Friday  22/10/2010 Issue 13903

الجمعة 14 ذو القعدة 1431  العدد  13903

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

السيدة ميركل المستشارة الألمانية، أوضحت أن بناء مجتمع مختلف الثقافات في ألمانيا غير ممكن، ولذا فلابد من الاندماج وتبني القيم المسيحية، والواقع أنها مقولة تحتاج إلى الوقوف عندها ملياً، فالشعب الألماني شعب متفتح يمكنه التعايش مع الثقافات الأخرى، إذا ما كان الإعلام منصفاً ومتبنياً إمكانية ذلك، غير أنه ليس ممكناً إذا ما كان الإعلام يسير في خط مغاير.

والقيم المسيحية لا تختلف عن القيم التي يتبناها المسلمون وغيرهم من أصحاب الثقافات الأخرى فالكتب المقدسة جميعها من عند الله وتحمل ذات القيم والأخلاق التي تدعو إلى السلام والمحبة ونشر الفضيلة، ولذا فليس هناك ما يدعو إلى الحكم بأن المجتمع الألماني غير قابل لثقافات لا تختلف عن ثقافته في الأساس وإنما تختلف عنه في أسلوب التطبيق.

المشكلة لدى كثير من الناس هي العجلة في الحكم على الإسلام من خلال ممارسات ربما تكون محدودة من قبل بعض ممن يقطن معهم، وربما أنهم لم يدرسوا تلك الثقافات بدرجة أكبر، ومقدار أكثر حتى يمكنهم الحكم من منظار البصير بظاهر الأمور وباطنها.

تلك الثقافات الوافدة إلى ألمانيا ومن ضمنها الإسلام لم تكن واحدة في موطنها الأصلي وإنما هي مختلفة المشارب، ولكنها تتوحد في المفهوم فيما بينها كما هو توحدها مع غيرها من الأديان الأخرى بما فيها المسيحية.

ولذا فإن الأمر سيكون ممكناً لو تم تصحيح المسارات المتطرفة في الثقافة الألمانية وتلك الموجودة في الثقافات الأخرى حتى يمكن للعالم أن ينفتح ثقافياً مثلما تحق من انفتاح اقتصادي عندما كانت الرغبة سائدة، والمصلحة قائمة، وعندما يدرك المرء أن من المصلحة أن تكون هناك ثقافات متعددة، لابد للإنسان أن يعيش عيشة أفضل في أفق أرحب، وفضاء عالمي أوسع، يسهل عليه التغلب على الكثير من العقبات والمشاكل التي ربما يكون هو ذاته أحد صانعيها.

عندما تخرج النظريات الإنسانية في العالم أجمع من المستوى القطري إلى الأفق العالمي الرحب سيكون البشر جميعاً قادرين على التعاون معاً في لجم مسببات النزاع ومن ثم الانصراف إلى خدمة البشرية في المجال العلمي والتقني والطبي والتخفيف من أثر الكوارث، والأخذ بيد الفقراء والمعوزين والمحتاجين إلى العون من البشر.

والمنطلق الإنساني لابد له أن ينبثق من الأخذ بيد المحتاجين إلى تعليم قيم الإنتاج والانضباط وحسن إدارة الرجال والثروة، وصرفها في أوجهها الصحيحة، وهذا نهج يحتاج إلى كثير من الجهد والصبر والاتفاق العالمي على تحقيق عالم أكثر نجاحاً في المفاهيم والقيم، ومن ثم التعايش وبناء مجتمع عالمي مختلف الثقافات يمكنه أن يتوزع هنا وهناك دون عناء، مستمداً كل ذلك من قيم أرستها الكتب السماوية التي أنزلها على رسله فحملوها بأمانة إلى بني البشر على مراحل متعاقبة من الزمن.

كما أنه لا يمكننا أن ننسى بعض المفاهيم والقيم التي كتبها بعض المفكرين والفلاسفة والتي تتفق في كثير من مضامينها مع تلك المفاهيم والقيم التي نجدها بين طيات صفحات الكتب السماوية، كما هو الحال عند البوذية والطاوية والكونفشيوسية.

العالم أوسع بكثير مما يمكن للمرء أن يتصور، والإنسان هو أساس ذلك العالم ولابد له أن يكون يداً واحدة في استثمار ما حباه الله من موارد طبيعية خلقها الباري عز وجل لعبادته، ولخدمة الإنسان، هذا المخلوق الذي فضله الله على المخلوقات الأخرى بالعقل والتمييز والقدرة على إدراك الكثير من المنافع. فلعله يستخدم عقله في ذلك المسار لتنعم البشرية بالخير العميم.

 

نوازع
عالم بقيم إنسانية
د. محمد بن عبد الرحمن البشر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة