلك الزوجة التي تعطينا اسم الأبوة لا بد لها من التقدير، وان الجنس الذي يتحكم في كثير من حياتنا ولديه تأثير كبير على طبيعتنا وعواطفنا يستحق منا إعطاءه حقه ضمن الحدود الشرعية.

في القِدم كان العالم أنثويا - فترة عشتار - ثم جاءت الذكورة فحرمت المرأة من حقوقها وهذا مخالف لشرع الله بقوله تعالى في كتابه العزيز: ?وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً..?

?لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً?

?وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ..?

?وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا..?

?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهاً وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ..?

وفي هذا الخصوص إذا بحثنا عن مصدر مفهوم الذكورية نجد أن ذلك يعود إلى اليهودية ومن بعدها المسيحية، وقد بقي النظام الذكوري سائداً في أوروبا طيلة فترة العصور الوسطى رغم أن المسيحية حاولت بعد ذلك أن تصلح من الأمر بعد أن كان الكاثوليك يورثون الابن الأكبر، وقد كان ظهور الحركة البروتستانتية التي التحق بها مئات الملايين من المسيحيين ثورة على النظام الذكوري، حيث أعطت هذه الحركة الذكر والأنثى نفس النصيب وبالتساوي، وأدخلوا نظام الوصية، ومن المؤسف أن نظام الذكورية لا يزال يسود في مجتمعنا، ونحن لا نعترض على ما شرع الله فللذكر مثل حظ الأنثيين، ولكن حتى هذا النصيب الذي أعطاه الله للمرأة لا تحصل عليه لأننا لا نزال نسير على النطاق الذكوري، والعيب ليس في الشرع وإنما في تطبيق الشرع.

كثير من الأمم ومن بينها العرب وفي أيام الجهل كان هناك عادة أن يأخذ الربيب أو الأخ ممتلكات أرملة الرجل المتوفى وممتلكات الأرامل مع ما تركه الزوج من أمتعة منقولة إضافة إلى العقارات والأراضي، إنها عادة سيئة معيبة وممقوتة، فجاء الإسلام ومنعها، نعم أتى الإسلام ليحقق العدل في الأرض وعن طريق شريعته أنصف المرأة فأعطاها حق التصرف في أموالها ومصالحها ضمن حدود واضحة، ولكن القوانين الوضعية أغفلت تلك الحقوق، وزاد في الطين بلة الذكورية السائدة في مجتمعنا.

وفي هذا المجال فإني أسأل وزارة العدل عن حقوق المرأة في سجلاتها، بالنسبة لوزارة الداخلية فقد قامت مشكورة بإصدار بطاقة وهوية للمرأة، وبذلك حفظت للمرأة حقوقها البنكية حتى لا يتلاعب أحد في أملاكها أو أموالها سواء كان ذلك الإنسان زوجها أو أخوها، ولكن المرأة تواجه في الوقت الحالي مشاكل كثيرة في المحاكم ورغم أنها تحمل بطاقة الأحوال المدنية وحتى ولو كانت دكتورة، فإن تلك البطاقة لا يُعترف بها، وينبغي على المرأة أن تؤمن معرّفين لها، وهي لا يسمح لها بالتحدث مع القاضي إلا من وراء ستار، بينما نجد أن الخصم سواء كان زوجا أو أخا يتم التعريف به بصفته ذكرا حتى ولو كان يحمل شهادة ابتدائية فهو ينام في النهار ويصحو في الليل وبهذا تصبح المرأة هي التي تعيله، فهل يُعقل ويُقبل هذا الوضع؟!

أعود إلى نفس القضية وهي قضية التلاعب بأمور المرأة سواء كان ذلك يتعلق بظُلمها أو بحرمانها من الميراث، فهناك في مجتمعنا من يرى أن المرأة لا تستحق أن ترث ما شرعه الله لها من إرث.. يكفيها أنها متزوجة وتعمل وتصرف على زوجها، وأما الرجل حرٌّ بإرثه فهو يصرف على زوجته وأهله.. أين الشرع.. ماذا حصل للمجتمع السعودي الذي أصبح فيه بعضهم يأكل مال الحرام (الإرث المخصص للمرأة) ويعتقد هذا المجتمع أن الأرض للرجل فقط.. هناك إصلاحات قامت بها الدولة ويجب أن يتم الأخذ بها والعمل على تطبيقها.. مشكلتنا في التطبيق وليس في التشريع.. أين المحاميات السعوديات، لماذا لا يدخلن في المجال القانوني ويدافعن عن أخواتهن في المحاكم بحيث يكون في كل محكمة فرع نسائي خاص، ويكون هناك نساء يقمن بمطابقة الصورة مع أصل الوثيقة وبذلك تنتفي عملية التلاعب بالشرع الذي نفخر بأن دولتنا تطبقه.

إذا أجرينا دراسة نجد أن كثيرا من الأسر ليس لها ولي أمر والمرأة هي ولية أمر نفسها، إذ إنها قد تكون مطلقة أو أنها غير متزوجة أو أن تكون ليس لها ابن أو أن أبويها متوفيان، والمتسلط عليها ولي الأمر (ذكر غير كفء) وكلنا يعلم أن القضاء هو أساس العدالة، وقد قال عمر بن عبدالعزيز: (إذا صلح القضاء صلحت معه جميع الأوضاع) وهنا لا يمكننا أن نتغنى بالأخوة والمساواة والحرية فقط، وإنما في احترام المرأة وتطبيق شرع الله بين المواطنين.

يقول تعالى: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ..?

?وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ?

?إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً?

والحالة هذه لا أستطيع أن أفهم أبداً كيف يشعر الزوج أو الأخ بالرفعة وهو يرى أن أخاه الإنسان ذليل أمامه، وكيف يسمح الرجل لأمه أو لأخته أن تقف ذليلة؟ الإسلام خلقها حرة ولنذكر قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟).

أسأل وأتساءل متى يمكن أن تعيش المرأة زمن الدكتورة وليس زمن الرجولة، وأين هي حقوق المرأة الشرعية، علماً أن المرأة هي سند الرجل وكلنا يعرف ما قدمته السيدة خديجة لنبينا صلى الله عليه وسلم، فقد أوكلت إليه أمور تجارتها ولا ننسى أن نذكر الرجال بأن نبينا سيد الخلق كان يقف لفاطمة الزهراء احتراماً لها عند حضورها إليه، وإذا أردت أن أسرد المآسي التي اطلعت عليها بالنسبة لحقوق المرأة التي يأكلها أولياء أمورها فهي كثيرة، وأذكر على سبيل المثال أن زوجاً باع أرضاً لزوجته دون علمها وسجلها باسم أمه المتوفاة، وهناك من مات والداه ولم يأخذ من إرث أبويه شيئا - كيف هو تلاعب على الشرع بمعرفين مزورين أو ما شابه ذلك.. فأين الحكمة في هذه الحالات؟

أختم بالقول المشهور والمأثور (إذا انقطعت الأمانة ترقبوا الساعة، ولا ننسى الآية الكريمة (.. وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ..).

 

رجوع

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا خدمات الجزيرة الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة