Wednesday  20/10/2010 Issue 13901

الاربعاء 12 ذو القعدة 1431  العدد  13901

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

           

في الصيف الماضي كانت إجازة العائلة في لوس أنجلس.. وعند الاشتراك في كيبل التلفزيون طلبت من فني التركيب حجب القنوات الإسبانية والصينية والكورية والهندية وغيرها والإبقاء على القنوات الأمريكية فقط لكنه رفض.. فهو ممنوع من فعل الحجب.. وإذا أردت ذلك فعليَّ القيام به بنفسي.. فهذه المدينة حسب ما يقول قائمة على الأقليات.. والمفهوم السائد في المجتمع أن ذوبان الأقليات لا يعني إلغاؤها أو عدم الاعتراف بتنوعها واختلافها.. بل إن ذلك يفيد في إثراء ثقافة المدينة وعظمتها.. أدهشني ذلك الفني بموقفه.. وسألته: ألا ترى أن استمرار ارتباط الأقليات بلغاتهم وأديانهم وثقافاتهم يعني ضعف ولائهم لأمريكا وقيمها ومفاهيمها؟.. فكان رده: لماذا تعتبر الوعي العرقي والطائفي والثقافي في نقيض الوعي القومي؟.. أمريكا هي بلدهم اليوم وبلاد أبنائهم مستقبلاً.. فاستحييت على نفسي وسكت.

لقد تم زرع مفاهيم محددة في المجتمع الأمريكي لا تعتبر التعددية الثقافية ترسبات تاريخية وأمراضاً أيديولوجية يجب معالجتها ومحوها من الذاكرة.. بل يرونها مصدر قوة لأمريكا.. فأمريكا علمانية لكنها علمانية في مساواتها وتنظيم حياة مواطنيها.. وينظرون إلى القومية على أنها أنهار تصب في مصلحة مستقبل أمريكا التي هي مصلحة الجميع.. من هنا فإن اندماج القوميات يجب أن يكون طوعياً لا قسرياً.. وأن يكون ذوباناً لا صهراً حتى لا يعمل ذلك على إفساد النسيج الاجتماعي الوطني الأمريكي.

فالقانون الأمريكي يمنع التمييز المبني على الدين أو اللغة أو العرق أو القومية أو الجسدية.. أو أي تمييز آخر يقود إلى تهميش أي أقلية.. فهم يرون أن هذا سوف يقود إلى ردة فعل عكسية تؤدي إلى المزيد من التشبت بالخصوصية.. وهذا سيدفع أي أقلية إلى تبني خيارات واتجاهات تزيد من انفصالهم الشعوري والعملي عن المحيط العام.. فالوحدة الوطنية العملية لا تبنى على انتقاص وتجاهل حقوق الأقليات.

عظمة أمريكا قامت على حرية الاختيار.. وهذه لا تقوم على الإكراه في كل الأحوال والمجالات والمستويات.. إن اندماج الأقليات في مشروع الوطن وانضواءهم تحت لواء الوحدة الوطنية يتطلب إعطاء جميع الطوائف الحرية في ممارسة شعائرها وطقوسها الثقافية.. وسن النظام القانوني الذي يحفظ لها حق التعبير عن تاريخها الثقافي.. وفسح المجال أمام مساهمتها في الوعاء الثقافي الوطني القائم والمشاركة في صياغته والإضافة إليه وتطويره.. حيث وجدوا أن الحرية هي طريق الاندماج الطوعي.. فلا أحد يريد لهذه الأقليات الانكفاء والانعزال من أجل الدفاع عن ذاتها وخصوصيتها.. ولا أحد يريد إرساء الوحدة الوطنية على حساب إفناء التنوعات الداخلية.. ولا أحد يرغب في أن تتحول أمريكا إلى مرجل تنصهر فيه كل التفرعات الإنسانية.. بل إناء تذوب وتخلط فيه كل الأجناس فيشكلون جنساً وحضارة هي الأولى اليوم وإلى أ مد غير منظور.

لهذا تلقب مدينة لوس أنجلس بالإناء الذي يذوب فيه العالم.. وتسمى أمريكا بأرض الفرص.

 

أنت
ذوبان الأقليات.. لوس أنجلس أنموذجاً
م.عبد المحسن الماضي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة