Monday  11/10/2010 Issue 13892

الأثنين 03 ذو القعدة 1431  العدد  13892

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا     نسخة تجريبية
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

نُكِشت تربة التربية بدءاً بنفض الغبار عن موضوع اقتصار السلام على المسلمين في فقه أولى ابتدائي وانتهاءً بفتح ملفات «المنهج الخفي»، في الحملة النقدية على وزارة التربية والتعليم على خلفية تصدر الدكتور يوسف الأحمد لمقررات الفقه.

لكن هذا النكش به عشى ليلي نتيجة عدم توفر المعلومات مما جعل أغلب النقاد لا يجدون بين أيديهم سوى تفريعات وتنويعات على مسألة الدكتور الأحمد، رغم أن هناك العديد والأهم من هذه المسألة.. لكن الافتقار للشفافية من قبل وزارة التربية والتعليم ظهر النقد المعتمد على معلومات ناقصة أو جزئية، لأن أغلب النقاد لا يجدون بين أيديهم سوى نتف من المعلومات.. وبدون الشفافية ظهر نقد يعتمد على نظرية المؤامرة ويشطح إلى تحليلات بعيدة في تأويلاتها.. ونظرية المؤامرة لا تزدهر إلا مع حجب المعلومات، ومثل ذلك ازدهار الإشاعات. وبدون الشفافية نكتشف أخطاءً ساذجة جداً يصعب «ترقيعها» كان يمكن تلافيها بسهولة لو كانت المعلومات تصل للإعلام.

بينما بالشفافية يمكن كشف الخلل المنهجي إثناء وضع الخطط قبل التنفيذ وليس بعد التنفيذ. وبالشفافية يمكن معرفة لجان التخطيط والتطوير وأدائها وتوجهاتها وأسماء أعضائها... إلخ. إلا أنه منذ بداية الإعلان عن مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم عام 2007م وحتى الإعلان عن المشروع الشامل لتطوير المناهج قبل عدة أشهر لا نكاد نظفر بمعلومات ذات قيمة عن المشروع.

فإذا بحثت في المصادر المتاحة (وحتى الاتصالات الشخصية إذا كنت تصل للمسؤولين!!) لا تجد إلا معلومات أولية، إلى أن ظهرت المقررات أمامنا وانكشف المستور الإيجابي منها والسلبي.. بل حتى في اللقاءات الصحفية والبرامجية في الفضائيات قلما نجد مسؤولاً في الوزارة يناقش ويحاور في قضايا تطوير التعليم مع المنتقدين. لذا يشكو كثير من الصحفيين ومعدي البرامج من كثرة اعتذار المسؤولين للمشاركة في تلك اللقاءات وتوضيح وجهة نظر الوزارة لتجلي الغموض وتزيل سوء الفهم الذي قد نقع فيه، مما حجب ليس فقط المعلومات المهمة والنقد البناء، بل أيضاً الجهد الكبير الذي يبذله المسؤولون في الوزارة. ويتندر البعض من أن عدم مشاركة المسؤولين في الإعلام هو لعدم وجود معلومات لديهم، وأقسى من ذلك من يتندر بعدم وجود كفاءات قادرة على المحاورة والنقاش مع النقاد والمراقبين!.

وعلى خلفية ما نشر عن تطوير المناهج قبل بضعهة أشهر، كنتُ عرضتُ قبل شهرين مقالتين الأولى كانت عن تطوير مناهج التعليم وذكرت أن أحد أهم عناصر نجاح إستراتيجية إصلاح التعليم في أي بلد هو الشفافية حسبما أشارت تقارير إصلاح التعليم في كافة البلدان النامية التي نجحت في إصلاح تعليمها كسنغافورة وكوريا وماليزيا.. والمقالة الثانية عن إصلاح التعليم في المملكة وختمتها بأربع توصيات من مركز Ideation إحداها كانت الشفافية.

في رأيي، مناهج هذه السنة تطورت عن ذي قبل بشكل واضح تشكر عليه وزارة التربية والتعليم، وإن كان ثمة سلبيات عديدة ليس هنا مجال مناقشتها، تعرضت لبعضها في المقالة الأولى قبل بداية العام الدراسي بينما بعضها لم نره إلا مع بداية العام الدراسي بعدما «وقع الفاس بالرأس»، سأتعرض لها في مقالة أخرى.

في تقديري، لا يمكن هنا أن نلوم مباشرة كبار المسؤولين في الوزارة على السلبيات في خطة التطوير، لأن أغلبها هي نتاج البيروقراطية المتضخة في وزارة هي الأضخم في الدولة. وأهم سمات البيروقراطية في كل دولة في العالم هي بروز سلبيات فرعية لا يمكن لكبار المسؤولين السيطرة عليها أو العلم بها لأن ترتيبها في سلم الأولويات لا يأتي في المقدمة. إذن، من يكشف هذه السلبيات؟.. الإجابة ببساطة هي الشفافية. واللوم على قيادة الوزارة في افتقارها للشفافية وليس في عدم متابعتها للخلل في عرض المعلومات في المنهج الفلاني أو للتشدد في المقرر العلاني أو أسماء معديه.. لا إصلاح للتعليم دون شفافية تمكن المهتمين والمراقبين والنقاد من كشف السلبيات وتحقق التوافق بين أصحاب القرار وأصحاب المصلحة في محيط البيئة الاجتماعية والاقتصادية على خطة الإصلاح التي ينبغي أن يشارك بها المسؤولون في الوزارة على كافة المستويات كما اقترح مركز Ideation، والذي اقترح أيضاً لإصلاح التعليم في المملكة إصدار دليل إرشادي ونشر تقارير دورية تساعد على توضح خطة الإصلاح خلال عملية التنفيذ ويعرف بها الآباء والأمهات ماذا يقدم لأبنائهم.

وتؤكد تجارب الدول على ذلك، وهذا ما دعا وزيرة التربية في أستراليا لاعتبار إصلاح التعليم يقوم على الشفافية، لذا دشنت مشروعاً اعتبرته عصراً جديداً من الشفافية يتمثل في موقع بالإنترنت به معلومات شاملة وتفصيلية عن كل مدرسة وعن أدائها وطريقة تدريسها، وتقارن بها إحصائياً بين كافة المدارس مميزة المدارس الجيدة من تلك التي بحاجة لمساعدة. وأوضحت الوزيرة أن البعض يعتقد أن المبالغة في الشفافية قد تخلق كثيراً من البلبلة واللغط لأنها توصل كافة المعلومات بطريقة قد لا تكون مناسبة إلى أناس غير متخصصين وتفاصيل غير مهمة لهم يفهمونها بشكل مغلوط وتأتي بوجع الرأس، وذكرت أن هذا به شيء من الصحة لكن مستقبل أبنائنا يستحق هذا التحدي.

وعلى النقيض كتب الدكتور علي الخشيبان الأسبوع الماضي بجريدة الرياض مقالة مؤثرة عن زيارته لوزارة المعارف في التسعينات، ومما قاله: «كان المكان مخيفاً لي بعض الشيء فكل ما حولك صامت وكل الأبواب مغلقة، ولا تعلم من وراء تلك الأبواب.. كانت الأقفال مهمة على تلك الأبواب التي تحتوي أسرار المناهج وكأنها أسرار مفاعل نووي، كنت أسأل دائماً هل كل مناهجنا تطبخ وتقدم في هذه الإدارة؟ لقد كان الجواب غامضاً.»

هذه العتمة هي التي أودت بالتعليم في التسعينات إلى ما نعرفه، وما أطلق عليه البعض بعبارة «اختطاف التعليم» حتى أصبحت المدارس المتهم الأول في تخريج جيل متشدد.. إلا أننا الآن نثق بأن وزارة التربية والتعليم تسعى لإصلاح التعليم، فما الذي يجعلها تخشى الشفافية؟.. فمهما كان النقد مزعجاً وبه نواقص وخلل ومبالغات فهو في النهاية يفتح الأعين على السلبيات. ولن يتمكن النقد من أداء دوره دون معلومات كافة كي لا يقع في الثانويات والتهويل والإشاعات.

alhebib@yahoo.com
 

كشف المستور في التربية والتعليم
عبد الرحمن الحبيب

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة