Wednesday  13/10/2010 Issue 13894

الاربعاء 05 ذو القعدة 1431  العدد  13894

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

مسؤولية اجتماعية

           

من الواضح أن الرأسمالية بكافة صيغها ( رأسمالية الشركات، رأسمالية الدولة أو الموجهة، رأسمالية النخبة) بدأت تطغى على العالم، وبدأت الدول النامية تعيد هيكلة اقتصادياتها لتندمج في النظام الاقتصادي العالمي الرأسمالي، ومن الواضح أن الدول الرأسمالية الكبرى بما لديها من سيطرة على المؤسسات الأممية طرحت مؤشرات عالمية حفزت كافة الدول للعمل الحثيث لتلبية معاييرها للوصول إلى مراكز متقدمه مقارنة بالدول الأخرى، وبكل تأكيد بلادنا ليست استثناء من الدول النامية التي تحاول اللحاق بركب التقدم لتكون من فئة دول العالم الأول.

اقتصادنا ريعي أو رعوي لا فرق، وهو قائم على مصدر اقتصادي رئيسي واحد وهو مصدر طبيعي ناضب ومتذبذب الأسعار، وتعمل مراكز الأبحاث في معظم دول العالم لإيجاد بدائل فاعلة له، وبالتالي فنحن قلقون على مستقبل اقتصادنا وعلينا استثمار ما توفر لنا من ثروة نفطية كبيرة في تنويع مصادر الدخل وتعزيز القاعدة الإنتاجية في كافة قطاعات سوقنا لنتحول إلى اقتصاديات السوق ونخفف من الاعتماد على قطاع النفط والغاز ليشكلا نسبة بسيطة من إجمالي الناتج المحلي مقارنة مع باقي القطاعات.

من الواضح أننا نمر في مرحلة تحول والدلائل كثيرة، وإن كان التحول الاقتصادي يسير بسرعة لا تتناسب والمتغيرات الاقتصادية العالمية كما يبدو لي، وحكومتنا الرشيدة اتخذت من الانفتاح على الاقتصاد العالمي والاندماج فيه بالتوافق مع معاييره إستراتيجية لها، وبالتالي فإن مستقبل التنمية الاقتصادية في بلادنا سيتأثر بشكل واضح بمدى تقدمنا في التحول نحو اقتصاديات السوق التي تعمل وفق معاييرها الدول المتقدمة وتلك التي تعمل على اللحاق بها.

معدل السرعة في التحول نحو اقتصاديات السوق يتأثر بشكل كبير في سرعة التحول الفكري لدى أفراد المجتمع السعودي بكافة شرائحه وبدرجة التفاهم المشترك بين قيادات المؤسسات الاقتصادية الحكومية والخاصة التي تقود هذا التغير وبين أفراد المجتمع السعودي، ومدى قدرة هذه المؤسسات على التأثير الإيجابي على أفراد المجتمع ليكونوا قوى دفع ودعم ومساندة لا قوى مضادة معيقة.

صنّاع الرأي من مراسلين وكتّاب في الوسائل الإعلامية المحلية، بكل تأكيد يلعبون دوراً كبيراً في إيجاد وتعزيز التفاهم المشترك بين المؤسسات الاقتصادية وبين أفراد المجتمع ليتكاملا في دفع مسيرة التنمية الاقتصادية الوطنية إلى الأمام، ولكن وبكل صراحة وحسب ما أرى على الساحة الإعلامية، فإن نصف أو أكثر من صنّاع الرأي بشكل عام والاقتصادي على وجه الخصوص غير واعين لهذه المهمة وجسامتها، فبدل أن يكونوا صنّاع رأي سليم ومحفز بعمق معرفي أصبحوا «صنيعة» رأي شعبي سطحي يضخون ما يسمعونه وما يتداوله أفراد المجتمع بكل أبعاده العاطفية الناشئة عن الواقع في الصحف، لتؤصل للرأي الشعبي وترسخه الأمر الذي يؤصل لآراء متناقضة ومتناحرة وغير علمية حول أسباب التحول نحو اقتصاديات السوق والاندماج في الاقتصاد العالمي ، وهو وضع يعيق مسيرة التنمية بدل دفعها وتحفيزها.

صنّاع الفكر الذي أصبحوا دون أن يعون «صنيعة» الفكر الشعبي العاطفي ومرسخيه أضاعوا بوصلة النقد الاقتصادي الهادف الذي يحلل ويشخص بعمق علمي يستند إلى الحقائق والدراسات ويطرح الحلول المنطقية العقلانية وتحولوا مع شدة الحوارات من مناقشة القضايا والمواضيع الاقتصادية الكلية أو الجزئية إلى مناقشة أصحاب القضايا والمواضيع في كل صغيره وكبيره بإظهار أخطائهم وسلبياتهم دون إيجابياتهم ونجاحاتهم.

رحمة ببلادنا وبمسيرة التنمية الاقتصادية التي تنعكس على مستوى معيشتنا وتوفر الفرص الوظيفية والاستثمارية وتنعكس على كل جزئية من جزئيات حياتنا ووطننا الذي يجمع شملنا أقول يجب علينا كصنّاع رأي أن نبين الأخطاء، وفي نفس الوقت نعطي البدائل الصحيحة، وأن نذهب إلى المشكلة مباشرة ونحللها ونحدد أبعادها وأسباب حدوثها، بغض النظر عن صاحب المشكلة أو محدثها بهدف تصحيح الخطأ على أساس علمي لا بهدف التجريح والبروز الإعلامي وإرسال المسجات للأصدقاء طلباً للثناء على موقفنا الذي انحزنا فيه للرأي الشعبي، وإن كان لا يتناسب ومرحلة التحول الاقتصادي التي نريد.

ختاماً أود أن أذكر أن النقد الهادف هو بيان الجزئيات أو الجوانب التي اعتراها النقص بأسلوب موضوعي بعيد عن التشنج والانفعال، على أن يتم من خلال النقد عرض لأوجه إيجابية يمكن أن تكون بديلة لما حدد من خلل بأسلوب العلماء الذي يتمحور حول إظهار الحقيقة التي لا مراء فيها مدعمة بالأدلة والشواهد مع البعد عن التعصب بشتى صوره ( العلمية , الاجتماعية , الفكرية ) بدافع حب الخير و جلب المصلحة للمنقود ، والحيلولة دون وجود ثغرات تحول دون الوصول الغايات المنشودة، وفّقنا الله جميعاً للنقد الهادف البنّاء الذي يدفع مسيرة التنمية في بلادنا إلى الأمام.



alakil@hotmail.com
 

النقد الاقتصادي ومسيرة التنمية
د. عقيل محمد العقيل

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة