Thursday  21/10/2010 Issue 13902

الخميس 13 ذو القعدة 1431  العدد  13902

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

مسيرة

 

د. شبكشي لـ «الجزيرة»:
تلك المرأة أجبرتني على سداد ديون وزارة الصحة

رجوع

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ألمانيا- حوار - عبدالله فهد أبا الجيش

بائع مثلّجات وطبيب ورجل دولة، مسيرة بناء وعطاء ممتزجة بالحب والوفاء ابتدأت فصولها في حارة المظلوم واستمرت حتى برلين، مدفوعة بعزم لا ينضب ونظرة لا تخيب.. ضيف (الجزيرة) طبيب بارع ودبلوماسي محنّك، ووزير بارع ومستشار مؤتمن، وزوج وفيٌّ وأب حنون وهو إمام وخطيب جمعة.. هذه الصفات مجتمعة لا تتجسّد إلاّ في شخص واحد وهو معالي الدكتور أسامة بن عبدالمجيد شبكشي سفير خادم الحرمين الشريفين في ألمانيا.

معالي السفير.. بداية هلاَّ حدثتمونا عن بداياتكم الأولى وعن حياتكم بحارة المظلوم كيف كانت؟

- عندما تطلب مني الحديث عن حياتي في جدة وبحارة المظلوم تحديداً فإنك ستنقلني عبر أكثر من نصف قرن لأتنقل من موقع إلى آخر لأسترجع عبق الماضي الذي عشته في مسقط رأسي فما زالت ذكريات حارة المظلوم بكل تفاصيلها ذات انطباع وشذى في النفس، تلك الأيام والليالي التي جبلتنا على التعاون والتآخي فمازالت تلك «الزانبيل» متدلية بين عيني لأهمّ بأخذها والذهاب بها إلى السوق لقضاء حوائج هذه العائلة أو تلك، ومازالت أحس بثقل ذلك اللوح الخشبي المغطى ببعض الأسماك والذي عجزت عن حمله لصغر سني الأمر الذي حال بيني وبين الذهاب به إلى الفرن، وبعد عودتي إلى منزلي فإذا بوالدتي تشدّني من أذني عقاباً لي لأنني لم أقم بالواجب نحو الجيران من خدمتهم وقضاء حوائجهم.. تلك أبرز الذكريات التي مازالت عالقة في ذهني حتى بلغت التاسعة من عمري.

في تلك الأيام بم كنت تحلم وما هي طموحاتك؟

- في تلك الأيام لم يكن طموحي ليتجاوز نجاحي من الثانوية العامة والتحاقي بالجامعة كأي طالب في تلك المرحلة ، ولكن حلماً مازال يراودني إلى الآن وهو الحلم الذي ولد معي منذ نعومة أظفاري وهو أن أكون طياراً حربياً ولكن (الأستيقمازيم) لم يسمح لي بذلك - وهو مرض يصيب العين - فأجبرني على تغيير حلمي لأحقق حلماً أكبر وأوسع منه وهو حلم والدي - رحمه الله - أن أكون طبيباً، فأخي الأكبر فوزي سبقني بمراحل في دراسته الجامعية في كلية الحقوق بجامعة القاهرة وأنا أصغر إخواني من بين أخ أكبر لي وفتاة توفّاها الله، فآثرت أن أحقق رغبة والدي لذلك توجهت حينئذ إلى كلية الطب في ألمانيا وها أنا أعود إليها الآن سفيراً.

ما سبب مكوثكم في المملكة بعد انتقال والديك إلى مصر؟

- إبان دراستي الثانوية العامة اضطر والدي لظروف خارجة عن إرادته إلى الانتقال إلى مصر مع والدتي عندها كنت بصدد الالتحاق بالثانوية العامة فكان لابد أن أبقى في مدينة جدة لإكمال دراستي في المدرسة التي كنت أدرس فيها.

هل كانت الواسطة هي سبب التحاق معاليكم بكلية الطب؟ حيث أن نسبتكم المئوية لم تكن تؤهلكم للدلوف بكلية الطب؟

- تخرّجت من الثانوية العامة بمعدل 78.5% وكان المعدل المطلوب آنذاك للحصول على بعثة لدراسة الطب 80% وهناك كتب كتبت عن ذلك فعندما لم يسعفني الحظ في أن أحظى ببعثة دراسية سافرت على حساب والدي - رحمه الله - مع أنه لم يتمكن من الحصول على الدعم المادي المطلوب لاستكمال مصاريف الدراسة بالرغم من محاولاتنا المتكررة لدى أصدقائه ومعارفه ، فأصيب بخيبة أمل وكان الحزن بادياً في عينيه فباع ساعته الذهبية الوحيدة التي يملكها بثلاثة آلاف ريال وسلمني المبلغ، وقال لي أرجو أن تكون عند حسن ظني يا بني فأقسمت إما أن أعود بالشهادة إما أن أعود أو أن أعود في تابوت فسافرت إلى ألمانيا وكنت أبلغ من العمر ستة عشر عاماً وعملت في الحقول وبائع آيس كريم وفي مصنع للغواصات وفي مصنع للبسكويت في فترات متفاوتة ما بين الرابعة فجراً والسابعة صباحاً لكي أحصل على قوت يومي، ومن غرائب الصدف أن من زاملني في هذه الأماكن من غير المسلمين كانت لي مواقف لا تنسى معهم، ومن تلك المواقف ما حصل في مصنع البسكويت حينها كان على عامل أن يقدم علبة بسكويت كاملة ليحصل على مارك واحد ألماني فكانوا يتفقون فيما بينهم أن يرمي أحدهم علبة كل يوم على شخص حتى يقتات طالبهم الذي هو أنا من ذلك البسكويت، أما في مصنع الغواصات فكانوا يأتون بساندويتشات علماً بأن الألمان من الناس الذين يأكلون لحم الخنزير فكانوا يتعمدون أن يأتي كل واحد منهم يأتي بساندويتش جبنة ليدعي أنه لا يريد الجبنة حتى يأكل طالبهم وهو الذي أنا، أي إن الإسلام كان متأصلاً في تصرفاتهم مع أنهم غير مسلمين.

هل أثر عملكم في هذه الأماكن على دراستكم؟

- كلا، فكل إنسان يجب عليه أن يجد ويجتهد لكي ينجح وأحمد الله إنني مررت بهذه المرحلة القاسية في مقتبل عمري كي أصقل إمكانياتي.

هل سبق أن واجهكم حوادث أثناء عملكم في هذه المصانع التي تحتاج للمتخصصين في العمل فيها؟

- نعم ففي معمل الغواصات كان صوت الضجيج عالياً جداً ولم يكن بمقدوري شراء الجهاز الذي يحمي أذني لذلك فقدت السمع في أذني اليسرى.

هل رافق التحاقكم بكلية الطب في ألمانيا أية أحداث؟

- هناك نظام ألماني يجبر الطالب الذي يأتي من الدول العربية يجب على الالتحاق بالسنة تحضيرية وهي عبارة عن إعادة الثانوية العامة لكن باللغة الألمانية وأحمد الله إنني اجتزتها بنجاح تام لأحقق المركز السادس من بين 2400 شخص ومن بين 200 شخص دخلوا كلية الطب في جامعة (كي) ، وأحمد الله أن مدرسيّ كان راضيناً عن مستواي التعليمي سواء في اللغة اللاتينية أو في الأحياء أو الكيمياء والفيزياء فاجتزت امتحاناتهم بسهولة نظراً لأنني درستها في المملكة من قبل، فكان ذلك سبباً لنجاحي بنسبة عالية جداً ولتأهيلي لدخول اختبار القبول في الجامعة اعتبرته الذي اجتزته بسهولة ولله والحمد، وكانت اللغة الألمانية من أصعب الأمور التي واجهتني هناك.

هل زاملك أحد من الجنسيةالسعودية؟

- كلا، كان هناك الكثير من الألمان في اختبارات التأهيل إضافة إلى بعض الجنسيات الأخرى.

هل كنتم تتوقعون أن تعودوا سفيراً لخادم الحرمين في هذه البلاد التي عملتم في أقل مهنها؟

- كلا لم يخطر بعقلي إنني سوف أصبح سفيراً حيث كل همي ذلك الوقت كان أن أحقق طموح والدي لأكون طبيباً.

ماهي أول وظيفة التحقتم بها بعد تخرجكم من كلية الطب بألمانيا؟

- أولاً كان هناك دَيْن يجب أن أسدده لوالدي فحينما عدت بشهادة البكالوريوس في الطب كان يوجد لدى والدي الملحق الثقافي الألماني الدكتور زماهر وكان يتحدث اللغة العربية وبالصدفة وجدته لدى والدي لأخبره عن نجاحي للحصول على شهادة البكالوريوس فعندما أعطيت والدي الشهادة أعطاها للدكتور زماهر ليخبره أن ابنه نجح في اختبار البكالوريوس، فإذا بالرجل يقف أجلالاً وتكريما فاستغرب والدي من ذلك ليسأل والدي الدكتور زماهر قائلاً: أتعلم على ماذا حصل ابنك فقال له نعم فقد نجح في اختبارات البكالوريوس فقال له كلا بل نجح بتفوق وهو الأول على الدفعة فكان هذا سداداً لدَيْن والدي والذي بكى فرحاً بذلك، وبعد ذلك أصر الشيخ حسن عبدالغني رحمه الله أن أكمل دراستي التخصصية في ألمانيا وألا أعود قبل أن أنهي دراستي وكان الأمل ذلك الحين يراودني أن أتوظف وبعد ذلك أبتعث إلاّ أن الشيخ حسن أصر على سفري فعدت أدراجي إلى ألمانيا لأكمل مرحلتي التخصص والدكتوراه قبل أن أعود لألتحق بكلية الطب في جامعة الملك عبدالعزيز.

كم كان عمر معاليكم عندما أتممتم مرحلة البكالوريوس؟

- عندما أنهيت مرحلة البكالوريوس كان عمري 25 سنة، وعندما عدت للعمل في جامعة الملك عبدالعزيز حيث لم يكن هناك من سبقني بالحصول على شهادة الدكتوراه الألمانية في الطب إلا الزميل الدكتور صالح الخويطر في الرياض فلم يعرفوا ماذا يعينوني وأخيراً وافقوا على أن يعينوني كمحاضر حتى تم تصحيح وضعي الوظيفي وذلك عن طريق لجنة معادلة الشهادات والتي كان يرأسها معالي الدكتور محمود سفر وكان في اللجنة عدد من الأساتذة الأجلاء من الجامعات السعودية حيث عدلوا شهادتنا وصححوا مسارنا فتحولت من محاضر إلى مدرس ثم أستاذ مساعد ومن ثم أصبحت أستاذاً مشاركاً حتى أراد الله أن أصبح أستاذاً في مجال تخصصي في أمراض الجهاز الهضمي، هذا في ما يختص بالمسيرة الأكاديمية، أما المسيرة الأكلينكية فلم يكن هناك مستشفى للجامعة آنذاك فالتحقت بمستشفى القوات المسلحة في محافظة جدة والذي كان يعرف باسم مستشفى الصواريخ وأراد الله عز وجل أن أكون مسئولاً عن تطوير خدمات قسم الجهاز الهضمي، حيث كان هناك طبيب أمريكي اسمه (تريبليت) مسئول عن القسم وكنت أتشاور معه بشأن تطوير قسم الجهاز الهضمي في المستشفى إلى أن افتتح المستشفى الجامعي المعروف بالبريب فاب حيث كان مجهزاً من الخشب فعملت به، وفي ليلة من ليالي رمضان المبارك كلفني معالي مدير الجامعة آنذاك الأستاذ الدكتور محمد عمر الزبير بأن أكون مشرفاً على المستشفى نظراً لبعض المشاكل المالية التي ألمت بالمستشفى بعدها عينت وكيلاً للكلية لشئون المستشفى وبعد ذلك انتخبت عميداً لكلية الطب على فترتين متتاليتين وبعد انتهاء فترة العمادة أراد ولي الأمر أن أصبح وكيلاً للجامعة للدراسات العليا ثم مديراً للجامعة.

كيف علمتم بنبأ تعيين معاليكم وزيراً؟

- فوجئت بأن معالي الأستاذ ابراهيم العنقري رحمه الله قد طلبني في مكتبه بالديوان الملكي آنذاك ليخبرني بثقة ولاة الأمر يحفظهم الله في أن يشرفوني بأن أكون وزيراً للصحة فأصبت بذهول ورهبة حيث إن مهام وزارة الصحة كبيرة وكبيرة وكبيرة وجسيمة في الوقت ذاته.

صدر في فترة تولي معاليكم لوزارة الصحة برنامج الضمان الصحي فما هي الرؤية التي خرجت منها فكرة البرنامج؟

- أولاً لاحظت خلال السنتين الأوليتين خلال عملي في وزارة الصحة أن هنالك تفاوتاً كبيراً بين إمكانيات الوزارة وما نطمح لتحقيقه من شملول جميع الفئات بالخدمات الصحية المرموقة فمهما حاولت الدولة أن تقدم من خلال الدعم المادي فسوف يكون هناك نوع من عدم وضوح الرؤية، لا سيما أن الدول التي أغنى منا بكثير مثل الولايات المتحدة الأمريكية أو ألمانيا أو أوروبا الغربية أو فرنسا وغيرها من الدول جميعها تأخذ بالنظام الصحي لعدة أسباب أولها التغطية المادية المطلوبة، ثانياً عدم سوء استخدام المرافق الصحية، ثالثاً عدم إهدار أموال الدولة في الأدوية التي تؤخذ وترمى على قارعة الطريق وعدم تكرار عمل فحوصات مخبرية وأشعة لا داعي لها وهلم جرا، فمن ذلك المنطلق كان الهدف من إيجاد الضمان صحي، حيث شكلنا قرابة تسع لجان وبها ما بين ثمانين أستاذا من بين جامعي وتعليمي وأكاديمي للنظر في كيفية إيجاد الضمان الصحي حيث قاموا بدراسة مستفيضة على مستوى العالم الغربي لمعرفة أي الضمانات الصحية والشركات الموجودة أفضل إلى أن توصلنا إلى نهاية المطاف على ما اقترحناه على المقام السامي الكريم والغرض من ذلك كله تقديم أفضل الخدمات الصحية للمواطن والمقيم دون إرهاق ميزانية الدولة وقد استغرق العمل على هذا المشروع حوالي الأربع سنوات ما بين دراسة ثم رفع للمقام السامي للموافقة عليها.

هل يرى معاليكم أن الأهداف التي أنشئ من أجلها البرنامج تحققت؟

- أرجو ألا تنسى إنني بعيد عن وطني لمدة ست سنوات مما يصعب عليّ أن أقيّم البرنامج وكيف طبّق.

خلال حياتكم العلمية والعملية صادفتم الكثير من المواقف حدثنا عنها؟

- من أبرز المواقف التي صادفتني وهي التي لا تنسى عندما كنت مديرا لجامعة الملك عبدالعزيز حينما كلفت بإدارة الجامعة حيث شرفني خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله بأن أحضر إلى مكتبه بالديوان الملكي بجدة وكان ذلك في قصر السلام ويومها كنت مدعواً للعشاء لدى المرحوم له الأمير ماجد بن عبدالعزيز أمير منطقة مكة المكرمة على شرف وزير داخلية تونس وأثناء تواجدي هناك إذ بالهاتف يرن وكان الأمير ماجد يتحدث بالهاتف وينظر إليّ فلم أعرف لماذا كان ينظر إليّ فإذا به يخبرني أن أذهب لأخذ المكالمة من مكتب سموه لأحاط علماً بأن طويل العمر الملك فهد - رحمه الله - ينتظرني في مكتبه في الديوان الملكي فذهبت مهرولاً فإذا هو يبشرني بتعييني مديراً للجامعة فهذا الموقف لن أنساه، أما الموقف الثاني كوزير للصحة كنت في ليلة من أوائل ليالي رمضان المبارك ذهبت إلى خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - لأهنئه بحلول شهر رمضان المبارك فسألني ماذا تريد فأخبرته أنني أتيت للتهنئة، فسألني مرة أخرى ماذا تريد، فأخبرته بأن المستشفى الذي بناه جلالة المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود المعروف باسم الشميسي قد تهاوى وحبذا لو أن هناك دعماً مادياً لأنشئ جزءاً جديداً بالمستشفى فسألني ماذا تريد فكنت أفكر ماذا أطلب هل أطلب خمسة ملايين أو سبعة ملايين أو ثمانية ملايين فلم أعلم بماذا أجيبه فقلت له أنتم أكرم بأن أحدد مبلغاً، فإذا به - رحمه الله - يتبرع بمائة وثمانين مليون ريال استفاد منه المستشفى في بناء العنابر وتحديثها فوحدة العناية المركزة أصبح بها اثنان وأربعون سريراً وفي برج بني حديثاً بالمستشفى بناءً على ذلك وكل ذلك من أموال المرحوم الملك فهد بن عبدالعزيز - طيب الله ثراه -، أما الموقف الثالث فعندما حضرت لألمانيا في أول أسبوع لي كنت متضايقاً من الوحدة والانتقال من الجو الدافئ إلى الجو الغائم في ألمانيا فذهبت لتقديم أوراق اعتمادي إلى رئيس الدولة وعندما وصلت إلى هناك فإذا بالمسئول عن المراسم يقابلني ويضحك فقلت في نفسي لعله يستلطفني فإذا به يضحك مرة أخرى ولكن بصوت عال، فقلت لعله يمازحني وإذا به يطبطب على ظهري فاستغربت من الموقف فسألته ماذا تفعل فقال لي ألم تعرفني فقلت كلا فقال لي أنا زمليك الذي كنت أدرس معك في الجامعة فعندما كنت أنت تدرس الطب كنت أنا أدرس القانون فانفرجت أساريري وخفّت عني الوحدة.

هل ستعود يوماً إلى عيادتك أو إلى قاعات التدريس؟

- أولاً لم تنقطع علاقتي بالوزارة فلازالت علاقتي بها وثيقة وهناك اتصال مباشر بيني وبين معالي الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة وزير الصحة الحالي الذي أرجو له التوفيق في عمله، وأحاول من مكاني هذا أن أخدم الوزارة سواء في ما يخص قبول الأطباء للدراسات العليا أو التخصصية أو في علاج المرضى، وذلك من منطلق الولاء والانتماء لكلٍ من جامعتي جامعة الملك عبدالعزيز ووزارة التعليم العالي ووزارة الصحة، حيث إنني كنت أقتات راتبي من هذه الجهات الثلاث وواجب الرجل أن يوفي الدَّين الذي عليه ولازلت أعمل كطبيب في ألمانيا، حيث إنني تخرجت من الجامعات الألمانية وحصلت على الشهادة الألمانية ولديّ شهادة نقابة الأطباء الألمانية فلازلت أعمل كطبيب، إضافة إلى ذلك هناك الكثير من المرضى السعوديين الذين يحضرون إلى ألمانيا أو الذين يبعثون بتقاريرهم الطبية فأقيّمها وأناقش حالتها مع زملائي الألمان في التخصصات المختلفة أنا شخصياً وأحيلها إلى الزملاء المختصين كلٌ على حسب تخصصه، كما أنني أذهب مرتين أسبوعياً للمستشفى الجامعي في برلين وأعمل مع زملائي في مجال تخصصي على المرضى السعوديين.

كان معاليكم عضواً في مجلس الوزراء لمدة ثماني سنوات فكيف يدار الحديث في المجلس وكيف يصل صنّاع القرار إلى القرارات؟

- في مجلس الوزاء هنالك حديث يتم قبل المجلس ثم حديث في المجلس وحديث بعد المجلس، أما الحديث الذي قبل المجلس فيكون الوزراء مشغولين بالاستعداد لمناقشة المواضيع التي سوف تطرح في المجلس وخلال المجلس يتم هنالك مناقشات حرة وصريحة مع ولاة الأمر ثم يتم اتخاذ القرار بالتصويت.

كيف كانت يوميات د. شبكشي عندما كان وزيراً للصحة؟

- كانت الاجتماعات أسبوعية مع الوكلاء والوكلاء المساعدين وكان توزيع العمل يتم عن طريق مكتب الوزير لوكلاء الوزارة والوكلاء المساعدين ولمدراء العموم ومدراء المناطق بحيث يعود في آخر الأمر القرار للجهات الطرفية في اتخاذ الأمر المناسب، ومن الناحية المادية كانت الوزارة مدينة بثمانية مليارات ريال للقطاعين العام والخاص، وكان هناك خمسة وثمانون ألف ملف مالي لم يسدد، وأذكر أنه في أحد الأيام كنت في الخرج في مستشفى الملك خالد وإذا بامرأة ملتفة بعباءتها تهرول خلفي يمنة ويسرة فاستغربت وقبل خروجي من قسم الطوارئ فإذا بها تمسكني بجلباب ثوبي وتقول لي يا ولدي لي لديكم دَين فسألتها ما هو هذا الدَّين فقالت لي لديكم تسعة آلاف ريال حيث إن زوجي قد توفاه الله من ثماني سنوات ولا زلت ألهث خلف ذلك المال فجلست على الأرض وبكيت متذكراً مقولة عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما قال (والله لو أن شاة تعثّرت في العراق لخفت أن يسألني الله عنها لم تعبد لها الطريق يا عمر) فأقسمت أن أسدد الديون التي على الوزارة قبل أن تنتهي فترتي ويشاء الله إنه في الأسبوع نفسه يأتيني مندوب شركة بريطانية للشاش وكان بيننا وبين الحج بضعة أيام فقط فنظر إليّ نظرة استهزاء وقال ندفع لكم لن ندفع لكم أي شيء حتى تسددوا ما عليكم من دَين فأخبرته أن موسم الحج على الأبواب وأنا في حاجة ماسة للمواد الأساسية فنظر إلي مرة أخرى مستهزئاً وقال إلى أن تدفعوا ما عليكم لن نقوم بتأمين الشاش لكم، وكان قد حضر إلي خصيصا من دبي ليلقي عليّ محاضرة عن سبب عدم سداد الدَّين الذي بلغ ثلاثين مليون ريال آنذاك، فأقسمت مرة أخرى أنه يجب عليّ أن أسدد ذلك الدَّين، وهنا لا بد لي أن أرفع أسمى آيات الشكر والتقدير لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي حرص عندما كان ولياً للعهد أن يساعدني في سداد تلك الديون وذلك باقتطاع بعض المبالغ من جهات أخرى مع الحزم الذي اتخذناه في الوزارة بحيث تمكنا على مدى أربع سنوات من سداد كامل الديون والتي بلغت ثمانية آلاف مليون ريال، حضر بعدها مندوب تلك الشركة سعياً في الحصول على مناقصة فنظرت له شاكراً وقلت له قد فات الأوان.

قبل أن يعفى معاليكم من وزارة الصحة هل كنتم تطمحون بفترة أخرى أم أن الفترة السابقة كانت كافية لمعاليكم؟

- أنا أولاً لم أعف بل انتهت فترة تكليفي وهي ثماني سنوات وعندما تنتهي فترة تكليف الوزير لولي الأمر الحق إما أن يجدد أو أن ينهي، فولي الأمر أراد أن ينهي فترة تكليفي من وزارة الصحة، إلا أن ولي الأمر حفظه الله أتخذ قراره بتعييني مستشاراً خاصاً لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - فانتقلت من وزارة الصحة إلى الديوان الملكي.

ألزمت الحكومة الألمانية المواطنين السعوديين بضرورة الحصول على الفيزا من السفارة بالرياض بدلاً من حصول عليها من إحدى دول الاتحاد الأوروبي فهل يوجد مساع لحل هذه العقبة؟

- هنالك محاولات مستميتة وأنا في طريقي في القريب العاجل للسفر إلى ولاية بباريا لمقابلة حاكم الولاية ومقابلة مدير مطار بباريا ومقابلة رئيس الحدود في بباريا لكي نتناقش في كيفية إيجاد الحلول المثلى لا سيما وأن مطار بباريا هو المطار الذي التي تأتي عليه أغلب الحالات وقد نسقت مع رئيس البروتوكول في ولاية بباريا بشأن هذا الأمر ووعدني أنه سوف يحدد موعداً لمقابلة الشخصيات التي سبق ذكرها.

تعيش المملكة في هذا العهد الزاهر نهضة اقتصادية وحضارية فهل لألمانيا نصيب من هذه الطفرة الاقتصادية؟

- نعم هناك خط السكة الحديدي التي تبنيه الشركات الألمانية لسمنس وشركة القطارات الألمانية وهناك مشروع الحدود بين المملكة العربية السعودية شمالاً مع العراق وجنوباً مع اليمن تقوم به شركة ألمانية وهنالك مشروع متعلق بتدريب قوات حرس الحدود تقوم به الحكومة الألمانية وهنالك برنامج تطوير متعلق بجتي ست تقوم به الحكومة الألمانية، وهناك العديد من المشاريع التي تساهم فيها ألمانيا، إضافة إلى استثمار ألمانيا بحوالي نصف مليار يورو أي ملياران ونصف المليار ريال سعودي في مشاريع إنمائية ألمانية داخل المملكة العربية السعودية.

في عام 2006 وقّع صاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل نائب الرئيس العام لرعاية الشباب عدداً من المشاريع الرياضية مع الجهات الألمانية فما هو دور السفارة من خلال متابعة هذه المشاريع؟

- حينما وقّع صاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل هذه الاتفاقيات حظيت بأن أكون مع معيّة سموه وحينما يحضر سفير الدولة المعنية بذلك يدل ذلك دلالة تامة على اهتمام المملكة حكومة وسفارة بهذه الاتفاقيات ولأنّ هناك حديثاً حالياً بين كل من فريق بيار ميونخ الألماني والاتحاد العام لكرة القدم السعودي لإمكانية تطوير كرة القدم السعودية عن طريق فريق بيار ميونخ، أما النقاشات الفنية البحتة فليس للسفارة علاقة بها ولكن السفارة تشرف على هذه المشاريع فيما يختص باستكمال المتطلّبات ومتابعتها.

حرصتم على توفير أكبر عدد من المقاعد لدراسة الطب للطلاب السعوديين، هل واجهكم أية عقبات؟

- عندما وصلت إلى برلين كان عدد الطلبة المبتعثين مئة وستة وثمانين والعدد يبلغ الآن خمسمائة واثنين وستين إضافة إلى ذلك الآن أنا في صدد استكمال قبول ثمانين طالباً وطالبة يدرسون الطب في ألمانيا في المستشفيات التعليمية الجامعية في برلين وفي آخن، إضافة إلى ذلك هناك احتمالية لتوقيع اتفاقية لقبول خمسين طبيباً للتخصصات العليا في ألمانيا إن شاء الله هذه لوحدها مئة وثلاثون طالباً وطالبة سوف يدرسون الطب في ألمانيا في غضون الأيام القليلة القادمة مما يدل على أن العدد يتنامى، لكن لكي يتم هذا أقوم بزيارات إلى جميع الجامعات الألمانية والالتقاء بعمداء الكليات فيها لشرح وضع المملكة العربية السعودية الذي يخفى عن الجميع ليعلموا أن المستوى الطبي والمهني لطلابنا متميز وأن هؤلاء الطلبة سوف يكونون خير سفراء لبلادهم.

هل هناك نية لتوسعة الملحقية؟

- الملحقية الثقافية في ألمانيا بها من الرجال وعلى رأسهم الأستاذ الدكتور فهد الحبيب من خيرة الرجال خلقاً وعملاً وعلماً والتزاماً وعدد الطلاب لايزال قليلاً مقارنة بدول أخرى كالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا لذلك لا ضير في أن يستمر العمل كما هو حتى يزداد عدد الطلاب في ألمانيا إلى عدد يفوق الثلاثة أو الأربعة آلاف، آنذاك وزارة التعليم العالي سوف تفكر بفصل الملحقية في ألمانيا عن بقية الدول.

سئلت حرمكم المصون الدكتورة هيفاء اليافي من يتنافس في المناصب أكثر أنت أم هي فأجابت أنكم تتنافسون في من يحب الثاني أكثر فهل ما زالت هذه المنافسة قائمة؟

- ولله الحمد.

ماذا يقول معاليكم عن أم عبدالمجيد؟

- (دموع عينيه تجيب قبل لسانه ويسكت برهة).. ثم يردف قائلاً: أقول جزاها الله خيراً وبيّض الله وجهها فهذه السيدة الفاضلة لها الفضل الكبير في أن تحافظ على عش الزوجية وأن تكون واحة لزوجها فالذي تقوم به يفوق ما أستطيع أن أردّ عليها فيه ولكن أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجزيها عني خير الجزاء وأن يحفظها ويرعاها.

معاليكم أنتم تعرفون أن الدكتورة هيفاء اليافي منذ أن كانت تعيش في منزل والدكم في مصر منذ أن كنتم صغاراً...؟

- ولا زلنا صغاراً.

لديكم من الأبناء عبدالمجيد - رحمه الله - ومايا فماذا عن الأحفاد؟

- مايا ولله الحمد أنجبت لنا أحفاداً: طلال وتالة وزوجها ابن لنا الدكتور هيثم جمجوم.

سئل معاليكم عندما كنتم وزيراً عن قدرتكم على تحمل المزيد من المسئولية فأجبت بنعم فهل يستطيع معاليكم أن يتحمل المزيد من المسئولية وقد أصبحتم جداً؟

- إذا أراد الرحمن وحافظت على صحتي فأنا خادم لهذا الوطن أينما كنت.

***

أسامة شبكشي في سطور

أسامة بن عبد المجيد شبكشي ولد في مكة المكرمة عام 1943م أعاد دراسة الثانوية العامة في مدرسة كيل بألمانيا الغربية. استحق شهادة البكالوريوس في الطب من جامعة ايرلنجن الألمانية، وحصل على درجتي دكتوراه، الأولى في الطب عام 1974م، والأخرى في الفلسفة «باريت سايندروم» عام 1976م من الجامعة ذاتها، وفي نفس العام منحه مستشفى ليونبرج التعليمي درجة التخصص في أمراض الباطنة، وشهادة فاخ آرتز. عمل طبيباً مقيماً بنفس المستشفى وفي القسم الطبي بريهاو، ويحمل ترخيصاً بممارسة الطب في ألمانيا الغربية ومن حكومة بافاريا. اكتسب خبرات سريرية «إكلينيكية» في الداخل والخارج، تدرج في وظائف أكاديمية وزاول أنشطة إدارية في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة، إلى أن تولى عمادة كلية الطب والعلوم الطبية، فوكيلاً للدراسات العليا والبحث العلمي في يناير (كانون الثاني) 1991م، ثم مديراً للجامعة في ديسمبر (كانون الأول) 1993م، وفي أغسطس (آب) 1995م صدر مرسوم ملكي بتعيينه وزيراً للصحة. شارك في مؤتمرات وحلقات دراسية محلية ودولية، وله بحوث قبلت في ندوات وأجيز العديد منها للنشر في إصدارات طبية. أشرف على إعداد رسالة دكتوراه في جامعة تولين عام 1985م، وعلى درجتي ماجستير في كلية العلوم في جامعة الملك عبد العزيز في عامي 1989م - 1994م.

يعمل حالياً سفيراً لخادم الحرمين الشريفين في ألمانيا.







 

رجوع

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة