Monday  11/10/2010 Issue 13892

الأثنين 03 ذو القعدة 1431  العدد  13892

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا     نسخة تجريبية
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

عزيزتـي الجزيرة

 

من مناقب نبي الرحمة

رجوع

 

اطلعتُ على ما نُشر في جريدة الجزيرة يوم الاثنين 25-10-1431هـ في عددها 13885 عن مؤتمر (نبي الرحمة) فأقول: لقد رأى الجميع كيف أن المسلمين غضبوا بسبب ما حصل في الدنمرك تجاه رسولنا - عليه الصلاة والسلام - وهذا الغضب غضب محمود يُثاب عليه المرء المسلم، ولكن مما يلزم معرفته أننا في حقيقة الأمر إنما ندافع عن أنفسنا وعقيدتنا؛ حيث رضينا به رسولا نبيا، وما زلنا وسنظل نردد صباحا مساء:»رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبيا رسولا»، وإلا فإن الله قد دافع عن رسوله ويدفع عنه {إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور} (الحج:38)، فلسنا بحديثنا نرفع ذكره فقد رفع الله ذكره {ورفعنا لك ذكرك} (الشرح:4)، ولسنا بحديثنا عنه نقطع دابر عدوه فلقد قطع الله دابره {إن شانئك هو الأبتر} (الكوثر:3) {أليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه ومن يضلل الله فما له من هاد} (الزمر:36).

ولئن استُهزئ برسولنا فلقد استهزئ بالأنبياء قبله {ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون} (الأنعام:10).

ونبينا - عليه الصلاة والسلام - ميّت، وجسده الشريف حيث قبره الشريف في المدينة النبوية، وأما روحه ففي أعلى عليين، وما وقع منهم يدلنا على عظم محبة الله لرسوله (صلى الله عليه وسلم) «إن الله إذا أحب قوما ابتلاهم..»، «يبتلى الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على قدر دينه..»، ولكن دعونا بدفاعنا عنه ندافع عن أنفسنا، ونرفع ذكرنا، ونقطع دابر عدونا، ثم تعالوا بنا لنتعرف على ما قالوا عنه من كذب وافتراء!!

قالوا: محمد - صلى الله عليه وسلم - رجل حرب وإرهاب، يقتل ويأسر ويأمر أصحابه بذلك!!

قالوا: محمد - صلى الله عليه وسلم - يجمع الأموال لنفسه ويسرقها!!

وقالوا: محمد - صلى الله عليه وسلم - يبحث عن شهوته يجمع النساء، وكان عنده فتاة صغيرة يعنون (عائشة).

{... كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا} (الكهف: 5).

فالجواب:

إن من عرف سيرته ودرسها وتأملها غاية التأمل أيقن أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - رجل رحيم وكريم ذو مشاعر وأحاسيس، وأخلاق، يعطف ويتجاوز، ويعفو ويبذل، ويضحي ويرحم، لا فاحش ولا متفحش ولا بذيء، لا يلعن ولا يشتم، يحترم الآخرين، وينزلهم منازلهم حتى وإن كانوا أعداءه، يرد الجميل ويبذل المعروف، ويكرم الضيف ويساعد المحتاج، ألفاظه رائعة جميلة، لا يجرح ولا يلعن ولا يسب، ولا يشتم، يدعو للإسلام والسلام، يكره الفتن والشحناء والبغضاء والدمار، يحب الاسم الجميل والكنية الجميلة، يعطف على الصغير قبل الكبير وعلى الأنثى قبل الذكر، لا يحب الظلم ولا يظلم، يقدم على نفسه كل إنسان، لا يأنف من قبول الحق، ولو كان من أعدائه، وأخذ بالحق ويصدع به، يعرف الفضل لأهله، وهذا يعرفه تمام المعرفة من درس حياته، وما تقدم من كلامي له ما يدل عليه من سيرته، فتعالوا لنجيب عما قالوا:

قالوا: رجل حرب وإرهاب.

فأقول: الناظر في حروبه كلها (بدر - أحد - الأحزاب - صلح الحديبية - فتح خيبر - فتح مكة - الطائف - تبوك) كلها كانت البداية فيها من أعدائه؛ فهم الذين أعلنوا الحرب في بدر، وهم الذين غزوا المدينة في أحد، وهم الذين حاصروا المدينة اقتصاديا وعسكريا في الأحزاب، وهم الذين صدوه عن مكة يوم الحديبية، وهم الذين نقضوا العهد معه في بني النضير وبني قريظة، ولما غلبهم في فتح مكة عفا عنهم أجمعين، وفي تبوك هم الذين قتلوا رسوله، والرسل لا تُقتل!! وهم الذين بدؤوا الحرب أول مرة، وليس رسولنا، مع أنك لو تدبرت سيرته - عليه الصلاة والسلام - لوجدت أنه يعفو عن الأسرى، والمواقف كثيرة والمشاهد عديدة، فقد عفا عن أسرى بدر، وكان رأي أصحابه بالأكثرية أن يُقتلوا، فهو رأي عمر، وسعد بن معاذ، وعبدالله بن رواحة وغيرهم، ولكنه الرحمة المهداة - عليه الصلاة والسلام - {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} (الأنبياء:107). أحب أن يعفو عنهم وهم أعداؤه، وكذلك في قصة الأعرابي الذي أخذ سيف رسولنا وهو نائم، وأراد أن يقتله فعفا عنه رسولنا - عليه الصلاة والسلام - فلم يكن إرهابيا كما يقولون، ولا قاطع طريق كما يصفون، بل يكره حتى اسم الحرب، فإن عليا لما ولد له الحسن سماه حربا فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - بل هو حسن، ولما ولد الحسين سماه علي حربا، فقال النبي: لا بل هو حسين.

وقالوا: يجمع الأموال ويسرقها.

فأقول: لما رجع من حنين - عليه الصلاة والسلام - كان معه أربعة وعشرون ألفا من الإبل، وأربعون ألفا من الغنم، ناهيك عن أوقيات الذهب والفضة المنثورة بين يدي رسولنا - صلى الله عليه وسلم - فاجتمع الناس كل الناس؛ كلٌ يرجوا أن يأخذ من هذا المال وتلك الغنائم، ففرقها جميعاً في الناس (الإبل والغنم وأوقيات الذهب والفضة) ثم رجع إلى منزله وليس معه أية دراهم.

تقول عائشة - رضي الله عنها -: نظل الشهر والشهرين لا يوقد في بيتنا نار، كان يربط على بطنه الحجر من الجوع يوم الأحزاب، خرج مرة من بيته من شدة الجوع - عليه الصلاة والسلام - فهل يُعقل أن هذا الذي يجوع يكون كما قالوا؟ حاشاه ثم حاشاه.

قالوا: محمد - صلى الله عليه وسلم - يبحث عن شهوته ويجمع النساء وعنده فتاة صغيرة.

فأقول: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان زواجه لمصالح عظيمة، لحبه في أشخاص، وتأليفاً لقلوب آخرين، وشفقة على بعضهن، ورحمة لبعضهن.

تزوج بنات أشخاص ناصروه وساعدوه، فتزوج بعائشة لمكانة أبي بكر رضي الله عنهما عنده، وتزوج بحفصة لأجل عمر رضي الله عنهما، وتزوج أم سلمة رضي الله عنها وهي ذات عيال كبيرة في السن رحمة بها بعد موت أبي سلمة، وتزوج بصفية رفعا لحزنها؛ حيث قُتل أبوها وأخوها وقومها، وعقد على أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان بنت زعيم قريش رضي الله عنها؛ لأنها قد هاجرت إلى الحبشة وضحت بأهلها ومكانتها حيث تنصر زوجها عبدالله بن جحش في أرض الحبشة، فأخذها النبي - صلى الله عليه وسلم - رفعا لشأنها وتأليفا لقلب أبي سفيان، وتزوج بجويرية بنت الحارث بنت سيد قومها رضي الله عنها فأراد أن يرفع ذكرها، وكما يقال «ارحموا عزيز قوم ذل»، وتزوج بأم المساكين زينب بنت الحارث لأنها ذات صدقة وبذل، وبنى بزينب بنت جحش لينهي عقيدة التبني، وتزوج بسودة بنت زمعة وعمرها ثلاث وخمسون سنة، وكلهن - رضوان الله عليهن - ثيبات مطلقات كبيرات إلا عائشة، فعل ذلك لمصالح، ولكنهم يكتمون الحق وهم يعلمون!!.

{الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون} (البقرة:146). { الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والأنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون } (لأعراف:157) {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما} (الفتح:29). ومع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يأكل ويشرب وينام ويستيقظ ويتزوج النساء، ولكن كانت له أهداف سامية ومقاصد نبيلة في كل امرأة تزوجها.

محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذو أخلاق عالية وصفات نبيلة، ذو أسلوب رائع حتى في معاملته مع الآخرين حتى مع أعدائه.

تأمل لما كتب إلى ملك النصارى هرقل، في البخاري، قال: «من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم.. إلى أن قال {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون}...»، وكتابه الآخر إلى كسرى ملك الفرس: «من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس...».

تأمل الأدب الجم، والخلق الرفيع، والأسلوب الحسن في مكاتبته أعداءه.

في غزوة بدر يقول - عليه الصلاة والسلام - من لقي طعيمة بن عدي فلا يقتله، ومن لقي أبا البختري بن هشام فلا يقتله، والسبب لأن لطعيمة معروفاً على النبي - صلى الله عليه وسلم - فأراد النبي -صلى الله عليه وسلم - أن يكافئه، بل ثبت في البخاري أنه قال: «لو كان طعيمة بن عدي حيا ثم سألني أسرى بدر لتركتهم له»، كل ذلك رد للجميل، مع أن طعيمة خرج يحاربه في بدر وأبو البختري بن هشام لم ينس موقفه النبيل ضد المقاطعة التي فُرضت على بني هاشم.

إن محمداً - صلى الله عليه وسلم - كان قمة في الذوق والعفو ولين الجانب وسرعة التسامح، والكرم والبذل، لم يقتل في حياته وحروبه ومواجهاته كلها إلا رجلاً واحداً هو الذي أصرَّ على منازلة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقتله النبي - عليه الصلاة والسلام - وهو أبي بن خلف الجمحي في غزوة أحد.

فهل يكون هذا الذي هذه صفاته إرهابياً؟ أجيبوا.

فهد بن سليمان بن عبدالله التويجري -مساعد المدير العام لفرع وزارة الشؤون الإسلامية بمنطقة القصيم - (القصيم - بريدة الرمز البريدي:51481 ص.ب:3784) -

fh3300@hotmail.com
 

رجوع

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة