Tuesday  19/10/2010 Issue 13900

الثلاثاء 11 ذو القعدة 1431  العدد  13900

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الاقتصادية

           

وصف الدكتور محمد الجاسر، محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي، مطلع الشهر الحالي، في مؤتمر صحفي عقد بمناسبة تسلم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز التقرير السنوي السادس والأربعين لمؤسسة النقد، معدل التضخم في المملكة بأنه «مقلق والمؤسسة تراقب أسبابه الداخلية والخارجية»؛ معالي المحافظ تحدث يوم أمس الأول لقناة «العربية» عن مستوى التضخم في السعودية، وأعرب عن «عدم قلقله من هذه المستويات».

لست مطلعا على خلفيات التصريحين المتضادين، وإن كنت أتمنى معرفة المتغيرات الاقتصادية التي أدت إلى نقل معدلات التضخم من حالة «القلق» إلى «عدم القلق» المفاجيء في أيام معدودات!.

بعيدا عن الحسابات، والمصطلحات الاقتصادية، فمعدلات التضخم الحالية مقلقة بكل ما تعنيه الكلمة، وانخفاضها من مستوياتها العليا لا يعني عودتها إلى المستويات المقبولة، فهي ما زالت أعلى بكثير من المعدلات الطبيعية. الاعتقاد بتغذية العوامل الخارجية للتضخم المحلي هو هروب إلى الأمام من أصل المشكلة، وبغض النظر عن مصادر التغذية، نعتقد أن السياستين المالية والنقدية، لهما تأثير مباشر في التضخم، مع إيماننا التام بتأثير العوامل الخارجية بدرجات متفاوتة. قد نقبل بتبرير «ارتفاع الأغذية عالميا»، وانعكاساتها محليا، ولكن ما الذي يبرر لنا أسباب ارتفاع الإيجارات والعقارات التي أسهمت في رفع تكاليف المعيشة بشكل لافت!. نحن لا نستورد العقارات من الخارج، ولا نستأجر شققا في مانهاتن، أو لندن بل الرياض، جدة، والجبيل وغيرها من مدن المملكة. من جهة أخرى فنسب ارتفاع المواد الغذائية عالميا تقل بكثير عن نسب ارتفاعها محليا، ولو أخذنا الغلاء العالمي كمعيار للقياس لوجدنا الكثير من الانحرافات القياسية في نسب الزيادة، وهو ما يُرجح وجهة النظر القائلة بمحلية الأسباب.

كانت تداعيات الأزمة الاقتصادية مدمرة على التجارة العالمية؛ انخفضت أسعار السلع بشكل مخيف، فتنافست الشركات العالمية على بيع منتجاتها بأبخس الأسعار واجتهدت في تقديم عروض تسويقية خيالية لحث المستهلكين على الشراء. الجميع شاهد عروض بعض الشركات البريطانية التسويقية؛ «إشتر سيارة واحصل على الأخرى مجانا». التقارير التلفزيونية كانت تتحدث عن تكدس بضائع المحال التجارية الرئيسة، وتهاوي الأسعار، ورغبة التجار بالبيع بأسعار زهيدة لضمان التدفقات النقدية. محطة CNN الإخبارية عرضت إبان الأزمة الاقتصادية تقريراً مصوراً عالمياً لأم فقيرة تبكي فرحا لتمكنها من شراء منزل العمر بمبلغ زهيد؛ «لم أكن أتوقع أن أشتري منزلا في حياتي، وقد فعلت؛ أنا وأطفالي سعداء بالأزمة فقد أنقذتنا من جشع الملاك». في تلك الحقبة كانت الأسعار في المملكة تُعانق مستوياتها العليا، وكذلك معدلات التضخم، واستمر التجار غير مكترثين بتداعيات الأزمة وانعكاساتها على الأسعار؛ وكلاء السيارات في السعودية الوحيدون الذين نجحوا في رفع الأسعار، أو المحافظة على تماسكها في أسوأ الظروف؛ تجار العقار مارسوا تجارتهم بإستقلالية تامة عن ما يحدث في العالم؛ تهاوي الشركات العقارية الدولية، وانخفاض الأسعار عالميا لم يكن يعني لهم شيئا، إلا المزيد من الأرباح والسيطرة. نجحوا في مضاعفة الأسعار، ورفع الإيجارات بمعزل عن «المؤثرات الخارجية» المُحبطة، والمدمرة لأركان الاقتصادات العالمية!. تُرى أين كانت المؤثرات الخارجية في ذلك الوقت؟.

الحديث عن الأسباب الخارجية للتضخم، وارتفاع الأسعار يُفترض أن يُؤخذ بِهِ في حالتي السلب والإيجاب، فتستفيد السوق السعودية من انخفاض الأسعار عالميا، وتتأثر سلبا بارتفاعها؛ كما هو الحال في جميع الأسواق الناضجة؛ ولكن أن يُفرض علينا تحمل غلاء المعيشة في الحالتين ف»تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى».

«النار ما تِحرِق إلا رِجلِ واطيها» وغلاء المعيشة يحرق قلوب الفقراء والمساكين ومحدودي الدخل قبل جيوبهم؛ لنبتعد عن معدلات التضخم، ومُسبباته الداخلية والخارجية، ولنراقب الغلاء بصورته الحقيقية المجردة من رتوش الاقتصاديين، وتحليل خبراء المال والنقد، فالمشهد العام مقلق وانخفاض الدخل يقابله غلاء في المعيشة، وقصوراً من قبل المؤسسات المعنية عن معالجة الوضع الاقتصادي العام، بمكوناته المختلفة. لا أحد ينفي وجود المؤثرات الخارجية على التضخم، إلا أنني أعتقد أن تغذية التضخم تأتي في الغالب من المؤثرات المحلية وعلى رأسها السياسة المالية المنفتحة.

f.albuainain@hotmail.com
 

مجداف
هل التضخم «مُقلق» أم «غير مُقلق» ؟
فضل بن سعد البوعينين

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة