Tuesday  19/10/2010 Issue 13900

الثلاثاء 11 ذو القعدة 1431  العدد  13900

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأخيــرة

           

ناقشت قبل أيام أحد المصابين بداء الثورية، والغضب من كل ما ليس إسلامياً في الأرض؛ يقول: (المسلم الذي لا يجاهد حتى تكون راية الله هي العليا أخشى عليه من النفاق). سألته: وهل بالإمكان في ظل المعاهدات الدولية، وتجريم (الغزو) دولياً يمكن لك أن تجاهد؟. قال: ألم تقرأ قوله صلى الله عليه وسلم: (من لم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات ميتة جاهلية)، ثم واصل: هل تريد منا أن نستكين لشرائع الكفار، ونترك شريعة الله؟.. الجهاد قائم إلى أن تقوم الساعة !

سألته: وماذا عن الرادع النووي ؟.. هل تستطيع - مثلاً - أن تغزو إسرائيل، ودعك من العالم الغربي الكافر، وتتجاهل السلاح النووي الذي يملكه الإسرائيليون؟.. فالغزو اليوم، واشتعال الحروب بين الأمم التي تملك السلاح النووي، يعني أن العالم سيتحول إلى (الفناء)، وسوف تختفي الحياة البشرية عن وجه الأرض؛ هذا إذا سلمنا بما تقول، وقررنا ذات يوم أن نغزو العالم الكافر عندما نمتلك السلاح النووي، تنفيذاً لمتطلبات جهاد الطلب كما كان يُسمى في الماضي.. فغر المسكين فاه، ولم يجد ما يجيب به.

مشكلة هؤلاء البسطاء، ضيقي الأفق، أنهم يأخذون النصوص، بل وحتى مقولات الفقهاء، دون وعي أو قراءة للواقع، ثم يعتبرون أن مقتضياتها يجب أن تطبق دون أي اعتبار للواقع؛ وأن الله ناصرهم إذا طبقوها لا محالة، حتى وإن خالفوا نواميس وموازين القوة والضعف. ودائماً ما يجد الحركيون في (الحل) الجهادي ملجأ يلجؤون إليه عندما يُسقط في أيديهم، فلا يَجدون مخرجاً من واقعهم المهترئ إلا برفع شعارات، وترديد مقولات، هي أقرب إلى الحلول الانتحارية منها إلى الحلول المنطقية لواقعهم المأساوي.

والسؤال الذي بودي أن يجيب عليه التربويون: لماذا لا نشرح لطلابنا في المرحلة المتوسطة والثانوية إذا كان لا بد من أن نحدثهم عن الجهاد، أن واقع السلاح، والقوة والضعف، والمواثيق والاتفاقيات الدولية، جعل الأمر يختلف عن ذي قبل ؛ فالغزو - مثلاً - أصبح (محرماً) دولياً حسب اتفاقيات الأمم المتحدة، كما أن السلاح النووي أصبح العالم يتسابق لاقتنائه، وأن ما هو موجود منه حتى اللحظة يكفي لأن يدمر العالم مئات المرات، ويبيد الحياة نهائياً من على كوكب الأرض؛ لذلك فإن جهاد الطلب بالمفهوم السلفي أصبح في ظل هذه المتغيرات ضرباً من الجنون؟

وأنا لا ألوم الإنسان البسيط إذا ردد مثل هذه العبارات، والمقولات المعلبة، لأنه شحن بها في البيت، وفي المدرسة، وفي أحاديث الوعاظ وخطبهم في المساجد، وفي وسائل الإعلام؛ حتى أضعفت موازينه العقلية، وقدرته على التمييز، واختلّت مقاييسه المنطقية؛ فأصبح يخاف حتى من أن يفكر فيها، كي لا يُتهم بالانحراف العقدي؛ فوجد في تغييب عقله الطمأنينة النفسية، فقرر أن يعيش بلا عقل ولا تفكير ولا أسئلة!

أعرفُ أن مقالي هذا سيُغضب كثيرين، وبالذات ممن يكرهون التفكير، وإعادة قراءة النصوص حسب مقتضيات الواقع ؛ غير أن نقاش مثل هذه القضايا أجد أنها في غاية الأهمية طالما أن هناك من يصر على أن يكون الجهاد ومفاهيم الجهاد قضاياً (حاضرة) في أذهان النشء؛ فلا يصقل العقل والمنطق، بل والإنسان، مثل أن يُواجه هذه الأسئلة ويُفكر فيها.

إلى اللقاء.





 

شيء من
جهاد الطلب مثل الرق لا علاقة له بعصرنا
محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة