Tuesday  19/10/2010 Issue 13900

الثلاثاء 11 ذو القعدة 1431  العدد  13900

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

كثيراً ما يشيد الناس بملامح أحبائهم المعجبين بهم، ويبالغون في مدح أشكالهم، ويذهبون لتشبيههم بالقمر! حتى ولو كانوا (الحمد لله على خلقته)! والسؤال الظريف: هل القمر بالفعل جميل، فاتن، جذاب، مشرق، بهي؟.. أوليس القمر في الواقع أجوف ومخادع حيث يعكس جمال غيره وضوءه وإشراقه؟!.

ومعروف أن القمر ليس مضيئاً بذاته بل هو يعكس نور الشمس. وحين نشبِّه من نحب بالقمر فكأننا نقول إنه جميل.. ولكنه أجوف، مخادع، سارق! وطالما كان كذلك فلِمَ لا يشبِّه الناس أحباءهم بالشمس؟.

ودعونا نقلب التشبيه ونغير الفكرة المعتادة لنقول إن الحبيب يشبه الشمس، ذلك النجم العظيم ذا الجاذبية القوية, مركز النظام الشمسي, هذا النظام الذي تعتبر أرضنا جزءاً منه. فإشعاعها وطاقتها هي المصدر الرئيس لكل أشكال الحياة الأرضية. والشمس بداية تكوين المنظومة الشمسية، كما هي مركز المجموعة التي تتكون من نجم واحد وهو الشمس، وتدور حولها كواكب تسعة بلا كلل، كما يحيط بها أكثر من مائة قمر، وعدد لا حصر له من الأجسام الصغيرة من الكويكبات والمذنبات. وتسبح كلها وسط الكواكب ويطلق عليه تجاوزاً الفضاء!.

ويكفي الشمس فخراً أنها مركز ونواة مجموعتها إذا علمنا أن الأرض ذرة مقارنة بالشمس، فما عسى أن يكون القمر بالنسبة للشمس؟ وهو التابع لها يدور حولها مثلما تفعل بقية الكواكب.

وتعد الشمس هي الأثقل لجاذبيتها القوية, وهي الأجمل بسطوعها وإشراقها وإيذانها للحياة بالعمل. وهي الأوفى لأنها تحرق نفسها لتدفئك بحرارتها، وتغمرك بحنانها، وتضيء عالمك بوهجها! فرغم ابتعادها عنك ملايين الأميال والسنوات الضوئية، إلا أنك تشعر بقربها وترى ضوءها وتحس بوجودها حين تمد جسدك بالصحة والدفء والارتواء، رغم قسوتها أحياناً! ثم أليست الشمس ترمز للعفة؟! حيث لم يرتقِ لكوكبها بشر، بخلاف القمر الذي صعد إليه رواد الفضاء، وأطلقت نحوه المركبات الفضائية فنقلت لنا أخباره وهتكت أستاره! فهي إذاً العفيفة الأبية السامية الخلق.

والشمس باهرة ساحرة حقاً، وخلابة، حيث لا يستطيع أحد قط التحديق فيها كالقمر حتى في حالة الكسوف، ومن ركَّز فيها نظره أصيبت عيناه بالعمى. والقمر بغيرته الشديدة هو المتسبب في حدوث الكسوف الشمسي بتوسطه بين الأرض والشمس, فيجعل القمر ظله يغطي جزءاً من الأرض ويحجب نور الشمس تماماً.. في حين يحلو إطلاق النظر للقمر والتمعن فيه عند أجمل مراحله واكتماله بدراً، بيد أنه ما يلبث أن تعافه النفس، وتزهد به، لأنه مزاجي متقلب، فهو حينا هلال يُجهد الناس بالبحث عنه لا لذاته ولا لكونه هدفاً؛ ولكن لارتباطه بالزمن، وحيناً آخر بدر يبالغ في إظهار حسنه! ثم ما يلبث أن يمل من الظهور اليومي والاستعراض ويفقد حماسه وعنفوانه وينسحب متحولاً إلى محاق فيحيل ليلنا سرمداً مخيفاً يسمح للحشرات بالانتشار ويبيح للصوص بالتجوال!.

والشمس صافية البشرة غير مصابة بالبثور التي نراها بالقمر، حتى لو برر الفلكيون بأن تلك البثور التي نراها على أديمه ما هي إلا الجبال والكثبان القمرية!.

فهل من العدل أن تظلم حبيبك وتشبهه بالقمر؟! أقصد أولئك الذين يحملون قلوباً، أما الذين استبدلوا قلوبهم بطوبة أو حفنة رمل فأحسن الله عزاءهم لأنه في هذه الحالة لا يهم تشبيههم أحباءهم بالقمر أو الشمس أو عطارد أو المريخ أو بمركبة فضائية نافعة. وأرجو أن يدعوا الزهرة بعيداً عن مشاعرهم.

وعلى أية حال؛ فإنني أعتذر لقسوتي على القمر، الذي كان يستغفل الناس ردحاً من الزمن ويسيطر على فكرهم بأنه الأجمل والأبهى!.. والآن هل بحياتك من يستحق أن يكون شمساً فيها؟ أو أن كلهم أقماراً؟!.

rogaia143@hotmail.com
 

المنشود
هل حبيبك شمس.. أو قمر..؟!
رقية سليمان الهويريني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة