Tuesday  12/10/2010 Issue 13893

الثلاثاء 04 ذو القعدة 1431  العدد  13893

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأخيــرة

           

أم رويشد لا تجد فرقاً بين شغالتها والمرأة الرقيق في الأزمنة الغابرة. فهي دائماً ما تردد، وبقطعية لا تقبل النقاش، عندما تتحدث عن الشغالة: (راتبها وتاخذه، أما الدلع، والتخقق، والإجازات الأسبوعية، هذا فساد ما الله ومَرْ به.. أها وش درّاني وين بتروح في إجازتها الأسبوعية؟).. وتواصل بلغة يكتنفها الكبرياء والتخلف والغرور الفارغ: (حِنِّا ما نغَصب أحد؛ راضية ولا المطار يمرر ألف شغالة)!

عقلية أم رويشد هذه لا تنحصر في النساء الأميّات، أو شبه الأميّات عملياً، وإنما يُشاركها على مستوى الممارسة أغلب السعوديين ذكوراً وإناثاً. الشغالة الأجنبية عندما توقع عقد العمل مع بعض السعوديين تنتقل في الغالب إلى مخلوق أشبه ما يكون بالآلة؛ وبمجرد أن تصل من المطار إلى منزل صاحب العمل تعمل منذ أن تستيقظ من النوم حتى تأوي إلى فراشها مُتعبة منهكة؛ فلا ساعات عمل مُحددة، ولا تأمين صحي، ولا إجازات أسبوعية؛ هذا غير الإهانات والتقريع والضغوط التي تتعرض لها من أغلب أفراد الأسرة، حتى الأطفال منهم. وأنظمة العمل في المملكة لا تهتم بالخادمة قدر ما تعطي الكفيل، أو صاحب العمل، من الحقوق والصلاحيات ما يجعله يُكبل هذه الإنسانة الضعيفة بأنواع من الأغلال التي لا تمت للإنسانية بصلة.

هذه المرأة ما كانت لتأتي إلى بلادنا وتتحمل مآسي الغربة والذل والإهانة والعمل المنهك لولا الحاجة؛ أضف إلى ذلك ابتزاز السماسرة في بلدها؛ فتأشيرة العمل تقع أول ما تقع في أيدي مكاتب العمالة في البلاد المصدرة للأيدي العاملة إلينا، حيث يُطلَبُ من المتقدمات للعمل دفعُ مبلغ من المال للوسيط كشرط للحصول على التأشيرة، فتبيع كل ما تملك، أو تستلف من مصاصي الدماء هناك، لدفع ثمن التأشيرة؛ وعندما تصل إلى المملكة تكون مُثقلة بالديون والأعباء المالية، وأخشى ما تخشاه هذه المسكينة، أن تعود ثانية إلى بلدها، ويلغى عقدها، ويتم ترحيلها من قبل الكفيل؛ لذلك تقبل كل أنواع الإهانة والقمع والعمل المضني؛ لأن أي احتجاج منها يعني الترحيل، والترحيل معناه نهايتها، ونهاية أطفالها وكل من تعول.

نظام الكفيل المتبع في المملكة وأغلب دول الخليج هو السبب. ومن يظن أن هذا النظام سيستمر فهو لا يعيش في هذا العصر. نحن جزء من هذا العالم، وشرائع حقوق الإنسان أصبحت أولى شروط الانضمام للمجتمع الدولي؛ قبولها من عدمه ليس في أيدينا؛ ومن يظن أن بإمكاننا الإفلات بهذا النظام المجحف، وفرضه على الأجانب، فهو ليس مخطئاً فحسب وإنما لا يعيش في عالم اليوم.

الحل أن تُنقل كفالة جميع خدم المنازل، ذكوراً وإناثاً، إلى شركات توظيف؛ واحدة أو أكثر؛ شريطة أن تكون شركة (مساهمة) مُدرجة في سوق المال، ودفاترها المحاسبية مفتوحة للجميع، ومُراقبة من قبل الدولة، وتحديداً من وزارة العمل؛ تقوم هذه الشركة بتوفير العمالة المنزلية من الخارج، وتضمن لها حقوقها، وأهمها تحديد ساعات العمل، والإجازة الأسبوعية، والتأمين الصحي؛ ومن يحتاج من المواطنين أو الوافدين للعمالة المنزلية يتعاقد مع هذه الشركة، فتقوم بتوفير احتياجاته من العمالة، وحماية مكفوليها من السخرة والإجحاف. بهذه الطريقة نحل هذه المشكلة التي أصبحت للأسف الشديد وصمة عار تلاحقنا نحن السعوديين في كل بلاد الدنيا؛ فلا أذكر أنني قابلت أجنبياً ذا قيمة في الخارج إلا ويسألني عن نظام الكفيل، ورأيي فيه؛ فلا أتردد في (شرشحته) والاعتراض عليه.

إلى اللقاء.













 

شيء من
أم رويشد والشغالة
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة