Saturday  16/10/2010 Issue 13897

السبت 08 ذو القعدة 1431  العدد  13897

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

بتنا نسمع بمزيد من أخبار الكوارث والزلازل والمحن التي تصيب بعض مناطق عالمنا، نتيجة التغير في المناخ واضطرابات الطقس، ومن الملفت أن نرى الدول الفقيرة في بنيتها الأساسية، هي في الغالب التي تتعرض لمآسٍ أعظم

وأجل عن تلك الدول المتقدمة في بنيتها الأساسية، رغم أن الطبيعة دون شك أقوى من أي تجهيز بشري مهما كان.

إن ما حل بجمهورية باكستان الإسلامية من أذى وأضرار في الأرواح والممتلكات جراء الفيضانات والسيول، والذي أدى إلى تشريد أكثر من ستة ملايين من الشعب المسلم، وإن كان قضاء وقدراً إلاهياً لا اعتراض عليه، إلا أن الله سبحانه وتعالى قد أنعم على الإنسان بالعقل والتدبر، وكان يمكن إذن تفادي كثير من هذه المخاطر لو وجهت وأديرت خطط التنمية نحو بناء البنى التحتية بشكل أفضل وأوليت الأهمية المستحقة عما سواها، ومع هذا فإن كانت جمهورية باكستان الإسلامية تعاني من فقر في تنمية الموارد وضعف الإيرادات مع زيادة في عدد السكان، فما هو عذر تلك الدول التي تنعم بموارد وإيرادات عالية وكثافة سكانية متواضعة؟ لاشك أن البنى الأساسية لأي مدينة في العالم هي أس قوامها وبنائها، ولا تشكل الزخرفة الجمالية على سطح هذه المدينة أو تلك إلا صورة بارزة وظاهرة لمدى الثقة والأمان والاطمئنان لدى أهل هذه المدينة لثوابت ورسوخ قواعد وأسس البنى التحتية التي تمتلكها مدينتهم، وإن تحدثنا عن مدننا الكبيرة فلابد من القول إن غالب شواهد إنجازاتها الظاهرة كالجسور والأنفاق والميادين وحتى أبراج الزجاج توحي بكثير من الثقة والاطمئنان، لولا أن تقلب الفصول وهطول الأمطار يمتص كثيرا من الإعجاب والتفاؤل، ويجعلها غير ذات أهمية مع ما يواجهه المواطن من أذى، جراء قصور الخدمات التحتية وهي الأهم وعجزها عن مواجهة الاحتمالات الطبيعية والمتوقعة باستمرار.

كما أن ضعف البنى التحتية للمدن لدينا ليس كل شيء، بل زيد عليه وأضيف عشوائية التخطيط وانتهازية الظروف من البعض ، وتم تجاوز المحاذير التضاريسية والتوقعات المناخية فصارت الأودية والشعاب أحياء وأزيلت الهضاب والتلال والجبال وسويت بالأرض لإنشاء المخططات العقارية، وكأن آخر ما يمكن التفكير به هو توفير الخدمات وخاصة الأساسية مثل تصريف السيول وشبكات الصرف الصحي، وفي العادة تسبق أبراج شركات الاتصال وخاصة المحمول تمديدات شبكات المياه وربما الكهرباء !.

وضع كهذا لا يمكن معه التفاجؤ أو الاندهاش من عدم القدرة على مواجهة الكوارث الطبيعية، وهي على كل حال طبيعية وليست في حاجة لاختراع أو اكتشاف ليكون الاستعداد لها إنجازا عبقريا، بل إنه أمر طبيعي أيضا، والأمر كذلك فإن المفاجئة والاندهاش يكون لاستمرار تجاهل أهمية البنى التحتية أو اعتبارها ترفا أو كمالية جمالية.

ونعلم أن غالبية مدن العالم التي نتعجب من جمالها وحيويتها، تمتلك في باطنها مدنا أخرى متكاملة من التجهيزات الأساسية، التي توفر الأمن والاطمئنان لمن هم على سطح هذه المدينة أو تلك وتأخذ من السطح كثيرا من مشاكله وتتقاسم معه خدمة المدينة وسكانها، فيما عدا مدننا التي استبدلت باطنها بالتمدد أفقيا، حتى غدت بعض المدن أشبه ما تكون بمنطقة صغيرة ذات مدن متفرقة، فتشتت الخدمات وتباعدت الأماكن وأصبح كل حي بمثابة مشكلة بحد ذاته يحتاج إلى إدارة وبناء وصيانة، وكل هذا وذاك زاد من إرهاق الموارد، واستنزفت المصروفات مخصصات المستقبل وجعلت ترميم الحاضر مقدما على مواجهة متطلبات المستقبل.

ولا أحد يجهل اهتمام خادم الحرمين الشريفين خاصة في توفير المبالغ الباهظة من الموازنة العامة لمواجهة حاجات الحاضر والمستقبل وحتى ترميم إنجاز الماضي، لكن الجهات التنفيذية بحاجة إلى علاجات جذرية وقوية ولا تحتمل التأجيل أو الانتظار، وإن كانت الأنانية وضعف الذمم من طبائع البشر ولا يخلو أي مجتمع منها منذ خلق الله أبو البشر آدم عليه الصلاة والسلام، إلا أن دول عصرنا الحاضر أنشأت المؤسسات الرقابية التي تتابع وتراقب وتحاسب، وبلادنا بفضل الله تملك مثل هذه المؤسسات وإن كانت بحاجة لتفعيل وتنشيط أكبر وأقوى، ومما يبعث على التفاؤل أن نرى الاهتمام الجدي من قيادة هذا الوطن في علاج هذه الظاهرة، كما أن التوجيه الكريم من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى سرعة إنجاز مشاريع البنى التحتية وتخصيص المبالغ اللازمة لتنفيذ ذلك يضع المسؤولية اليوم على عاتق الجهات الرقابية والخدمية المعنية بذلك، ليست إلا حكومية أو بتمويل حكومي، وكم سمعت من عتب لأصحاب رؤوس الأموال والتجار من عدم مساهمتهم في تمويل وإنشاء بعض المشاريع المكملة لما تقوم به الحكومة مباشرة أو عبر التمويل، وهو عتب في غير محله، فالقطاع الخاص حريص على أمواله واستثماراته، وهو يتردد ويتخوف من احتمالية هشاشة البنى التحتية التي لا تساعد في تقليل المخاطر على نسب الربحية لأي مشروع يمكن التفكير بإنشائه..

Hassan-alyemni@hotmail.com
 

تغير المناخ واستعداد البنى التحتية
حسن اليمني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة